Atwasat

سؤال حائر منذ 2014.. لماذا توقف فتح المقاصة المصرفية ومتى تعود؟

القاهرة - بوابة الوسط: علاء حموده السبت 04 سبتمبر 2021, 12:15 مساء
WTV_Frequency

رغم بوادر الانفراجة في العملية السياسية منذ مارس من العام الجاري، وما صاحبها من وعود بفتح المقاصة المصرفية بين مصارف المنطقتين الشرقية والغربية المجمدة منذ أعوام، لم يخرج القرار المعلن بفتح المقاصة من دائرة التصريحات والتعهدات الإعلامية، وبات مثار جدل بين المسائل الفنية والمصرفية وبين ما يصفه متابعون للشأن الليبي بـ«المكايدة السياسية».

في شهر أغسطس الماضي، تجددت الأمال بعودة غرفة المقاصة إلى العمل؛ إذ تحدثت مصادر مقربة من المجلس الرئاسي، عن اتفاق رئيس المجلس محمد المنفي ومحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير على إعادة فتحها في منتصف أغسطس الماضي، ورفع كل القيود عن قبول صكوك المقاصة بين المصارف وزيادة سقف السحب النقدي للسيولة، كما كانت المقاصة محور مناقشات أجراها رئيس حكومة الوحدة الوطنية ومحافظ مصرف المركزي، ولقاءات متكررة بين المركزي والمصارف التجارية، إلى أن بدأت المصارف الإعلان على صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي أنها تباشر عملية بيع النقد الأجنبي وبشروط ميَّسرة بعد تغذية حساباتها بمبلغ 10 مليارات دينار مؤخرًا.

رفع قيود المقاصة
لكن هذه التحركات والخطوات لم تُفلح في الوصول إلى حل حاسم لمشكلة المقاصة التي لا تزال قائمة؛ إذ وصفها المصرف المركزي بـ«الأزمة» عقب لقاء بين الكبير، ومديرين عامين لعدد من المصارف يوم 30 أغسطس، وجرى الاتفاق على سرعة إنهاء هذه المشكلة ورفع جميع القيود الموضوعة من قبل المصارف خصوصًا بعد ارتفاع أرصدتها لدى المصرف المركزي بشكل كبير، وقدرتها على الوفاء بطلبات عملائها من النقد الأجنبي، وفق البيان الذي لم يوضح تفاصيل أو آليات هذا الاتفاق.

والمقاصة هي نظام تسوية نقدية للديون بين المصارف التجارية يستند إلى مطالبات الأطراف المقابلة والتزاماتها. ومنذ انقسام المصرف المركزي في العام 2014 توقف العمل بالمقاصة بين المصارف في المنطقتين الشرقية والغربية، ما سبَّب مديونية كبيرة على فروع المصارف، خصوصًا في المنطقة الشرقية لكن مع بوادر الانفراجة في العملية السياسية منذ مارس من العام الجاري، تقرر فتح المقاصة مجددًا.

مطالب أممية بالفتح الفوري لغرفة المقاصة
وأمام هذا الجمود، دخلت الأمم المتحدة على خط الضغوط لحل هذه المشكلة، من خلال رسالة بعثها المنسق الأممي زيزدون زينينغا إلى محافظ المصرف المركزي في 18 أغسطس 2021، حيث أشار إلى مخاوف لجنة خبراء الاقتصاد الليبية من استمرار إغلاق «غرفة المقاصة بين المصارف»، منوهًا إلى «افتقار استراتيجية الإقراض إلى الاستدامة وفشلها في تحقيق نتائج ملموسة في توفير السيولة والحصول على العملة الصعبة».

رسالة منسق البعثة الأممية أشارت إلى مخاوف أعضاء لجنة خبراء الاقتصاد الليبية من إهمال الحكومة لمطالبات المسار الاقتصادي بالتنسيق والعمل على الأخذ بتوصيات السياسة الاقتصادية التي اقترحتها اللجنة. وحسب رسالة زينينغا، أوصت اللجنة بضرورة الفتح الفوري لغرفة المقاصة بين المصارف دون تأخير، مع إلغاء جميع القيود غير القانونية على بيع العملة الصعبة وتحقيق العدالة في توزيع مخصصات المصارف التجارية في جميع أنحاء العالم.

- في رسالة مسؤول أممي لـ«الكبير».. لجنة خبراء الاقتصاد تطالب بالفتح الفوري للمقاصة 
- الكبير يناقش أزمة المقاصة في اجتماع مع مديري عدد من المصارف
- «المركزي» في بنغازي يطالب المصارف بإصدار صكوك المقاصة الإلكترونية

هناك من يرى أن المشكلة فنية؛ إذ يقول عضو لجنة تعديل سعر الصرف بالمصرف المركزي مصباح العكاري، إن «حجم الأرصدة الموجودة في فرع المركزي بنغازي كان 52 مليار دينار، أُعطيت المصارف التجارية مقابلها في المركزي طرابلس 20 مليار دينار، والباقي 32 مليار تعتبر خارج عمل المصارف، اللهم في حدود ضيقة فيما يتعلق بسحب سيولة نقدية من المركزي بنغازي أو مقابل صكوك مقاصة». وأضاف في تدوينة عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «لم نعط تقييمًا حقيقيًا لعملية الطلب علي النقد الأجنبي بمصارف المنطقة الشرقية خلال الفترة الماضية لوجود هذا القيد». ونبَّه العكاري إلى خطورة استمرار السحب المفرط للسيولة من المصارف، محذرًا من استمرار تخزين وتكديس العملة في البيوت.

عُقدة انقسام «المركزي»
في المقابل، يربط محللون تعثر استئناف المقاصة باستمرار انقسام المصرف المركزي رغم توصيات تقرير المراجعة الدولية بضرورة توحيد فرعي المصرف، ورغم أجواء التفاؤل التي صاحبت لقاء الكبير ونائب محافظ المصرف المركزي، علي الحبري في يوليو الماضي؛ فإن هذا الأمل تبدد في الثامن من أغسطس، حين انتقد بيان حمل توقيع «مصرف ليبيا المركزي الإدارة العامة بنغازي» ما وصفه بـ«استمرار التعنت في إقفال المقاصة» و«تخصيص مبالغ «زهيدة» كسيولة نقدية للمصارف التجارية في المنطقة الشرقية»، داعيًا إلى تشكيل فرق عمل لإعادة توحيد المصرف المركزي.

وكانت العلاقة بين الكبير والحبري قد شهدت تقدمًا ملموسًا عقب لقائهما في الثامن من يوليو الماضي، بمقر المصرف بالعاصمة، خلال مراسم تسليم تقرير لجنة المراجعة الدولية الخاص بمراجعة حسابات فرعي المصرف في طرابلس والبيضاء، وهو اللقاء الذي تم لأول مرة منذ العام 2014 «في إطار الجهود المبذولة لتوحيد المصرف المركزي».

وتصاعد التوتر مع اتهامات منسوبة للكبير إلى مصرف التجارة بالمنطقة الشرقية بتمويل الإرهاب، وهو ما اعتبره الحبري «تعديًا واضحًا وصريحًا على أحد أهم البنوك في المنطقة الشرقية كفاءة وإدارة». أما مصرف التجارة فأعاد التذكير بأن استهدافه من المحافظ يرجع إلى العام 2015، حين أوقف عمليات النقد الأجنبي، بحجة اعتراضه على إنهاء اتفاقية الشراكة مع بنك قطر الوطني، التي تمت بإرادة وتوافق الطرفين. وتابع: «لما كانت هذه الحجة واهية لإيقاف عمليات النقد الأجنبي اتجه إلى الإدلاء أمام مجموعة نواب في طرابلس بمغالطات وبيانات غير صحيحة بأن مصرف التجارة والتنمية منح قرضًا بقيمة 6 مليارات دينار مباشرة للقوات المسلحة» وهو ما فنّدها المصرف في بيان حينها.

ولا يرى الخبير الاقتصادي محسن الدريجة مفرا من توحيد المصرف المركزي ومعالجة الدين العام المتراكم شرقًا وغربًا وحماية المصارف التي صرفت أموالها»، ويوضح أن «تقرير مراجعة مصرف ليبيا المركزي بيَّن بكل وضوح أن أرصدة المصارف التجارية لدى المصرف المركزي البيضاء تم استخدامها لتمويل الحكومة الموقتة بالبيضاء»، معتبرا أن: «الدعوة لفتح المقاصة تبين أنها دون أساس لأنه لا توجد أرصدة للخصم منها».

* لكن ما هي المقاصة؟.. وما هي المقاصة اليدوية والإلكترونية؟ وكيف تجرى عمليات التسوية النقدية في غرفها؟

* ماذا تعني المقاصة؟
هي نظام تسوية نقدية للديون بين المصارف التجارية يستند إلى مطالبات الأطراف المقابلة والتزاماتها.

* ما هي أنواع المقاصة؟
- هناك نوعان من الصكوك، الأول يدوي ورقي ليس به رمز مغناطيسي ويستغرق وقتًا طويلًا في المعاملة، والثاني إلكتروني برمز مغناطيسي وهو سريع المعاملة وينجز في اليوم نفسه أو حسب المدة المحددة من المصرف المركزي.

* ماذا تعني غرفة المقاصة؟
هي مؤسسة أو مكتب تابع للمصرف المركزي يتم فيها تسوية المعاملات المالية بين المصارف التجارية، دون الحاجة إلى عملية نقل الأموال فيما بينها مع كل معاملة مالية بحيث تكتفي بنقل الصافي، حتى يتم تسوية المراكز المالية للمصارف.

* متى خرجت إلى النور؟
يعود تاريخ تأسيس غرف المقاصة إلى العام 1636 على يد المستشار المالي الخاص لملك إنجلترا تشارلز الأول، ومبتكر مفهوم المصرف المركزي فيليب بورلاماشي، إلا أنها أخذت شكلها الحالي في سبعينيات القرن الثامن عشر.

* ما هي أشهر غرفة مقاصة عالميًا؟
تعتبر غرفة مقاصة لندن من أشهر وأهم المقاصات العالمية.

* كيف تجري عملية التقاص بين المصارف؟
يجتمع مندوب كل مصرف تجاري لتسوية الحساب مع نظرائه من المصارف الأخرى تحت إشراف المصرف المركزي، وذلك من خلال وضع الرصيد الدائن والمدين لكل مصرف، والوصول للمبلغ الصافي المتوجب دفعة أو قبضه، حتى يتم توازن الأرصدة فيما بين الجميع.
وفى حالة عدم وجود رصيد فى حساب أحد المصارف، يختم مندوب على ظهر الصك بأن الرصيد غير كافٍ بختم (المقاصة).

* لماذا المقاصة الإلكترونية؟
حديثًا أصبحت هناك غرف مقاصة إلكترونية، حيث تجري عملية تبادل المعلومات (والتي تشمل بيانات وصور ورموز الشيكات) بوسائل الكترونية من خلال مركز المقاصة الإلكترونية في المصرف المركزي وتحديد صافي الأرصدة الناتجة عن هذه العملية في وقت محدد، وهو ما يساهم في التوقف عن تداول الشيكات الورقية لغاية التقاص عند مرحلة إيداعها في البنوك، ومعرفة وضع البنك المالي في وقت محدد مسبقًا، وإمكانية الحصول على صور وبيانات عن الشيكات من خلال نظام المقاصة الإلكترونية بسرعة وسهولة.

* كيف ينظم مصرف ليبيا المركزي عملية المقاصة الإلكترونية؟
حدد المصرف المركزي في كتاب صادر العام 2018 قواعد نظام المقاصة الإلكترونية للصكوك،
إذ يعرف مخطط سير العمل للنظام جميع المراحل اللازمة لتبادل الصكوك بدءًا من المسح الضوئي للصك وإرسال صورته وبياناته إلى المصرف المسحوب عليه خلال الأوقات المعرفة على النظام لجلسة المقاصة.
وتتم عملية التبادل الكاملة للصكوك خلال نفس يوم العمل (0+T)، وذلك للصكوك التي قدمت قبل انتهاء فترة التقديم، أما الصكوك التي قًدمت بعد انتهاء فترة التقديم ستحصل في يوم العمل الثاني.
وتتلخص خطوات مخطط سير عمل النظام كما يلي:
1- تبدأ عملية التبادل بالمقاصة الصادرة في المصرف المقدم للصك، حيث يتم المسح الضوئي للصكوك وقراءة بيانات خط الترميز ومن ثم إرسالها إلى غرفة المقاصة.
2- تتولى غرفة المقاصة إرسال الصكوك إلى المصرف المسحوب عليه.
3- تبدأ عملية التبادل للصكوك الواردة بالمصرف المسحوب عليه.
4- يرسل المصرف المسحوب عليه رده بالموافقة أو الرفض إلى المصرف المقدم للصك من خلال غرفة المقاصة.
5 - تنتهي دورة المقاصة للصك عندما يرسل النظام صافي نتيجة المقاصة لجميع المشاركين لنظام التسوية الإجمالية الفورية، ويتم إضافة المبالغ النقدية إلى حسابات العمال لدى المصرف المقدم للصك.

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«وسط الخبر» يبحث عن إجابة: من المتسبب في الغلاء ونقص السيولة؟
«وسط الخبر» يبحث عن إجابة: من المتسبب في الغلاء ونقص السيولة؟
توصية من «داخلية الدبيبة» لرفع عقوبات دولية عن «الشرطة»
توصية من «داخلية الدبيبة» لرفع عقوبات دولية عن «الشرطة»
«هذا المساء» يناقش: هل تأتي حلول الاقتصاد الليبي من واشنطن؟
«هذا المساء» يناقش: هل تأتي حلول الاقتصاد الليبي من واشنطن؟
أول لقاء «معلن» بين ستيفاني خوري ومسؤول ليبي
أول لقاء «معلن» بين ستيفاني خوري ومسؤول ليبي
غانيون تبحث مع الباعور التوزيع الشفاف والعادل للموارد
غانيون تبحث مع الباعور التوزيع الشفاف والعادل للموارد
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم