أثناء بحثى لإعداد ملخص أقدّم به الفنان التشكيلي التونسي الراحل الحبيب بوعبانة، توقفت عند عنوان كتبه الكاتب رمزي العياري في موقع «الترا تونس»، يصف هذا الفنان الكبير بـ«المآتر»، ولأنني لا أعرف معني الكلمة، بحثت ووجدت أنها تعني باختصار شديد: الأم المرضعة، ويضيف تفسير ثانٍ باللاتينة أن (Alma Mater) تشير إلى مدرسة أو جامعة أو الكلية التي يكون قد ارتادها المرء في سنوات تكوينه الأولى. أو نال فيها شهادة أو دكتوراه أو شهاداته كافّة.

فرشاه حُبلى دائمًا بالضوء وعتوّ الألوان وعفوية الأطفال
يؤكد المقال أن «المآتر» الحبيب بوعبانة يُعد فرشاة على حدة، بمعنى أنها متفردة، ويضيف ببلاغة «أنها حُبلى دائمًا بالضوء وعتوّ الألوان وعفوية الأطفال والعواطف الإنسانية الخالدة. إنها خلطة عجيبة يبدو أنها دفعت باللوحة التونسية إلى مدارات جديدة لم تعهدها من قبل..».

كان أعظم من الحياة
أعترف أن ذلك ما شدّني إلى لوحاته، ناهيك عن تلك المسحة الحزينة في ملامحه التي تشي بمعاناة فنان مُرهف، كثيرًا ما أحسست بها في ملامح عدد من أصدقائي التشكيليين. غير أن كاتب المقال يضيف تصديرًا اقتبسه من رواية (حدّث أبو هريرة) للأديب محمود المسعدي، يقول: «.. رحم الله أبا هريرة، كان أعظم من الحياة!

الإبداع الحقيقي باقٍ
ولعلني فهمتها بمعنى، أن الاقتباس إشارة إلى أن الإبداع الحقيقي باقٍ وحياة المأخوذين به فانية. والحقيقة أنني أحسست أن الفنان الراحل الحبيب بوعبانة مثلما كتب الأستاذ رمزي العياري، من الرسامين التونسيين القلائل الذين يشبهون أعمالهم إلى حد بعيد «فرشاته حُبلى بالضوء، الألوان وعفوية الأطفال..».

كتب للمسرح وألف الأشعار ونشر بالصحف والمجلات
الفنان الحبيب بوعبانة درس بمدرسة الفنون الجميلة بتونس بداية سنة 1954 وهي في أوج عطائها ونضجها وإشعاعها وتميزها، كان حينها يبلغ من العمر 12 سنة، فهو من مواليد تونس العاصمة يوم 17 مارس 1942، وتُوفي يوم 23 مارس 2003. بدأ مشواره الفني منذ سنة 1968، وبعد تسعة أعوام أقام بباريس. وأقام أول معرض له في السنة نفسها بقاعة يحي بتونس، وكرر التجربة بالقاعة نفسها عام 1979، أما عام 1983 أقام معرضه برواق (ارتسام) بالعاصمة التونسية. وبالإضافة إلى ذلك شارك في العديد من المعارض التي انتظمت بتونس وخارجها. كتب للمسرح وألف الأشعار ونشر بالصحف والمجلات، ويظل زمن الثمانينات هو الفترة الأخصب له، إذ أقام ثلاثة معارض شخصية خلال سنة 1983 بقاعة ارتسام، وسنة 1985 برواق التصوير، وسنة 1988 برواق وشيم، كما شارك في عدد من المعارض الجماعية العديدة.