يقلب عباس نصر الدين الفحم على رأس نرجيلته في أحد مقاهي بيروت، يسحب منها نفسًا طويلًا وهو يعلم أنها قريبًا ستكلفه ألف ليرة لبنانية إضافية، بعد قرار الحكومة فرض رسم جديد على الشيشة في إطار موازنة 2019 التقشفية.
ويقول نصر الدين (26 عامًا)، الطالب في كلية الإعلام الذي لا يمر يوم من دون أن يستمتع بتدخين نرجيلة، «إنها الوسيلة التي تساعدنا على تخفيف التوتر، لكنها باتت اليوم بحد ذاتها سببًا للتوتر».
ويضيف «يمكنهم فرض الضرائب على أمور كثيرة، لكن ليس على الأمور التي تريح الناس.. الواحد منا يدخن النرجيلة ليريح رأسه من وضع البلد المقرف»، وفقًا لـ«فرانس برس».
وبعد فشل السلطات المتعاقبة في إجراء إصلاحات بنيوية في هذا البلد الصغير الذي تثقل الديون والفساد كاهله، تعهدت الحكومة العام الماضي أمام مؤتمر دولي (سيدر) استضافته باريس لمساعدة لبنان، القيام بإصلاحات وتخفيض النفقات العامة في مقابل حصولها على أكثر من 11 مليار دولار على شكل قروض وهبات.
وبعد أسابيع من جلسات شهدت نقاشات حادة، اعتمدت الحكومة اللبنانية الإثنين، مشروع موازنة العام 2019 وأحالته على مجلس النواب لإقراره، وتضمن إجراءات تقشفية بينها فرض رسم ألف ليرة (0,66 دولار) على سعر النرجيلة التي تقدم في المطاعم والمقاهي.
ويقول نصر الدين «قد لا يكون للألف ليرة قيمة لدى السياسيين، لكني أذهب إلى الجامعة في مقابل ألف ليرة».
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن تدخين نرجيلة كاملة يوازي تدخين 20 إلى 30 سيجارة دفعة واحدة، ما يؤدي إلى أضرار في الرئتين وحتى مرض السرطان. وبرغم ذلك، ينتشر تدخين النرجيلة في دول الشرق الأوسط بكثافة.
إنهم يدمروننا
ويملأ دخانها مطاعم ومقاهي كثيرة في لبنان، ولساعات طويلة يتنقل شاب بين الزبائن لإضافة الجمر على النرجيلات. ونتيجة الإقبال الكبير عليها، باتت بعض المقاهي تقدم خدمة توصيل النرجيلة إلى المنازل.
ووجدت دراسة نشرتها صحيفة «إثنيات وأمراض» الطبية أن نسبة المراهقين اللبنانيين، بين 13 و15 عامًا، الذين يدخنون النرجيلة مرة واحدة على الأقل شهريًّا هي الأعلى في الشرق الأوسط وتفوق 30%.
في مقهى في الضاحية الجنوبية لبيروت، يمسك حسام شومان وهو محاسب في الثامنة والعشرين من العمر، بخرطوم نرجيلته، يسحب نفسًا عميقًا ويقول «أدخن من الملل.. بعد الانتهاء من العمل».
ويتساءل شومان عن أسباب زيادة الرسم على النرجيلة، ويحاول أن يحسب الكلفة الإضافية التي سيدفعها شهريًّا بعد فرض الضريبة الجديدة. ويضيف «ليأخذوا الأموال من مكان آخر، لماذا يلاحقون مدخني النرجيلة؟ إنهم يدمروننا».
ويشهد الوضع الاقتصادي تدهورًا في لبنان منذ سنوات، وسجلت نسبة النمو العام الماضي 0,2 %، بحسب صندوق النقد الدولي.
ويتهم اللبنانيون المسؤولون بالانهماك في رفع الأسعار وزيادة الضرائب لتخفيف العجز بدلًا من محاربة الفساد والهدر المستشريين في مؤسسات الدولة. ويشغل لبنان حاليًّا المرتبة 138 من أصل 180 بلدًا في تصنيف تعده منظمة الشفافية الدولية للدول الأكثر فسادًا.
تعليقات