دشن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الخميسن نصبا تذكاريا برونزيا في قلب القدس المحتلة تخليدا لذكرى حصار الجنود والسكان في مدينة ليننغراد خلال الحرب العالمية الثانية، حيث تأتي زيارة بوتين إلى القدس تلبية لدعوة إسرائيلية للمشاركة في احتفال الذكرى 75 لتحرير معسكر «أوشفيتز» النازي، بحضور نحو 40 من قادة العالم.

وفي كلمته خلال الحفل، قال الرئيس الروسي: «لا يمكن مقارنة حصار ليننغراد والمحرقة بأي شيء آخر»، وشكر بوتين الذي فقد شقيقه إبان حصار المدينة، «إسرائيل على الأهمية التي توليها لتاريخ الحرب».

وحضر الحفل الذي أقيم في حديقة «ساكر» في القدس المحتلة والقريبة من مقر البرلمان والمحكمة العليا، شخصيات بارزة وقدامى المحاربين الروس في الحرب العالمية الثانية، والنصب التذكاري الذي أطلق عليه «شمعة الذكرى» عبارة عن عمود مربع بارتفاع يزيد على ثمانية أمتار، يعلوه مجسم من البرونز نحت بشكل ملتوٍ تتخلله نحوت لأجساد بشرية تبدو كأنها متطايرة، وتجسد الكتابة في قاعدة النصب التذكاري «الحياة والموت».

وكتب على القاعدة إن هذا النصب التذكاري «يخلد بطولة جنود وسكان ليننغراد خلال سنوات الحصار في الحرب ضد النازية»، من جهته، أثنى بنيامين نتانياهو على المهندس المعماري لتصميمه النصب التذكاري، وأشار نتانياهو في حديثه أمام بوتين إلى احتواء النصب التذكاري على «الكثير من العاطفة والمواهب».

وتطرق نتانياهو أيضا إلى التضحية التي وصفها بأنها «ضخمة» لنحو 27 مليون مدني وجندي سوفياتي قضوا خلال الحرب ضد النازيين، بينهم «قرابة المليون» في حصار ليننغراد وما تخلله من معارك، مضيفًا: «لا يمكننا حتى ولو للحظة واحدة، طمس تضحيات ومساهمات الاتحاد السوفياتي السابق شعبا وجنودا في الجيش الأحمر في القضاء على الوحش النازي وإنقاذ العالم من المأساة الرهيبة».

وبادر أحد المواطنين السوفيات السابقين ليونيد ليتنتيسكي بفكرة إقامة النصب مع المهندس المعماري الإسرائيلي أودي كاسيف، اللذين وحدا جهودهما لتصميمه مع المهندسين المعماريين الروسيين أناتولي ولادا تشرنوفز، واستخدمت في تصميم النصب عناصر بينها رمز مدينة سانت بطرسبرغ «ليننغراد» سابقا الذي ابتكره النحات الروسي فلاديسلاف مانشينسكي، وأوكلت للنحات الإسرائيلي آدم ستيل مهمة تجميع مكونات النصب معا، وقال ستيل إن زيارته للنصب التذكاري في ليننغراد ساعدته على تجسيد حجم مأساة الحصار.

ووفقا لرئيس المؤتمر اليهودي الأوروبي الآسيوي وأحد الممولين لإقامة النصب التذكاري مايكل ميرلاشفيلي، يقيم في إسرائيل اليوم نحو 1300 شخص من الناجين من حصار ليننغراد، وقال: «نحن ممتنون لهؤلاء الشجعان وفخورون بأن لدينا اليوم نصبا تذكاريا».

وفرضت القوات النازية حصارا عسكريا على ليننغراد في سبتمبر 1941، وتمكن الجيش الأحمر من كسره بعد نحو 900 يوم في يناير 1944، وأدى الحصار إلى تجويع أكثر من 600 ألف شخص حتى الموت بينهم عشرات آلاف السكان اليهود، كان بعضهم أيضا جزءا من الجيش السوفياتي آنذاك، ويشكل المهاجرون الإسرائيليون المتحدرون من دول الاتحاد السوفياتي سابقا نحو 12% من سكان  دولة الاحتلال الإسرائيلي البالغ عددهم نحو تسعة ملايين نسمة.