كشف رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السائح عن فحوى لقاء المفوضية الأخير في تونس، والموضوعات التي أنطوى عليها جدول الأعمال، لاسيما في مجالات التدريب والأنظمة الانتخابية ومراقبة الانتخابات.

منظمات المجتمع المدني في ليبيا تفتقر إلى الخبرة ولا يوجد قانون ينظم عملها حاليًا

وفي حوار لـ «الوسط»، أوضح السائح المنافسة بين الهيئة التي يتولى رئاستها ونظيرتها التونسية، مشيرًا إلى أن تعاطي منظمات المجتمع المدني في ليبيا مع العملية الانتخابية ما يزال يفتقر إلى الخبرة، ودعا النخب السياسية في بلاده إلى التخلي عن التناحر على السلطة والاحتكام إلى صناديق الاقتراع والعمل بموجبها.

وإلى نص الحوار:
● ما هو سبب تواجدكم في دولة تونس هذه الأيام؟
نتواجد في تونس الشقيقة على خلفية التواصل الذي جرى بين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، والمفوضية الوطنية للانتخابات في ليبيا، فهذا التواصل جرى على مدار سنوات منذ تأسيس الهيئتين في وقت متزامن، والحقيقية أن الهيئتين هما المستقلتان في شمال أفريقيا، ولا يوجد لهما نظير في المنطقة، ولعل ذلك نتيجة لظروف العملية الانتخابية في البلدين.● كيف دار اللقاء، وما النقاشات التي أثيرت مع الهيئة الوطنية للانتخابات في تونس؟
النقاش جرى حول آليات سير العملية الانتخابية، وترسيخ التعاون بما يرفع قدرات الهيئتين وتبادل الخبرات فيما بينهما، فضلاً عن إنعاش الأنشطة المشتركة، لاسيما مجالات التدريب، والأنظمة الانتخابية، ومراقبة الانتخابات وما ينطوي على إجرائها من تكنولجيا جديدة. وخلال النقاش الجاري لاحظنا العديد من نقاط التلاقي والتفاهم بما يدعم قدرات الجانبين في الانتخابات لنستطيع تقديم الأفضل.

نتعاون مع تونس عبر مذكرة تفاهم لكن المنافسة حق مكفول لتقديم كل طرف الأفضل لبلاده

● برأيك.. كيف كانت وجهة نظر الجانب التونسي في التعامل مع المفوضية الليبية للانتخابات؟
الجانب التونسي رحب جداً بفكرة توقيع مذكرة تفاهم مع الجانب الليبي، والجميع يعلم أن الهيئتين متنافستين، خاصة أننا كنا نجري العملية الانتخابية بالتزامن مع نظيرتها التونسية، وحظي الاستحقاقان باهتمام الجانبين التونسي والليبي، فضلاً عن اهتمام المجتمع الدولي بعمل الهيئتين، وعلى الرغم من التلاقي بين الجانبين، إلا أن روح المنافسة كانت حاضرة بين الهيئتين، حينما حرصت كل منهما على تقديم الأفضل لبلادها، ولا ينبغي تجاهل الإشارة إلى أن هذا التنافس كان شريفاً ونزيهاً، وهدف إلى إبراز القدرات والخبرات في كلا البلدين، كما خلق التنافس قنوات لتقارب وجهات النظر، والمضي قدما في توقيع مذكرة التفاهم.

● حدثنا عن أهم بنود الاتفاقية الموقعة مع الجانب التونسي في مجال الانتخابات؟
يمكننا حصر أهم تلك البنود في وضع إطار عام للتعاون بين الطرفين، وتحديد أسس وقواعد الشراكة والتعاون الدائم بين الطرفين، وأن يعقد الطرفان اجتماعات دورية نصف سنوية، يحضرها ممثل عن الطرفين من أجل وضع الآليات الملائمة لتنفيد الأهداف، والأنشطة الواردة في المذكرة. وتعد هذه المذكرة وثيقة بيان نوايا، ولا يترتب على طرفيها علاقات قانونية أو مالية ملزمة، ويجوز تعديل نصوص المذكرة بناء على موافقة صريحة من الطرفين، وتُلحق التعديلات بهذه المذكرة وتصبح جزءاً لا يتجزء منها.● هل تقترب تونس من استحقاق انتخابي يمكن الاستفادة منه في ليبيا؟
نعم هناك استحقاق قريب في تونس، وهو انتخاب مجلس أعلى للقضاء، وتعد هذه الانتخابات مهنية، ونحن نسعى أن ننقل الخبرة من الهيئة المستقلة إلى خبرائنا في المفوضية العليا للانتخابات، وهذه من أهم الأشياء التي سوف تكون بداية في عمل وتبادل الخبرات بين الجانبين.

● كيف تقيم عمل المفوضية الوطنية للانتخابات على مدى هذه السنوات؟
تحتفظ المفوضية الوطنية العليا في الانتخابات بسمعة جيدة وطيبة في الأوساط السياسية والمدنية داخلياً وخارجياً، وبات العالم يرى أن المفوضية في ليبيا هي الجسم الوحيد الذي حافظ على ثباته خلال تلك الأزمة، والمجتمع الدولي يرغب حقيقة في تقديم المزيد من الدعم للمفوضية، وهذا يدل على أن المفوضية تحظى باحترام وتقدير الداخل والخارج، وهناك تقييم عال وممتاز لأداء وعمل المفوضية في فترة زمنية قصيرة.

المجتمع المدني ملزم بطرح الانتخابات على النخب السياسية والاحتكام إلى «الصندوق» فقط

● كيف تقيم عمل مؤسسات المجتمع المدني فى ليبيا، لاسيما في ظل دعم المفوضية والعمل الانتخابي؟
للأسف تلك المنظمات حديثة العهد بالعمل في مجال المجتمع المدني، خاصة أنها لم تمارس نشاطها إلا بعد ثورة 17 فبراير، فلم يكن لدينا قبل الثورة أية مؤسسات مدنية ذات خبرة حقيقية، وبالمفهوم الديمقراطي الحديث وبعد الثورة انطلق هذا الحراك بقوة، لكنه اصطدم بواقع غياب القانون المنظم لعمل تلك المنظمات، فأصبحت تعاني قلة الدعم من أجل مواكبة مرحلة التوعية في المسار الديمقراطي من انتخابات وتوعية مدنية، الأمر الذي يمكنهم من القيام بهذه الأنشطة، ولاحظنا أخيرًا في انتخاب مجلس النواب غيابا كاملا لعملها.

● هل تمتلك المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا كوادر وخبرة تمكنها من خوض انتخابات قادمة؟
نعم، تمتلك المفوضية الآن كوادر وخبرات تمكنها من إدارة أية عملية انتخابية، حتى وإن كانت أية انتخابات تحتاج إلى عملية تطوير في المعلومات وفي المناهج وتكنلوجيا الانتخابات، مع الاعتراف بأن ذلك يحتاج إلى مشاريع تطوير داخل المؤسسة الانتخابية، لكن مشاريع التطوير توقفت بسبب عدم وجود ميزانية وتمويل، والمفوضية لم تتحصل على ميزانية أو دعم منذ عامين، وهنا يجب الالتفات إلى أن العامل المادي ضروري جداً في تمويل برامج التطوير الانتخابي، خصوصاً أن المفوضية مازالت تعتبر حديثة العهد بالعمل الانتخابي.● هل هناك دورات أو ورش عمل للكوادر خلال الفترة الراهنة؟
تشرف المفوضية هذه الأيام على إعداد وتنظيم دورتين تدريبيتين، وذلك بالتعاون مع منظمات دولية حول تسجيل الناخبين، بالإضافة إلى ورشة عمل أخرى تتعلق بتوعية الناخبين، في محاولة لخلق أسلوب جديد للتواصل مع الناخبين من خلال وسائل الإعلام والدعاية.

● ما الذي تود قوله أخيرًا للنخب السياسية؟
أنا أدعو المجتمع المدني إلى طرح الانتخابات على النخب السياسية التي تتصارع حاليًا على السلطة من أجل دفعهم إلى الاحتكام لصندوق الانتخاب.
للاطلاع على العدد (45) من «صحيفة الوسط» اضغط هنا (ملف بصيغة PDF)