Atwasat

جريدة «الوسط»: «6+6» تطيح بالتوافق بين «النواب» و«الدولة»

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 06 أكتوبر 2023, 07:50 صباحا
WTV_Frequency

يتبارى فرقاء الأزمة في غرب البلاد وشرقها في تكرار الأخطاء نفسها، عبر مبادرات متضاربة لم تأخذ بعين الاعتبار أنها ستنعكس سلباً على الناجين والمنكوبين من كارثة درنة، وبدا الانقسام واضحاً في ملف إعادة إعمار المدن المدمرة والجهة المكلفة بالتصرف في الإعانات الدولية، مع تواصل سياسة الأخذ والرد بين مجلسي النواب والدولة فيما يتعلق بإصدار وتمرير القرارات على طريقة لعبة الـ«بنغ بونغ»، وآخرها رفض الأخير لقرارات «6+6» بعد أن أقرها الأول.

إعادة إعمار المناطق المنكوبة
وفي الأثناء تنفتح شهية الشركات الدولية ذات الخبرة الكبيرة وحكومات أجنبية أبدت موافقتها على المشاركة في عمليات إعادة إعمار درنة ومناطق مجاورة تضررت من عاصفة «دانيال» التي اجتاحت المنطقة يوم 10 سبتمبر الماضي؛ حيث تقتضي العملية ميزانية عاجلة قدرها مهندسون معماريون بمليارات الدولارات.

ويبين تقرير إحصائي لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأممي، الخميس، 876 مبنى مدمراً و3100 مبنى متضرر في درنة، وفي سوسة 37 مبنى مدمراً، و3565 مبنى متضرراً، وفي البيضاء 125 مبنى مدمراً، و100 مبنى متضرر، ومن المحتمل تضرر 20 ألف مبنى إضافي في مدن بنغازي والبيضاء وشحات.

وفي وقت لا يزال الآلاف في عداد المفقودين، فإن استعادة الحياة العادية لليبيين الناجين من المأساة مع انطلاق الموسم التعليمي تزيد الحاجة إلى توفير المياه الصالحة للشرب، وبناء الجسور، وإصلاح الطرق المقطوعة، فضلًا عن توفير المؤن والأغذية والبيوت الجاهزة. وفي السياق تقدم مجلس النواب بمشروع قانون لإنشاء جهاز أو صندوق لإعادة إعمار درنة وتأهيلها عبر فتح حساب خاص تصب فيه جميع الإعانات المالية الدولية.

أما حكومة المكلف أسامة حماد فقد أرجأت موعد انعقاد المؤتمر الدولي لإعادة إعمار مدينة درنة الذي كان من المقرر عقده في 10 أكتوبر الجاري إلى الأول والثاني من نوفمبر المقبل لـ«أسباب لوجستية». فيما طالب بإعادة تنشيط مؤتمر «أصدقاء ليبيا» الذي أنشأته فرنسا العام 2011.

معوقات أمام إعادة الإعمار.. وقلق أممي من المبادرات الأحادية
ولم يتفاعل الجانب الدولي مع المطالب بصورة إيجابية؛ بل إن حجم المساعدات الذي وصفه مسؤولون بـ«الضئيل» يعكس الرفض الأجنبي لـ«تسييس» القضية أو نهب أموال الإعمار، فقد قدمت الولايات المتحدة إعانة بـ11 مليون دولار فقط، أما الإمارات العربية فكانت أرسلت 240 طائرة إغاثية على الأقل إلى تركيا وسورية، وهو رقم يفوق ثلاثة أضعاف طائرات أرسلتها 25 دولة إلى ليبيا. 

ويعوق ثالوث الفساد، وغياب حكومة موحدة، والوضع الأمني الهش، جهود عمليات إعادة الإعمار، وهي مسائل «أشعرت» مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، بـ«القلق إزاء ظهور مبادرات أحادية الجانب» مرتبطة بإعادة إعمار المناطق المتضررة والمدمرة من جراء الإعصار الأخير. وأيدت الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، عبر بيان مشترك، دعوة باتيلي إلى إنشاء آلية ليبية موحدة للتنسيق في الملف.

وهو تقريباً أمر ردده رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، عبر حسابه على منصة «إكس» في 24 سبتمبر الماضي، بقوله إن «الدعم الدولي في كل مراحله يحتاج إلى مؤسسة ليبية مختصة وموحدة تحظى بثقة المتضررين».

وحاول ما يسمى برئيس حكومة الاستقرار، الالتفاف على التردد الدولي بإغراء شركات صينية وتركية بخوض تجربة الإعمار بالمدينة، فرافق الصديق نجل المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، مساء الثلاثاء، وفداً من رؤساء مجالس إدارات كبرى الشركات التركية إلى المدينة تمهيداً لبدء العمل فيها، وإعادة إعمارها وفق أحدث المواصفات والمقاييس العالمية، كما يقولون.

أما وزير التخطيط بحكومة الوحدة، محمد الزيداني، فقد تحدث لدى لقائه ممثلة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، جورجيت غانيون، عن «وضع خطة لإعمار درنة ستظهر خلال 6 أسابيع».

حفتر: كارثة درنة ذكرتنا بالزمرة السياسية الفاسدة
وعلى عكس تفسيرات رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وأعضاء في حكومة حماد، بأن مأساة درنة تعد كارثة طبيعية مئة بالمائة، خرج المشير حفتر مبدياً إصراره على إعادة إعمار المدينة بشكل سريع، موجهاً كلامه إلى جهات لم يسمها بقوله «عقدنا العزم على قطع دابر كل من تهاون أو قصر في أداء واجبه، أو سولت له نفسه استغلال منصبه بخلاف ما أقسم عليه»، لافتاً خلال اجتماعه، مساء الثلاثاء، بمشايخ وأعيان مدن الجبل الأخضر والساحل الشرقي لتقديم واجب العزاء في ضحايا السيول والفيضانات، إلى أن كارثة درنة ذكرتنا بالمليارات المنهوبة، والزمرة السياسية الفاسدة، والضحك على الشعب الليبي، متعهداً بـ«محاكمة هؤلاء القتلة والمجرمين، وكل من شارك في هذه الجريمة».

- للاطلاع على العدد 411 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وسيتكفل القضاء الليبي بإجراء التحقيقات بشأن كارثة درنة، «ولا حاجة للقضاء الدولي» وفق ما أكد النائب العام الصديق الصور.

مجلس النواب يصدر قوانين الانتخابات
ولأن الفساد الإداري المستشري في البلاد أفقد مصداقية أداء الحكومات المتعاقبة، آخرها فضيحة جديدة بطلتها سفيرة ليبيا لدى بلجيكا، أمل الجراري، التي أحيلت للتحقيق والحبس الاحتياطي بسبب تورطها في فواتير وهمية باسم مرضى، فقد تصاعدت مطالب السكان بضرورة أن تشرف حكومة موحدة على أي أموال لإعادة الإعمار حتى لا تطالها أيادي الفاسدين.

ومن هذه الزاوية سجلت عودة مجلس النواب للمراوغة من خلال إصدار قوانين الانتخابات، فقد أعلن تشكيل لجنة لتلقي طلبات الترشح لحكومة جديدة، وهي خطوة متناقضة مع شرط ضرورة نشر القوانين في الجريدة الرسمية أولاً بعد التوقيع عليها.

واستعان عقيلة صالح بالأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي دعاه في رسالة لحشد الدعم الدولي لتشكيل حكومة موحدة «مهمتها إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وفقاً لنص المادة 86 من قانون انتخاب رئيس الدولة، ونص المادة 90 من قانون انتخاب مجلس الأمة».

وفي رأي مراقبين، فإن القانون الذي يصر عليه عقيلة صالح يدفع باتجاه عرقلة إجراء الانتخابات مقابل التعجيل بتشكيل حكومة جديدة؛ إذ تعتبر الوثيقة المنشورة، تقريباً، إعادة تدوير لقانون انتخاب الرئيس الصادر في 2021. كما جرى ربط إجراء الانتخابات البرلمانية بضرورة انعقاد الانتخابات الرئاسية، ما يؤكد تمسكهم بـ«خطة البقاء» في مناصبهم، إلى جانب بنود عدم إقصاء أي راغب في الترشح لانتخابات الرئاسة مع إمكانية العودة لمنصبه في حال فشله. وعقب إعلان مجلس النواب دعا باتيلي إلى تسهيل حوار عاجل بين الأطراف الرئيسية في ليبيا للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة.

مجلس الدولة يرفض تعديلات «النواب» على قوانين الانتخابات
أما شريك مجلس النواب في لجنة «6+6»، وهو مجلس الدولة فقد كان مسرحاً، يوم الأربعاء، لإلغاء تلك الشراكة وسط انقسام بين أعضائه.
وشدد رئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، خلال جلسة بطرابلس على «تمسك المجلس بالمخرجات الصادرة عن اللجنة المشتركة لإعداد القوانين الانتخابية»، رافضاً إجراء أي تعديلات أخرى عليها. واعتبرت عضو المجلس الأعلى للدولة، نعيمة الحامي، أن تعديل مجلس النواب وتغييره لقوانين الانتخابات مرفوض، ويعني «إلغاء عودة لجنة (6+6) لمخرجات بوزنيقة المغربية واعتبارها أساساً لأي حلول مقبلة». مشيرة إلى رفض إجراء انتخابات مجلس الشيوخ قبل انتخابات مجلس النواب، ورفض السماح للعسكريين ومزدوجي الجنسية بالترشح.

بدوره قال عضو مجلس الدولة، بلقاسم قزيط، معلقاً على قرار حل لجنة «6+6»، إن القوانين الانتخابية الصادرة عن اللجنة لا يمكن إلغاؤها، مضيفاً أن «ما وقع هو حل للجنة بطريقة مريبة وغير قانونية»، لتستمر لعبة «بنغ بونغ» القرارات بين مجلسي النواب والدولة.

جلسة سابقة لمجلس الدولة. (أرشيفية: الإنترنت)
جلسة سابقة لمجلس الدولة. (أرشيفية: الإنترنت)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الدبيبة يوجه بعودة شركة الخدمات العامة طرابلس لمباشرة أعمالها
الدبيبة يوجه بعودة شركة الخدمات العامة طرابلس لمباشرة أعمالها
تراجع الدولار أمام الدينار الليبي في السوق الموازية (الإثنين 13 مايو 2024)
تراجع الدولار أمام الدينار الليبي في السوق الموازية (الإثنين 13 ...
لجنة مشتركة بين ديوان المحاسبة ومؤسسة النفط لمراجعة آلية توريد المحروقات
لجنة مشتركة بين ديوان المحاسبة ومؤسسة النفط لمراجعة آلية توريد ...
غدا.. انطلاق امتحانات شهادة التعليم الأساسي بمادة الحاسوب
غدا.. انطلاق امتحانات شهادة التعليم الأساسي بمادة الحاسوب
صندوق النقد يطالب برؤية اقتصادية «واضحة» و«عاجلة» للاقتصاد الليبي
صندوق النقد يطالب برؤية اقتصادية «واضحة» و«عاجلة» للاقتصاد الليبي
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم