توقع خبراء أمنيون غربيون تأثر تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب العربي» على المدى القصير في حالة تأكد مصرع المتشدد الجزائري مختار بلمختار في الغارة الأميركية على ليبيا.

كما توقع الخبراء أن «مقتل بلمختار قد يثير أيضًا المزيد من التنافس على الثروة المستمدة من تهريب الأسلحة والبشر» في شمال أفريقيا.

ونشرت وكالة «رويترز» تحليلًا مطولًا حول الغارة الأميركية على ليبيا والتي أعلنت الحكومة الموقتة أنها استهدفت المتشدد الجزائري مختار بلمختار وأدت إلى مقتله.

وتساءلت وكالة «رويترز»، اليوم الاثنين، في تحليلها: «هل الجهادي الجزائري الذي يوصف بأنه لا يمكن الإمساك به لتفاديه الاعتقال لعقود طويلة قد مات حقًا؟».

من هو بلمختار؟
وقال التحليل: «لم يؤكد المسؤولون الأميركيون حتى الآن الانباء التي أفادت بمقتل بلمختار في شرق ليبيا واكتفوا بالقول اليوم بأن الغارة التي نفذتها مقاتلة من طراز إف-15 كانت ناجحة على الأرجح، لكنهم لم يؤكدوا مقتله».

وأضاف التحليل: «الشكوك لها ما يبررها فقد أعلن عن موته (بلمختار) أكثر من مرة ثم ما يلبث أن يظهر على مواقع جهادية ليعلن المسؤولية عن هجمات جديدة».

وأشار تحليل وكالة «رويترز» إلى أن «حتى قبل أن تبدأ ليبيا في الانهيار كدولة كانت صحراؤها الجنوبية الطويلة التي يصعب السيطرة عليها بمثابة قاعدة لمقاتلي بلمختار عندما خططوا لهجوم عبر الحدود إلى الجزائر والذي استهدف حقل غاز إن اميناس العام 2013».

كما أشار التحليل إلى أن «التساؤلات المتعلقة بمصير بلمختار تتناسب مع رجل ولد في صحراء الجزائر وشب وسط صفوف الجهاديين خلال الحرب الأهلية التي شهدتها الجزائر في التسعينات وتمكن من البقاء على قيد الحياة وهو ملاحق ليصبح واحدًا من أشهر الرجال في دوائر المتشددين في الصحراء الكبرى».

وكان بلمختار عضوًا بتنظيم القاعدة في شمال أفريقيا، لكنه انشق ليكون جماعة متشددة خاصة به تسمى «الموقعون بالدماء». وشارك بلمختار في خطف عدة أجانب وفي صراع الانفصاليين في مالي كما أدار عمليات تهريب عبر الصحراء.

بلمختار الرجل الزئبقي
وقال مدير مساعد في المركز الدولي للسياسات الأمنية والدفاعية ومؤلف كتاب «الحرب الفرنسية على القاعدة في أفريقيا» كريس شيفيز إن «بلمختار هو واحد من أقدم الجهاديين بالمنطقة وأكثرهم نفوذًا حيث يمارس نشاطه منذ أكثر من عشر سنوات».

وأكد شيفيز عن الرجل الذي وصفته أجهزة المخابرات الفرنسية بأنه «لا يمكن الإمساك به» أن «روابطه الشخصية بقبائل المنطقة وخبرته ونفوذه عوامل مهمة للغاية لتماسك ونجاح جماعته الحالية»، وفقًا لـ«رويترز».

وسلك بلمختار طريقًا صعبًا إلى الجهاد؛ حيث هجر بلده ليقاتل في أفغانستان عندما كان في الـ19 من عمره وعاد إلى الجزائر في أوج تمرد المتشددين الإسلاميين. وكانت هذه البداية لعقدين من التشدد أولاً كعضو بـ«الجماعة الإسلامية المسلحة» بالجزائر خلال الحرب الأهلية في التسعينات ثم كشريك في تأسيس «الجماعة السلفية للدعوة والقتال». وانضوت جماعة بلمختار في وقت لاحق تحت لواء جناح القاعدة في شمال أفريقيا المعروف باسم «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي». وقاد بلمختار إحدى كتيبتين في تنظيم القاعدة على الحدود مع مالي.

رجل عصابات أم صاحب عقيدة؟
وانشق بلمختار في نهاية المطاف مع الزعيم الجزائري لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وأسس جماعته الخاصة به.

ويصف الخبراء بلمختار بأنه «أشبه برجال العصابات منه إلى أصحاب العقيدة إذ شارك في تهريب الأسلحة وعمليات تهريب أخرى».

ويقول خبراء أمنيون أنه إذا تأكدت وفاته فسوف تؤثر على فعالية جماعته على المدى القصير بسبب روابطه الشخصية في المنطقة رغم أن جماعته سيكون لديها عناصر أخرى مؤهلة جيدًا لإعادة بناء نفوذها.

وقال الخبير في شؤون شمال أفريقيا في مركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت جيوف بورتر «في كثير من الأحيان عندما تقطع رأس الأفعى تحل محلها واحدة أخرى أشد فتكًا». وأضاف: «بالتأكيد هذا الاحتمال قائم هنا ولا يوجد نقص في الجهاديين الطامحين الذين يتوقون على الأرجح لارتداء عباءة بلمختار».

الصراع على الثروة في خلافة بلمختار
وحذر كريس شيفيز من أن مقتل بلمختار قد تثير أيضًا المزيد من التنافس بين «العصابات الإجرامية خاصة على الثروة المستمدة من تهريب الأسلحة والمهاجرين، وقد يؤدي هذا إلى تشاحن وربما يدفع البعض إلى اللجوء لجماعات منافسة مثل تنظيم داعش».

وقال شيفيز: «إذا كان بلمختار قد مات بالفعل فإن جماعته التي تمارس نشاطها من مالي عبر ليبيا ستكون أقل فعالية وأقل خطرًا، ولكن هذا لا يعني زوالها. بل على النقيض فإن منها ما قد يبدي الآن رغبته في الانضمام إلى صفوف داعش».