تعددت أشكال الشكاوى والخلافات في كرة القدم الليبية خلال السنوات الماضية، ما بين الأندية واتحاد الكرة، الجهة المنوط بها تنظيم اللعبة الشعبية الأولى في البلاد تارة، وما بين أطراف عدة داخل منظومة اتحاد الكرة نفسه تارة أخرى، لدرجة أن الخلافات وصلت ساحات القضاء التي نظرت في الدعاوى القضائية المتبادلة، وسط متابعة دقيقة من اللجنة الأولمبية الليبية، وكذلك الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، الذي باتت مكاتبه بمقره في سويسرا تعج بالملفات والشكاوى المرفوعة من أطراف مختلفة في الوسط الكروي الليبي، ليبقى السؤال قائماً متى ينتهي لجوء الكرة الليبية لساحات القضاء؟

في أول ظهور له للرد على القضية الشائكة، أكد رئيس اتحاد الكرة الليبي عبدالحيكم الشلماني أن الأحكام القضائية الصادرة بحل مجلس إدارة الاتحاد لا تزال في مرحلة الخصومة، وأن هذه الأحكام جرى استئنافها ومنظورة أمام المحاكم. وقال الشلماني في رده على استفسار اللجنة الأولمبية الليبية التي أرسلته للوقوف على الإجراءات التي اتخذها الاتحاد بشأن تلك الأحكام القضائية، إن مجلس إدارة اتحاد الكرة يمارس عمله بشكل طبيعي وينفذ قراراته باستقلالية تامة، ولن يسمح لأي طرف آخر بأن يجبره على اتخاذ أي قرارات تخالف نظامه الأساسي والنظام الأساسي للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا».

الشلماني: نزاعات الأولمبية والاتحادات لا يجوز إحالتها إلى المحاكم الإدارية
يأتي هذا، بعد أن قام الرئيس السابق لاتحاد الكرة أنور الطشاني، ووكيل وزارة الرياضة السابق إبراهيم شاكة، برفع قضية لحل مجلس إدارة اتحاد الكرة، وسط صدور حكم بحل الاتحاد لكنه لم ينفذ، حيث أكد الشلماني أن لائحة الاتحاد الليبي لكرة القدم، والمبدأ العام الوارد في أنظمة الاتحاد الدولي «فيفا» يحظران اللجوء إلى المحاكم العادية، كما ينص النظام الأساسي للجنة الأولمبية الليبية على أن النزاعات والشكاوى الرياضية التي قد تنشأ ما بين اللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية لا يجوز إحالتها إلى المحاكم الإدارية والمدنية والهيئات الرقابية والجهات الحكومية، ما يعني أن كل اتحاد يجب عليه إدارة شؤونه بشكل مستقل ودون تأثير من أطراف أخرى.

وأشار رد اتحاد الكرة الذي نشرته اللجنة الأولمبية الليبية على صفحتها بموقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي، إلى أن «فيفا» أرسل خطاباً في الثالث من فبراير الماضي ذكر فيه أنه يتابع عن كثب القضايا المتداولة أمام المحاكم العادية ضد الاتحاد الليبي لكرة القدم، ونبه «فيفا» في خطابه إلى ضرورة الامتثال الكامل للقوانين والمتطلبات الإلزامية الواردة في النظام الأساسي وعدم اللجوء إلى القضاء العادي. وشدد خطاب الشلماني الموجه إلى اللجنة الأولمبية على أن اتحاد الكرة لم يقم برفع أمر تلك القضايا المرفوعة ضده إلى «فيفا» حفاظاً على حماية عضوية الاتحاد في الاتحادات الإقليمية والدولية والأنظمة الأساسية لها.

- للاطلاع على العدد 403 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

ونوه بأن الحكم القضائي المرسل إلى اللجنة الأولمبية معدوم الأثر لأنه صادر عن محكمة لا ولاية لها في إصداره، كما أن النزاع يخرج برمته عن ولاية القضاء الليبي، وينعقد لهيئة التحكيم الرياضي الوطنية أو «فيفا» أو الاتحاد الأفريقي. وأوضح رد الشلماني على اللجنة الأولمبية أن من أرسل الأحكام القضائية إلى اللجنة الأولمبية قام بالتدليس عليها على الرغم من أن تلك الأحكام مستأنف عليها ومنظورة أمام المحاكم، فضلاً عن أن اتحاد الكرة لم يستنفد كافة درجات التقاضي أمام المحاكم العليا، وهناك الكثير من السبل أمام القضاء المستعجل للرد على محاولة إرباك العمل ووضع العراقيل أمام مجلس إدارة اتحاد الكرة.

الأولمبية تتحرك في قضية مسكوت عنها لسنوات بعد توجيه وزاري
وتحركت اللجنة الأولمبية الليبية، بعد أشهر من الصمت اتجاه الحكم القضائي الصادر بشأن بطلان انتخابات مجلس إدارة الاتحاد الليبي لكرة القدم، فبعد اجتماع لوزير الرياضة عبدالشفيع الجويفي مع رئيس اللجنة الأولمبية الليبية دكتور جمال الزروق، وجهت اللجنة الأولمبية خطاباً رسمياً إلى اتحاد الكرة، تطالبه بتوفيق أوضاعه والرد على ما نُسب إلى المجلس المنتخب من مخالفات في العملية الانتخابية، بعدما أعلنت محكمة الاستئناف في طرابلس قبول الطعن الذي تقدم به رئيس الاتحاد الليبي لكرة القدم السابق، أنور الطشاني، على خلفية إبعاده من سباق الترشح لمنصب الاتحاد قبل عامين، وذلك بقرار من لجنة الطعون الخاصة بالانتخابات.

وأبلغت اللجنة الأولمبية الليبية، اتحاد الكرة بقرار قبول الطعن الذي تقدم به الطشاني ضد منعه من دخول الانتخابات التي أقيمت في مارس 2021، وأسفرت عن فوز عبدالحكيم الشلماني، بمنصب رئيس اتحاد الكرة، وجاء في خطاب اللجنة الأولمبية برئاسة الزروق، تأكيد بطلان اجتماع الجمعية العمومية لاتحاد الكرة، وبطلان ما ترتب عليه من قرارات ونتائج مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة، كما رفضت محكمة طرابلس الاستئناف الذي تقدم به الشلماني، وتنتظر اللجنة الأولمبية كل الإجراءات والتدابير التي سيجري اتخاذها بشأن الحكم الصادر عن محكمة استئناف طرابلس.

وجاء في نص الرسالة: «السيد/ رئيس مجلس إدارة الاتحاد الليبي لكرة القدم.. بعد تحية السلام، بالإشارة إلى صحيفة إعلان سند تنفيذي الصادرة عن محكمة جنوب طرابلس الابتدائية يوم الثلاثاء الموافق 20-6-2023، بناءً على طلب السيد/ إبراهيم شاكة، والسيد/ أنور الطشاني، والتي يعلن من خلالها الممثل القانوني للجنة الأوليمبية الليبية (رئيس اللجنة الأوليمبية الليبية) بالحكم القضائي الصادر عن محكمة جنوب طرابلس الابتدائية المقيد تحت رقم 95-2022 بتاريخ 30-1-2021، في الدعوة القضائية رقم 408-2021 والذي يقضي ببطلان اجتماع الجمعية العمومية للاتحاد الليبي لكرة القدم المنعقد بتاريخ 27 و28 -3-2021».

- للاطلاع على العدد 403 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وأضاف البيان: «وبطلان ما ترتب عليه من قرارات ونتائج مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة، مع بيانه في المقابل رفض الاستشكال بتاريخ 21-6-2022 أمام الدائرة العمالية الثانية بمحكمة جنوب طرابلس الابتدائية بموجب الدعوى القضائية رقم260-2022، مع عرضه حكم محكمة استئناف طرابلس بتاريخ 13-6-2023 في الاستئناف المقدم من السيد رئيس مجلس إدارة الاتحاد الليبي لكرة القدم، حيث قضت محكمة الاستئناف برفضه، وتأييد الحكم المستأنف ببطلان الاجتماع، وما ترتب عليه من قرارات ونتائج مع شموله بالنفاذ المعجل».

وأكمل البيان: «وحيث إن الاتحاد الليبي لكرة القدم خاضع وملتزم في كل الجوانب بالميثاق الأوليمبي وقواعد الاتحاد الدولي الذي يتبعه، مما يستدعي الأمر إشعاركم، بصفتكم رئيس مجلس الإدارة ورئيساً للجمعية العمومية للاتحاد الليبي لكرة القدم، بالحكم الصادر، وإبلاغ اللجنة الأولمبية الليبية بكل ما يجري اتخاذه من إجراءات وتدابير بشأن الحكم الصادر عن محكمة استئناف طرابلس المذكور أعلاه، وذلك خلال أجل أقصاه سبعة أيام من تسلمكم خطابي هذا.. ولكم منا فائق التقدير والاحترام». وجاء الخطاب ممهوراً باسم رئيس اللجنة الأولمبية الليبية دكتور جمال الزروق.

تقرير طبرق يتضمن مخالفات الانتخابات بشهادة عيد العميري
وتناول برنامج «في التسعين» عبر قناة الوسط «Wtv»، القضية مع الإعلامي مؤيد إسكندر، في حضور عادل الخمسي وأسامة الفزاني وعلي رحومة وعبدالرحيم نجم؛ حيث تناول تحليل القضية الصحفي رحومة سوط، كاشفاً انعكاسات خطاب اللجنة الأوليمبية الموجه إلى الاتحاد الليبي لكرة القدم. وقال الناقد الرياضي رحومة سوط: «كل ردود الأفعال عبارة عن تساؤلات، لأن الخطاب جاء في توقيت محيِّر، لكن بالعودة إلى الوراء قليلاً، وتحديداً في الاجتماع الذي عُقد في مدينة طبرق بتاريخ 27 مارس 2021، وشاب هذا الاجتماع الكثير من اللغط، وهو ما أثبته التقرير الذي قدمه المراقب عيد العميري، وهو بالمناسبة من أنزه الشخصيات الرياضية التي سمعت عنها في الوسط الرياضي الليبي».

وأضاف رحومة سوط قائلاً: «تضمن تقرير المراقب عيد العميري كل التفاصيل التي شهدها اجتماع مدينة طبرق، كما شمل جميع الخروقات التي شهدها الاجتماع، وسلم العميري تقريره إلى اللجنة الأولمبية، التي تحركت أخيراً، بمخاطبة اتحاد الكرة، لتمنحه مهلة 7 أيام للرد على كل تفاصيل القضية، لتصبح الكرة في ملعب اتحاد الكرة، والمطلوب منها الرد، قبل التعرف على رد فعل اللجنة الأوليمبية الليبية، بعد انتهاء المهلة المحددة».

حكم قضائي نهائي ونافذ ببطلان انتخابات اتحاد الكرة.. و«كاس»: شأن داخلي
وفي يونيو الماضي، أصدر القضاء الليبي حكماً نهائياً في قضية انتخابات الاتحاد الليبي لكرة القدم، حيث قررت محكمة الاستئناف بطلان انتخابات اتحاد الكرة الليبي التي جرت قبل عامين، وهو حكم نافذ. يأتي ذلك بعد عامين من المرافعات والمحاكم في القضية الشهيرة التي تقدم بها المحامي أنور الطشاني، رئيس الاتحاد الليبي لكرة القدم السابق، وإبراهيم شاكة، المرشح السابق لرئاسة الاتحاد الليبي لكرة القدم.

وحُجزت القضية للحكم النهائي، بينما عدّتها محكمة الرياضية الدولية بسويسرا «كاس» شأناً داخلياً، ومن اختصاص القضاء الليبي، للتصاعد القضية المرفوعة بشكل مشترك من إبراهيم شاكة بسبب طعنه في صحة ونزاهة الانتخابات، وأنور الطشاني بسبب منعه من دخول الانتخابات أساساً والتي فاز عبرها بمقعد رئيس اتحاد الكرة الحالي عبدالحكيم الشلماني.