حررته المدرسة التكعيبية من المحاكاة
استهوته المدرسة التكعيبية، التي حررته مثلما قال من قيود المحاكاة والتمثيل. دعم تجربته بالقراءة المتخصصة، فتحقق إبداعا لا تخطئه العين، توج بوصول قيم لوحاته لأرقام قياسية في «مزاد سوذبيز» بلندن، بعدما انتقت لوحتين من أعماله: «خروج المصلين من المسجد»، التي أتم رسمها العام 1981، وهى لمسجد حى «المرابدة» بتنوع رواده، صغارا وكبارا، و«جلسة وقت الضحى» التي كان قد رسمها العام 1980

عبر لوحاته  استعاد ذاكرة حي (الكوت)

اللوحتان نفذتا بالألوان الزيتية، واستعاد السليمان عبرهما ذاكرة حي «الكوت» بالأحساء، الذي أفني فيه طفولته، موضحا أن «خروج المصلين من المسجد» هي صورة مسجد الحي بتنوع شخوصه، وتتمثل فيها صورة عامة للناس، صغارا وكبارا. أما اللوحة الأخرى فهي استعادة لذاكرة طفولته، وحاول فيها، مثلما قال، أن يرسم والدته وهي تنقى طبق حبوبها في جلسة شتوية مضيئة وقت الضحى.

والمُطلع على حواراته الإعلامية، وكذلك ما كتب عنه، ينتبه أن «ذكرياته الخاصة تبرزعلاقته بأمه، وقد تبدو للبعض أنها مجرد أحداث يومية عابرة غايته توثيقها»، ولكنه يقول إن أعماله تتأسس على ومضات من ذاكرته، وهي في الواقع ما جعلته وأعماله ما هو عليه الآن. رؤية الفنان عبدالرحمن السليمان للفنانين العرب، الذين أختص منهم الفنان المصري الكبير عبدالهادي الجزار، والعراقي سعدي الكعبي، بسبب واقعيتهما الاجتماعية المستقاة من تجربتهما الإنسانية، أسست لديه ذاكرة فنية متوافقة تعكس قضايا مشتركة بينهم، على الرغم من «الحدود والاختلافات والتباين في الهويات والأنظمة الاجتماعية».

نشأ بمعزل عن الفن التشكيلي المحلي والعالمي
واعترافه بأنه «نشأ بمعزل عن الفن التشكيلي المحلي والعالمي»، إذ لم يزر يوما متحفًا أو معرضًا فنيًا، لأن «الفن كان رفاهية لا تتوافر لأبناء طبقة كادحة لم يبرحوا قريتهم مثله»، جعله يرى أن «الفن السعودي هو فن هواة يقلدون لوحات غربية شهيرة من دون خلق أسلوب فني فريد يمثّل ثقافتهم المحلية».

ولعل صدقه هذا جعلني اتفق معه أن هذا الواقع نكاد نلمسه في عدد من أعمال فنانين تشكيليين من العالم الثالث ليس بين أيديهم سوى تجربتهم، من دون أن نعممه، لأن الكثيرين طوروا بالفعل موهبتهم وثقافتهم الفنية بمجهودهم ومتابعاتهم المتصلة، وهذا في الواقع ما وجدته شخصيا عند الفنان الليبي محمود الحاسي، الذي تابعت أعماله منذ أكثر ربع قرن، حتى أنه أسس لي قواعد فنية طورت من إمكاناتي في معرفة الكثير عن الفن التشكيلي.

صدر له عدد من المؤلفات التي تؤرخ للفن التشكيلي في السعودية
الفنان التشكيلي عبدالرحمن السليمان ولد في الأحساء العام 1954، وأقام عديد المعارض الفنية داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، وترأس قسم الفنون التشكيلية في الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، وصدر له عدد من المؤلفات التي تؤرخ للفن التشكيلي في السعودية، من أبرزها كتاب «مسيرة الفن التشكيلي السعودي»، وكتاب «الفن التشكيلي السعودي في المنطقة الشرقية».وقد بدأت مسيرته الفنية منذ انضمامه إلى مرسم نادي «الاتفاق» في حي «العدامة» خلال العطلة الصيفية بالعام 1971، وتوج موهبته بتخرجه في كلية المعلمين بالدمام تخصص تربية فنية العام 1991، وبعدها لم يتوقف لا تحصيله الفني ولا معارضه ولا جوائز إبداعه منذ أن نال جائزة بينالي الشارقة الدولي العام 1997.