قالت جريدة «ذا غارديان» البريطانية إن الإغلاق الأخير في حقل الشرارة في ليبيا، وما تلاه من الإعلان عن خفض تدريجي للإنتاج النفطي، إنما يعكس هشاشة الوضع الداخلي، والتعقيدات السياسية لصناعة النفط في البلاد.

وذكرت، في تقرير نشرته أمس الثلاثاء، أن «الحلقة الأخيرة في حقل الشرارة تظهر كيف يمكن لبعض القادة السياسيين في ليبيا استخدام تهديد إغلاق المنشآت النفطية لفرض أجنداتهم الشخصية والسياسية».

وتابعت: «تعاني ليبيا من انقسام مستمر بين شرق وغرب البلاد، ولم تفلح مساعي المبعوثين الأمميين السابقين في حل الأزمة، وذلك لاستفادة النخب السياسية على جانبي الأزمة من الوضع القائم».

ونتيجة لذلك، تقول الجريدة البريطانية إن «ليبيا، الغنية بالنفط، أصبحت حبيسة موقف غريب حيث يتعين عليها استيراد معظم وقودها، والذي يجرى بيعه محليًا بأسعار مدعومة. هذه الممارسة ليست باهظة الثمن فحسب، بل تشجع المهربين على بيع الوقود المدعوم مرة أخرى إلى الأسواق الأوروبية لتحقيق ربح».

علاقة صدام حفتر بإغلاق حقل الشرارة
وزعمت «ذا غارديان» أن «موالين للمشير خليفة حفتر حاولوا إغلاق حقل الشرارة، الذي تديره شركة ريبسول الإسبانية، ردا على صدور مذكرة توقيف من قبل إسبانيا بحق نجله بسبب تهريب الأسلحة»، وهي مزاعم لم تثبت صحتها بعد ولم يؤكدها أي طرف داخل ليبيا.

- «بلومبرغ»: انخفاض إنتاج حقل الشرارة 50 ألف برميل يوميا
- مؤسسة النفط تعلن بدء الخفض الجزئي للإنتاج من حقل الشرارة
- شاهد: من أغلق حقل الشرارة النفطي؟

وقالت الجريدة: «جرى توقيف صدام حفتر في مطار نابولي في إيطاليا لمدة ساعة تقريبا، الجمعة الماضية، بعد أن ظهر اسمه في قاعدة البيانات الأوروبية المشتركة. ويقول مقربون من حفتر إنه جرى استجواب نجله صدام من قبل السلطات الإيطالية لعلاقته بالمزاعم الإسبانية، لكن دون توقيفه».

غير أنها نقلت عن مقربين من حفتر «أن إغلاق حقل الشرارة ليس لسبب سياسي، بل يعاني موقع الحقل النفطي من مشاكل متكررة تتعلق بالظروف التي تعرض لها العمال».

وفي الوقت نفسه، أفادت جريدة «كرونيكا غلوبال»، التي تتخذ من برشلونة مقرا لها، بأن «مذكرة التوقيف صدرت بسبب مصادرة الشرطة الإسبانية قبل عام لمعدات عسكرية وأسلحة كانت متجهة إلى الإمارات ولكن يُزعم أنها كانت في طريقها إلى شرق ليبيا».

وأمس الثلاثاء، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط أنها بدأت في خفض الإنتاج النفطي تدريجيا في حقل الشرارة، وأرجعت السبب إلى تظاهرات في الموقع.

ونتيجة لذلك، تباطأ الإنتاج النفطي في حقل الشرار خلال الأسبوع، وهو أحد أكبر الحقول النفطية في ليبيا، بقدرة إنتاجية تتخطى 300 ألف برميل يوميا، واعتبرت «حكومة الوحدة الوطنية الموقتة» في طرابلس إغلاق حقل الشرارة «ابتزازا سياسيا».

من جهته، نفى رئيس «حراك فزان»، بشير الشيخ، مسؤوليته عن إغلاق حقل الشرارة، وقال، حسبما أوردت الجريدة البريطانية: «صدام حفتر أعطى أمرا فوريا عبر الهاتف ومن دون استخدام القوة العسكرية لإغلاق الموقع ردا على محاولة اعتقاله، الجمعة، في إيطاليا، استنادا على مذكرة اعتقال صدرت بحقه في إسبانيا»، وقال: «ليس لنا علاقة بإغلاق الحقل النفطي، ونرفض اتهامنا بذلك».

تصريحات كاذبة
وذكّرت الجريدة بتصريحات المبعوث الأممي السابق، عبدالله باتيلي، قبل إعلان استقالته قال فيها «إن ليبيا أصبحت دولة مافيا تهيمن عليها العصابات المتورطة في أنشطة التهريب.. وأصبحت البلاد سوقا مفتوحة للسلاح، الذي يستخدم في التنافس السياسي محليا، ويجرى بيعه كذلك خارج الحدود».

واعتبرت أيضا أن «التصريحات المتكررة من قبل السياسيين في شرق وغرب ليبيا بأنهم على بعد خطوات فنية قليلة فقط من الموافقة على إجراء انتخابات رئاسية وطنية، أو على استعداد لتشكيل حكومة وحدة، كاذبة».

وأشارت كذلك إلى العلاقات الوثيقة التي تربط المشير خليفة حفتر وروسيا، مستشهدة بتقرير سابق نشره المجلس الأطلسي، قال إن ««ليبيا الآن بمثابة مركز حاسم لمهمة موسكو في أفريقيا بسبب موقعها الجغرافي وغياب الاستقرار السياسي داخلها».

وتقع ليبيا في موقع استراتيجي عند مفترق طرق بين أفريقيا وأوروبا، حيث توفر لموسكو بوابة للعمليات الروسية في السودان وتشاد والنيجر ودول الساحل ووسط أفريقيا الأخرى، مما يمكنها في النهاية من توسيع نفوذها والتوغل عبر هذه المناطق.