مع حلول المدرب الصربي ميلوتان سريديوفيتش «ميتشو» وتعاقد اتحاد الكرة معه لتدريب المنتخب الوطني الأول، تكون الكرة الليبية قد حققت رقماً كبيراً في تعاقدات المدربين لتدريب «فرسان المتوسط» في سابقة لم تعرفها من قبل.

وبالتعاقد الجديد مع «ميتشو» يكون هذا المدرب هو المدرب الرابع عشر بين مدربين محلين وأجانب في تدريب المنتخب الوطني خلال عشر سنوات، وهو شيء غير مقبول وغير معتاد بالنسبة للمنتخبات الوطنية في أي دولة، ويؤكد عدم وجود تخطيط حقيقي ومدروس لمستقبل الفريق الوطني، وأن التخبط هو الذي يحكم المشهد داخل اتحاد كرة القدم.
وفي كل مرة يتكرر الخطأ ذاته وهو عدم وضع رؤية طويلة المدى أو أهداف من التعاقد مع كل مدرب جديد للمنتخب كالتأهل لكأس أمم أفريقيا أو التأهل لكأس العالم أو بناء منتخب للمستقبل.

واللافت للنظر أن اتحاد الكرة تعاقد مع الصربي «ميتشو» وسلمه زمام أمور المنتخب الوطني مباشرة وتركه يبدأ عمله دون عقد أي مؤتمر صحفي، ودون أن يتعرف الإعلام الرياضي عليه، ودون أن يلتقي مع الإدارة الفنية للاتحاد لمناقشته في خططه ورسم الأهداف المرجو تحقيقها خلال فترة عمله وغيرها من التفاصيل، وحتى دون أن يجري الكشف عن أهداف التعاقد معه أصلاً، ولماذا جرى تفضيل «ميتشو» على غيره من المدربين.

وما قام به اتحاد الكرة هو أنه استقبل الرجل في المطار وسلمه على الفور مجموعة من اللاعبين، وأدخله في معسكر جرى الترتيب له على عجل، بدأ في ليبيا وانتهى في المغرب وتضمن خوض ثلاث مباريات ودية أمام كل من ليبيريا والنيجر والصومال، وهي مباريات ودية أمام منتخبات لم يكن للرجل يد في اختيارها. وبالرغم من ذلك فقد تمكن المنتخب من تحقيق فوز صعب في أولى مبارياته على ليبيريا بثلاثة أهداف لهدفين، تلاه تعادل إيجابي مع النيجر فتعادل سلبياً مع الصومال، قبل أن يعود «فرسان المتوسط» إلى الديار مجدداً عقب انتهاء المعسكر.

- للاطلاع على العدد 414 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

والغريب أنه بعد العودة إلى ليبيا لم يجر تقييم سلبيات وإيجابيات المعسكر، ولم يقم أي مسؤول بمراجعة المدرب والتعرف منه على أسباب التعادلين الأخيرين مع النيجر والصومال على الرغم من أنهما أضعف كثيراً من من الناحية الفنية من المنتخب الوطني، كما لم يجر تقييم تجربة الدفع بعدد كبير من اللاعبين الشباب والوجوه الجديدة ضمن صفوف «فرسان المتوسط»، ولم يوضح أحد ما مصير اللاعبين أصحاب الخبرة الدولية ومستقبلهم مع الفريق الوطني، خاصة أن هناك العديد منهم لا يزال قادراً على العطاء لسنوات مقبلة ويؤدي بشكل جيد للغاية مع الأندية سواء محلياً أو أفريقياً، كما لا يعرف أحد حتى الآن ما إذا كان سيجري دمج العناصر الشابة التي أثبتت كفاءتها خلال المعسكر الأخير مع أصحاب الخبرة عند بدء المباريات الرسمية لتصفيات كأس العالم 2026. ومع ذلك يمكن القول أن المعسكر والمباريات الودية الثلاث كانت محاولة من اتحاد الكرة لمنح المدرب الصربي فرصة للتعرف على اللاعبين الذين لم يقم باختيارهم، لأنه حضر إلى ليبيا ليجد قائمة من اللاعبين عليه أن يتعامل معها ثم يستكمل تعرفه على اللاعبين من خلال ما سيتاح له مشاهدته من مباريات معدودة في الدوري الممتاز قبل أن يعود ليختار قائمة المنتخب التي ستخوض معترك التصفيات الأفريقية المؤهلة إلى بطولة كأس العالم 2026 التي تستضيفها الولايات المتحدة الأميركية وكندا والمكسيك، حيث سيواجه منتخب إيسواتيني يوم 13 نوفمبر المقبل. وأوقعت القرعة المنتخب الوطني ضمن المجموعة الرابعة مع منتخبات إيسواتيني والكاميرون وأنغولا والرأس الأخضر ومورشيوس.

- للاطلاع على العدد 414 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

لقد دفعت كرة القدم الليبية ثمناً باهظاً لتوالي ارتكاب الأخطاء وعدم الاستفادة من التجارب الفاشلة السابقة، وآن الأوان لوضع أهداف ورؤية واضحة يعمل الجميع على تحقيقها بحيث تتبوأ الكرة الليبية مكانة مرموقة في القارة الأفريقية، بدلاً من حصد الانكسارات الواحدة تلو الأخرى.. ويجب أن يكون استمرار «ميتشو» في منصب المدير الفني للمنتخب الوطني مشروطاً بنجاحه في تحقيق الأهداف المحددة من قبل اتحاد الكرة، ليجري فسخ العقد في حالة عدم تكمنه من تحقيق طموحات الكرة الليبية، خاصة أنه مدرب معروف في أفريقيا ولديه تجارب كبيرة وبإمكانه مساعدة المنتخب وتحسين مستواه.

ومن أجل الارتقاء بالمنتخب الوطني ووضعه على خريطة المنتخبات الكبرى في القارة الأفريقية، يتعين على اتحاد الكرة رسم سياسة واضحة للمنتخبات بداية من الفئات السنية وحتى المنتخب الأول، مع الحرص على اختيار أصحاب الكفاءة الإدارية الجيدة لإدارة شؤون الفرق الوطنية، وبالابتعاد بالمنتخبات الوطنية عن المحاصصة واللعبة الانتخابية، ففي سنوات سابقة كان تولي مناصب في إدارة المنتخبات الوطينية يعد مكافأة على خدمات انتخابية جرى تقديمها لأشخاص بعينهم، وهو أمر غير مقبول لأنه يعد استخفافاً بمنتخب الوطن وسمعته، وقد حان الوقت لوضع مصلحة المنتخبات الوطنية فوق أي اعتبار آخر إذا ما أردنا أن نشاهد المنتخب الوطني ضمن المنتخبات المتأهلة إلى بطولة كأس العالم، وهو حلم انتظر الليبيون تحقيقه على مر عقود دون جدوى.

مدرب ليبيا ميتشو. (أرشيفية: الإنترنت)

مباراة سابقة للمنتخب الوطني. (أرشيفية: الإنترنت)