تصاعد الجدل في إيطاليا بشأن تمويل سياسة الهجرة واللجوء، والحد من ثقلها على الموازنة العامة للدولة، في وقت تشهد فيه البلاد منافسة سياسية محمومة استعدادًا للانتخابات التشريعية، التي يخشى المراقبون أن تتمخض عن فوز اليمين القومي بها، والإطاحة بحكم الاشتراكيين الديمقراطيين القائم حاليًا في روما.

وتمثل أعباء الهجرة واللجوء في إيطاليا حاليًا ما يناهز أربعة مليارات وستمئة ألف يورو للموازنة العامة الحالية، وفق برنامج الميزانية المتداول، وهو مبلغ لا يمكن للحكومة الحالية توفيره، خاصة إذا ما أرادت الوفاء بمعايير الاندماج النقدي الأوروبي والحد من العجز العام للدولة.

وفي إطار هذا الجدل دعت جريدة (الجورنالي) والناطقة باسم حزب (فورتسا إيطاليا) أحد أكبر الأحزاب في البلاد، الأربعاء، أن يجري رفع تجميد الأموال الليبية في إيطاليا وفي مالطا وفي بريطانيا، والتي تعود إلى هيئة الاستثمارات الخارجية الليبية لتمول سياسة الهجرة القادمة من ليبيا.

الجورنالي: الأموال الليبية المجمدة تعتبر الكنز الثمين الذي خلفه القذافي، وجمعه على امتداد السنين

وقالت الصحيفة إن الأموال الليبية المجمدة تقدر رسميًا بـ67 مليار دولار، وإن إيطاليا تتحكم في ما لا يقل عن اثنين مليار ونصف كسندات اشترتها ليبيا في هذا المصرف، ويمكن الإفراج عنها لغرض تمويل أعباء الهجرة واللجوء.

وأضافت الجريدة أن ليبيا تملك استثمارات أخرى في قطاع الاتصالات والطاقة والبنى التحتية المختلفة في إيطاليا يمكن أيضًا الركون إليها.

وأوضحت (الجورنالي) أن الأموال الليبية المجمدة تعتبر «الكنز الثمين الذي خلفه القذافي، وجمعه على امتداد السنين»، وقامت الأمم المتحدة بتجميده وأن الركون إليه في ملف الهجرة لا يعتبر أمرًا مستحيلاً.

ونبهت إلى أن «عمليات تهريب البشر والتي يتردد رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج في التحكم فيها والسيطرة عليها، تدر أرباحًا تقدر بـ 300 مليون يورو لطرابلس، وفق تأكيدات قائد عملية صوفيا نفسه الأميرال كريدنتينو، وأن السراج لا يتردد مقابل ذلك في المطالبة بـ800 مليون يورو من إيطاليا والاتحاد الأوروبي لتأهيل خفر السواحل الليبيين».

ويرى الدبلوماسيون أن هذا التطور في موقف الأطراف الإيطالية يعتبر على درجة كبيرة من الأهمية، لأنه يفتح الباب للبحث عن خيارات غير معلنة حتى الآن، في التعامل مع المسألة الليبية، وفي وقت يواجه فيه الاتحاد الأوروبي طريقًا مسدودًا في إدارة الأزمة وضغوطًا كبيرة أيضًا لضبط موازناته العامة.

ولم يصدر أي تعليق في بروكسل على هذا الجدل الإيطالي، ولكن الأوساط الأوروبية باتت تعتقد أن صعوبة حلحلة الأزمة الليبية ربما سيجبر الأوروبيين الذي ينظمون بعد أيام فقط لقاء مع الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، على التفكير في خيارات أخرى أقل إيجابية لليبيين.