Atwasat

ليبيا مسألة أميركية!

أحمد الفيتوري الثلاثاء 26 نوفمبر 2019, 09:11 مساء
أحمد الفيتوري

• المسألة الليبية كفلم أميركي!

لا أظن أن في التاريخ، قوى عظمى كالولايات المتحدة، تظهر كقوى ضعيفة المعلومات، غير ملمة بما يحدث عالميا، فمصابة بالوهن والتعثر، وهي القوى المهيمنة على العالم، منذ نهاية الحرب الكبرى الثانية، ومستقبلها غزو الكون. فالولايات المتحدة هذه، عاجزة في مواجهتها، مع جزيرة هي جزء من ولاية فلوريدا جغرافيا، حتى أنها كانت ملهى ليليا للرجال الأعمال اليانكي!، جزيرة (كوبا) ظهرت في جسد الولايات المتحدة، كالدبوس في جسد الفيل، ما أشار إليه (تشي جيفارا)، أيقونة النضال ضد الإمبريالية الأميركية،رفيق زعيم كوبا (كاسترو).

أما عن ليبيا فحدث ولا حرج، فأميركا، يصدع نشيد قواتها البحرية باسم طرابلس، مذكرا بالحرب 1830م، بينها وبين باشا طرابلس (يوسف القرهمانلي)، باعتبارها أول حرب تخوضها أمريكا خارج شواطئها، وتاليا في الحرب الكبرى الثانية، أميركا هذه ساهمت بجيوشها، في تحرير طرابلس من جيوش المحور، خاصة من المحتل الفاشي الإيطالي، وعلى إثرها أقامت قاعدة (هويلس)، ما هي من أكبر القواعد الأميركية في الخارج، وبقيت كذلك حتى جلاء القوات الأميركية يونيو 1970م، ثم زاد وجودها على أثر ثورة فبراير 2011م، وبفضل قرار مجلس الأمن 1973، حتى أبريل 2019 عندما خرجت قوات (المارينز) من طرابلس، ما تناقلته الأنباء المصورة، أما الطائرات بطيار أو بدون طيار، فلم تغادر سماء ليبيا، ما أخرها قيل أنها أسقطت، خلال الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر 2019م.

هذا التواجد العسكري، ترادف بوجود للشركات الأميركية، خاصة مع عملية الاستكشاف الكبرى للنفط، وعقب ذلك باتت تلك الشركات المهيمنة، وأمسى الاقتصاد الليبي رهينة في يدها بشكل أو بآخر. لذلك تحدث كثيرون، عن دورها في إلغاء نظام الحكم الفيدرالي، ثم في الانقلاب العسكري في ليبيا، سبتمبر 1969م. مما جعل ليبيا مسألة أميركية، وقد قام كونونيل ليبيا (معمر القذافي)، بدور أخطر رجل في العالم، في الفلم الأمريكي، ما يختص بالمسألة الليبية. وعند انتخابات الرئاسة الأميركية، وعند التنافس بين ترامب ومنافسته كلينتون، كانت مدينة (بنغازي)، فمسألة اغتيال السفير الأمريكي بها، مسألة داخلية أميركية، وحتى قبل ذلك.
رغم هذا فأميركا، ليست على دراية بالمسألة الليبية!، وليست مهتمة!، ليبيا ليست في حسابات الإدارة الأميركية، في كل الأحوال!، وهذا الحال حال مربوط بالشأن الأميركي، في كل شئون العالم، فأميركا تجهل ما تفعل، وتفعل ما تجهل، وتقدم إلينا كقوى عظمي بلهاء، كما ترامب رئيسها الحالي!.

• سيناريو الفلم الأميركي
التصريحات الأمريكية، فجأة اهتمت بالتدخل الروسي في ليبيا، وبغتة تم اكتشاف ذا التدخل، وكأنما روسيا تسللت في ليل، ليل الربيع العربي في موجته الثانية، ما يجتاح الشرق الأوسط، حتى الدولة اليهودية العاجزة عن تكوين حكومة. وفي هذا الخضم، (الدب الروسي) سقط من السماء، على الصحراء الليبية!، والبهلوان الأميركي، من يلعب بعقولنا، منذ جعل هوليود قبلتنا، يصرخ في وجوهنا: كش قيصر روسيا، لقد اكتشفناك.

لعبة الروليت الأميركية هذه، جذابة، لهذا تقاطر زعماء الحرب الليبية على واشنطن، ومن هناك زعيم أمن طرابلس، ردد التصريحات الأميركية، ناسيا أو متناسيا، الباخرة الروسية العسكرية الضخمة، ما حطت منذ سنوات قبيل ميناء طبرق، موكدا ووزير خارجيته: أن الولايات المتحدة بدأت تعي، أين تقع ليبيا، وما هي وكيف حالها، بعد الشروح المسهبة التي قدماها، فوعت القوى العظمى البلهاء، خطر (الدب الروسي)!، وكانت أطراف أخرى، نزلت قبل واشنطن، تشرح وتبين للجاهل الأميركي، الأوضاع في ليبيا.

السيناريو الأميركي، بطبيعته، كمؤلف ومخرج في الواقع، يهتم بكل التفاصيل، ولكن لا تهمه، التفاصيل الليبية المحلية، إلا في سياق التحولات الجارية في الشرق الأوسط، ما تبدو أنها موجة ثانية من الربيع العربي، ما في موجته الأولي، التواجد الأميركي كان نارا على علم، في حين في الموجة الحالية، الأمور تزداد تعقيدا، خاص بعد إنهاء دور (البغدادي).

إن الإيهام الأميركي بدور المتفرج، والمتفرج الوحيد، لم يعد له مستقبل، فأميركا نفسها تعاني من التحولات الكبرى العلمية والتقنية، فالاجتماعية السياسية، فالعالم الافتراضي، فاضح لكل السياسات التقليدية والأساليب القديمة، وكل ما تحت الطاولة أصبح على الطاولة. كذلك فإن (رامبوا) لم يعد بطلا، ولا الفلم فلما أميركيا ليس إلا، (لعبة الأمم) غدت هزلية، مهزلة مكانها المتاحف ومكتبات الكتب القديمة.

وعليه، فالتدخل الأميركي يزداد في المنطقة، كلاعب مع كل طرف، بحساب قديم، أنه الرخ الذي يجول في الرقعة، فترامب من تحدث كثيرا عن البيت الأمريكي، كان يعني أن هذا البيت العالم، وحتى العالم الافتراضي، ترامب يرتب مثلا، جولته الانتخابية القادمة، في أوكرانيا، أليس كذلك؟...