منح البرلمان الأوروبي الضوء الأخضر الأولي، اليوم الثلاثاء، لقانون يستهدف الدفاع عن تعددية وسائل الإعلام واستقلاليتها وسرية مصادرها، وهو موضوع في قلب الحدث في فرنسا مع احتجاز صحفية أخيرا.

ويفتح التصويت على هذا القانون، الذي نال 448 صوتا مؤيدا (102 ضد وامتنع 75 عضوا عن التصويت)، الطريق الآن أمام المفاوضات مع الدول الأعضاء.

وقدمت المفوضية الأوروبية هذا القانون الأوروبي لحرية الإعلام في سبتمبر العام الماضي، بعد تدهور الوضع في دول من الاتحاد الأوروبي مثل بولندا والمجر.

القانون يحظر احتجاز الصحفيين ومداهمة مكاتبهم أو منازلهم
ويؤمن مشروع القانون ضمانات لاستقلال نهج التحرير للفريق المسؤول عن ذلك في مواجهة السلطة السياسية أو الاقتصادية، ويحدد التزامات الشفافية على ملكية وسائل الإعلام.

وخلال الجلسة العامة للمفوضية الأوروبية، أشارت نائبة رئيسة المفوضية، فيرا جوروفا، لأعضاء البرلمان إلى صعوبة التوصل للقانون بسبب الضغوط التي واجهها، حتى اعتقد كثيرون في البداية أنه مهمة مستحيلة.

ويحظر القانون احتجاز صحفيين وتفتيش الوثائق ومداهمة مكاتبهم أو منازلهم «ولا سيما عندما يؤدي ذلك إلى الوصول للمصادر الصحفية»، وتخضع الاستثناءات لهذا المبدأ إلى تنظيم صارم.

صحفيون تونسيون يتظاهرون ضد قمع حرية الإعلام وحبس بعض زملائهم
الاتحاد الأوروبي يطالب بتقديم مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين في ليبيا إلى العدالة
معايير المهنة وحرية الإعلام

وتقول مديرة مكتب «مراسلون بلا حدود» في بروكسل، جولي ماجيرزاك، لوكالة «فرانس برس»: «من الواضح أن هذه الضوابط تحمي أكثر من القانون الفرنسي الحالي، وتوفر مستوى من الحماية كان من شأنه أن يمنع وقوع حادثة كتلك التي تعرضت لها أريان لافريلو».

وقد وضعت الصحفية الفرنسية التي تتعاون مع موقع «ديسكلوز» الاستقصائي في الحجز لدى الشرطة 39 ساعة في 19 و20 سبتمبر، بل جرى تفتيش منزلها في إطار تحقيق قضائي بتهمة المساس بسرية الدفاع الوطني، وذلك عقب مقالات عن صفقات بيع أسلحة فرنسية، ومهمة استخباراتية فرنسية في الخارج.

حماية سرية المصادر والعمل الصحفي
وستكون أحكام القانون المخصصة لحماية سرية المصادر والعمل الصحفي موضع نقاشات صعبة مع الدول الأعضاء، التي تبنت موقفها من هذا النص في يونيو. وبناء على طلب فرنسا، أصرت على استثناءات محتملة باسم «الأمن القومي».

وينص القانون على أنه لا يمكن السماح باستخدام برامج التجسس من نوع «بيغاسوس» ضد الصحفيين إلا «كوسيلة أخيرة، وكل حالة على حدة»، وإذا أمرت هيئة قضائية مستقلة بهذا الإجراء في إطار تحقيق في «جريمة خطيرة مثل الإرهاب أو الاتجار بالبشر»، كما ذكر البرلمان.

وقالت النائبة الرومانية في البرلمان الأوروبي، رامونا ستروغاريو، إحدى مقرري النص: «يحظر استخدام برامج التجسس في التحقيقات التي تتعلق بالنشاط المهني لوسائل الإعلام وموظفيها».

حدود إشراف منصات الإنترنت على المحتوى الصحفي.
وفي رسالة مفتوحة، دعت 80 منظمة ونقابة صحفية النواب الأوروبيين إلى التصويت لمصلحة حظر كامل على «برامج التجسس».

وهناك نقطة أخرى أساسية يتضمنها التشريع، لمنع منصات الإنترنت من إزالة أو فرض قيود على المقالات أو تقارير الفيديو بشكل تعسفي، حث ينص القانون على معاملة مختلفة لوسائل الإعلام التي تستوفي عددا معينا من الشروط.

مثلا: أن تكون وسائل الإعلام شفافة بشأن أصحابها، ومستقلة من جهة التحرير، وأن تخضع لإشراف هيئة وطني، أو تحترم معايير التنظيم الذاتي، وألا تنتج محتوى بواسطة نظام ذكاء صناعي دون أن يخضع لإشراف بشري.

وإذا رأت إحدى المنصات أن محتوى وسيلة إعلام معترف بها ينتهك قواعد الاستخدام، فعليها تحذيرها قبل 24 ساعة من الشروع في تعليق أو تقييد محتمل، لمنحها الوقت للدفاع عن نفسها.

وأيد عضو البرلمان الأوروبي الفرنسي جوفروا ديدييه (حزب الشعب الأوروبي - يمين) مشروع القانون، لأنه يسهم في تعزيز حرية التعبير، وضرب مثلا على ذلك بأن «تويتر لن تستطيع بعد الآن على سبيل المثال حذف حسابات الصحفيين».

ورحب اتحاد البث الأوروبي بالتحسينات التي أدخلها النواب الأوروبيون على النص، لحماية وسائل الإعلام التي جرى التحقق منها من قِبل الرقابة على المنصات. في حين انتقدت إحدى جماعات الضغط الرئيسية لعمالقة الرقمنة هذا «الإعفاء الإعلامي».