Atwasat

شبكة دولية لتهريب الآثار ضحاياها ليبيا ومصر والعراق وسورية

القاهرة - بوابة الوسط الثلاثاء 07 يونيو 2022, 10:11 صباحا
WTV_Frequency

تتنامى تجارة الآثار غير القانونية، على نطاق واسع منذ الربيع العربي، في إطار شبكة واسعة ضالعة في تهريب آثار من الشرق الأدنى والأوسط، وتضم في صفوفها رئيسًا سابقًا لمتحف اللوفر.

وفي صلب حركة التهريب هذه: قطع منهوبة من مواقع أثرية، بينها مقابر تشبه «متاجر سوبرماركت حقيقية في الهواء الطلق»، في «بلدان تعاني الحرب أو الاضطرابات السياسية»، مثل سورية أو العراق أو مصر، ولكن «أيضًا في أميركا اللاتينية وأفريقيا»، على ما يقول أستاذ الآثار الشرقية في «جامعة بواتييه»، فنسان ميشال، حسب «فرانس برس».

ويصف هذا الخبير في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية بأنها «سلسلة معقدة»، تبدأ ببلدان المصدر، ثم تمر ببلدان العبور (آسيا ودول الخليج وإسرائيل ولبنان) وصولًا إلى دول المقصد (البلدان الناطقة بالإنجليزية وأوروبا، وأيضًا روسيا بشكل متزايد أو اليابان أو الصين أو دول الخليج) التي تضم مشترين والكثير من المتاحف أو مشاريع المتاحف.

الربيع العربي
يؤكد الأخصائي الذي يحاضر باستمرار في مؤتمرات اليونيسكو، أن «هذه الحركة التي ولدت من عمليات حفر سرية وتفاقمت بسبب الفقر، آخذة في الازدياد منذ الربيع العربي في 2011»، مضيفًا: «لم يعد في الإمكان التقليل من حجمه».

واحتل هذا الموضوع عناوين الأخبار في أنحاء العالم أجمع في الأيام الأخيرة بعد كشف تحقيق في عمليات تهريب آثار على نطاق واسع، يشتبه بأن جان لوك مارتينيز، الرئيس السابق للوفر، أكبر متحف في العالم، ضالع فيها.

وأعلن متحف اللوفر أبوظبي ومتحف اللوفر الباريسي، الأسبوع الماضي، أنهما طرف مدني في هذه القضية.

كذلك، حكمت محكمة في بغداد، الإثنين، على بريطاني أدين بمحاولة تهريب قطع أثرية من العراق بالسجن 15 عامًا، فيما برأت ألمانياً كان يحاكم في القضية ذاتها.

حفريات سرية
وفي ظل «استحالة تقدير قيمته بالأرقام»، فإن تهريب الآثار العالمية يطاول قطعًا بـ«عشرات ملايين أو حتى مئات ملايين» الدولارات.

ويؤكد ميشال الذي يدرب الأجهزة المتخصصة في الشرطة والقضاء والجمارك، أن «إيرادات سوق الفن القانونية تقترب من 63 مليار دولار، ما يثير شهية المهربين على الكسب المادي».

ويحذر من أن هذه التجارة غير المشروعة «تغذي الجرائم الصغيرة وعصابات الجريمة المنظمة على السواء».

ويقول إن هذه الشبكات «مرتبطة بتهريب المخدرات والأسلحة، وهي جزء من جريمة منظمة متعددة الأشكال لغسل الأموال»، بما «يخدم العصابات وتجار المخدرات والجماعات الإرهابية».

- اتهام الرئيس السابق لـ«اللوفر» بتهريب الآثار.. ونسخة أبوظبي طرف مدني في التحقيق

وفي مصر، حيث يتم التداول بالكثير من المنتجات المقلدة، ازداد عدد عمليات التنقيب الأثري غير القانوني من 1500 سنويًا إلى 8960 في العام 2020، وفق الخبير.

ويشير إلى أن الأعمال المنهوبة في حالة ممتازة بسبب المناخ الجاف، كما هو الحال في المكسيك. ويستخدم اللصوص أجهزة كشف المعادن على وجه الخصوص لرصد وجود الذهب والفضة والبرونز كأولوية.

ويقول كزافييه ديليستر، مسؤول الآثار في المديرية الإقليمية للشؤون الثقافية في منطقة بروفانس ألب كوت دازور الفرنسية، حيث «تفاقم نهب المواقع الأثرية المحلية»، إن خدمات الدولة تواجه أيضًا عمليات «تهريب لممتلكات ثقافية من الخارج»، لا سيما من أفريقيا وأميركا اللاتينية.

وتطاول هذه العمليات وفق ديليستر، «أعمالًا فنية ذات قيمة سوقية عالية للغاية تنتهي في الموانئ الحرة (مواقع تخزين تمر فيها الأعمال من دون فرض ضرائب) وتعاود الظهور مع تعريفات كاذبة، ثم تعاد إلى السوق المشروعة، أو أشياء ذات قيمة أقل متداولة بشكل جماعي من الشبكات الاجتماعية إلى مواقع البيع عبر الإنترنت».

مقلدون بارعون
ويوضح ميشال أن صانعي القطع المقلدة «بارعون بشكل لا يصدق في إبعاد الشبهات عن القطع المنهوبة عن طريق خلط معلومات كاذبة وصحيحة، مع اختراع نسب وتلفيق مستندات تصدير أو فواتير شراء مزيفة، من أجل إخفاء الأصل غير المشروع».

وبمجرد إعادة إدخالها إلى السوق القانونية، «تكاد تكون القطعة المنهوبة غير قابلة للكشف».

ويأسف ميشال لأن هذه «الجريمة العابرة للحدود الوطنية تغذي اقتصاد النهب الذي يهتم بأمننا القومي. وهي تشكِّل أيضًا انتهاكًا دائمًا للتراث؛ لأن الشيء المنهوب الذي يخرج من سياقه يفقد كل قيمته العلمية».

وفاقم الإنترنت هذه الظاهرة بسبب إمكانية «التجهيل» و«تكاثر مواقع البيع» و«وسائل تبييض لا حصر لها»، فضلًا عن «قدرة التكيف» لدى المهربين، وفق الخبيرين.

هنا ليبيا
وبعيدًا عن تحقيق «فرانس برس»، فالسنوات الأخيرة شهد عدد من المناطق الأثرية في ليبيا، تعديات كثيرة وتعرض بعضها لعمليات نهب وسرقة، كما عملت السلطات المختصة مع الحكومة على التعاون مع عدد من الدول لاستعادة تلك القطع إلى ليبيا مرة أخرى.

ونجحت ليبيا في استعادة قطعة أثرية مهربة يوم 31 مارس، جرى ضبطها من قبل السلطات الأميركية خلال الأشهر الماضية، أثناء محاولة بيعها في مزاد بأحد معارض مدينة نيويورك «معرض أفروديت».

وفي مايو، أعلن جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، ضبط شخصين من طرابلس وإحباط عملية تهريب قطع أثرية تعود للعهد الروماني، منوهًا إلى أنه يعكف هذه الأيام على تتبع بقية المتورطين في هذه الجريمة.

وقال الجهاز، عبر صفحته على «فيسبوك»، إنه «يعكف هذه الأيام على تتبع خيوط جريمة متكاملة الأركان تتمثل في قيام مجموعة من أربعة أشخاص من العاصمة طرابلس يمتهنون تجارة الآثار المحمية وتهريبها».

فيما رفضت، أخيرًا، شركة عقارية ممثلة للملكة إليزابيث الثانية تسليم آثار ليبية تعود للعصر الروماني، مسروقة منذ أكثر من مئتي عام، إذ قدم المحامي الليبي، محمد شعبان، المقيم في لندن طلبًا رسميًا لاستعادة الآثار القديمة من فسيفساء خشبية في حديقة «وندسور جريت بارك»، التي جلبت إلى هذا المكان العام 1816 وقال ممثلو الملكة: «طلب منا عميلنا إبلاغك بأن الأعمدة لن يتم إرجاعها إلى ليبيا»، حسب التقرير الذي نشره موقع جريدة «ذا ناشيونال نيوز» على الإنترنت.

صورة ملتقطة في 6 نوفمبر 2018 لمتحف «اللوفر أبوظبي» (أ ف ب)
صورة ملتقطة في 6 نوفمبر 2018 لمتحف «اللوفر أبوظبي» (أ ف ب)
أنقاض وندسور، فيرجينيا ووتر، لندن، 1905 (الإنترنت)
أنقاض وندسور، فيرجينيا ووتر، لندن، 1905 (الإنترنت)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
فنانون أيرلنديون يطالبون بمقاطعة «يوروفيجن»
فنانون أيرلنديون يطالبون بمقاطعة «يوروفيجن»
لأول مرة.. ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب في 2024
لأول مرة.. ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب في 2024
ذكرى الوحدة الوطنية تحت مجهر القبة الفلكية
ذكرى الوحدة الوطنية تحت مجهر القبة الفلكية
أولمبياد باريس: متحف اللوفر يقدم جلسات رياضية أولمبية
أولمبياد باريس: متحف اللوفر يقدم جلسات رياضية أولمبية
باكورة إصدارات «غسوف»: رواية ورياضة وتراث
باكورة إصدارات «غسوف»: رواية ورياضة وتراث
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم