قال مصدر دبلوماسي غربي في بروكسل، الخميس، لـ«بوابة الوسط»، إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري وقف بشكل شخصي ومباشر خلال إقامته في بروكسل طيلة اليومين الأخيرين على حقيقة وطبيعة المخاوف الأوروبية تجاه الوضع الليبي.

ووفق المصدر ذاته فإن مختلف المسؤولين الأوروبيين الذين التقاهم كيري فرضوا على برنامج لقاءاتهم الأزمة الليبية وبشكل لم يكن يتوقعه المسؤول الأميركي الكبير.

وأجرى كيري طوال اليومين الماضين محادثات شملت مختلف كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، على هامش مشاركته في دورة الخريف لوزراء خارجية الحلف والمؤتمر الدولي للتحالف ضد تنظيم «داعش».

وخلال آخر مؤتمر صحفي له في العاصمة البلجيكية قبل توجهه إلى مدينة بازل السويسرية، حيث يشارك في مؤتمر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أشار كيري مرتين إلى ليبيا أمام الصحفيين، وإلى أنها مثلت جزءًا حيويًا من محادثاته في أوروبا.

وانتزعت الأطراف الأوروبية، في حضور مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، موافقة كيري على بيان يهدد بتدابير مباشرة لمعيقي الحوار السياسي في ليبيا يتجاوز ما تم التلويح به حتى الآن.

دور محوري لفرنسا وإيطاليا
لعبت إيطاليا وفرنسا دورًا محوريًا في التوجه الجديد، وفق الدبلوماسيين، وهو الأمر الذي دفع المؤسسة العسكرية الأميركية في نفس الوقت الذي كان فيه كيري يخاطب المسؤولين الأوروبيين إلى الإعلان للمرة الأولى عن وجود معسكرات تدريب لـ«داعش» داخل ليبيا.

ورغم حديث البنتاغون عن انتشار محدود لـ«داعش» في ليبيا، فإنه يعكس إقرارًا بصحة ودقة المعلومات التي استلمتها الدول الأوروبية من أجهزتها الأمنية ومن أجهزة دول الجوار، وفق الدبلوماسيين.

وكان وزير الدفع الفرنسي جان إيف لوديريان أشار بوضوح لهذه المعسكرات، وتلته تصريحات ممثلة للمنسق الأوروبي لشؤون الإرهاب جيل ديكشروف، ووزير خارجية بلجيكا ديديه رايندرسن، الذي حذر علنًا من تلقي رعايا أوروبيين لتدريبات على يد «داعش» في ليبيا.

وقالت الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية، فدريكا موغيريني، في بيان نشره مكتبها، نهار الخميس بعد لقائها، مساء الأربعاء بكيري، إنها أبلغت المسؤول الأميركي بما سمته بـ«الوضع المثير للقلق الكبير» المخيم على ليبيا، كما حرصت موغيريني في نفس اليوم على إدراج الملف الليبي ضمن لقائها بوزير خارجية قطر.

قلق أوروبي
وقال مصدر أوروبي لـ«بوابة الوسط» إن موغيريني قررت إدراج الأزمة الليبية كمادة بحث مع جميع مخاطبيها من الشركاء. ولا يتحدث الدبلوماسيون عن ضغوط محددة ولكن يشيرون إلى أن القلق الأوروبي عام وشامل بشأن التدخلات في الشأن الليبي.

وكان وزير خارجية إيطاليا، باولو غنيتيلوني، أحد أكبر المدافعين داخل حلف الناتو طوال اليومين الأخيرين لتكثيف الجهود لحلحلة فعلية للأزمة الليبية، مشيرًا إلى أنها «جزء لا يتجزأ من اهتمامات أمن دول جنوب أوروبا».

ويرى الدبلوماسيون أن الأزمة الليبية تواجه ساعة الحقيقة بعد إقرار المجتمع الدولي بثقل وحقيقة العامل الإرهابي في المعادلة الليبية، وأن واشنطن لا يمكنها الاستمرار في التعامل بازدواجية مع «داعش» في العراق وسورية والمنظمات التي تدور في فلكها في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، إذا أرادت جرّ أوروبا بجدية نحو هزيمة تنظيم «داعش».

ويثير تقدم الجيش شرقًا كذلك الانطباع لدى أصحاب القرار الأوروبي بأن حلّ الأزمة في ليبيا يبدو أقل صعوبة، وأنه وإذا ما توفرت الليونة السياسية الضرورية لدى فرقاء الأزمة فإن كل شيء يصبح ممكنًا بعد 9 ديسمبر الجاري، تاريخ الجولة الجديدة من الحوار، حسب قول الدبلوماسي نفسه.

وتثير استراتيجية التردد التي ينتهجها مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، برناردينو ليون، في التعامل مع «الكيانات» السياسية المتناحرة شرقًا وغربًا في ليبيا بعض الغموض، ولكن هناك مراهنة على أن الاتصالات التي أجراها ليون في الكواليس حتى الآن قد تؤتي ثمارها.