وصف تقرير فرنسي ما يكابده الليبيون يوميا بـ«المعركة الجديدة مع الظروف المعيشية الصعبة»، إذ يعانون من تراجع قيمة العملة الوطنية، وارتفاع أسعار المحروقات إلى مستويات قياسية، والانقطاعات المستمرة للكهرباء وغياب الأمن.
ويضيف تقرير مجلة «لوبوان» الفرنسية، أنه من الصعب وصف ليبيا بـ«الملاذ الآمن» في الوقت الحالي، رغم أن الحرب تراجعت، لكن ظلها لم يختفِ تماما، إذ إنها لم تعد تشهد معارك طيارات مسيرة في أجوائها، ولا مزيدا من المستشفيات المحترقة ولا قصف المنشآت أو عمليات الخطف المتكررة.
وأشار تقرير المجلة الأسبوعية إلى تحويل قوى إقليمية وداعموها ليبيا التي تعتبر أهم قوة نفطية في القارة السمراء بعد الجزائر، والتاسعة عالميا، إلى فيتنام جديدة في شمال أفريقيا، في حين سيعاني الليبيون الصيف الحالي حرا شديدا لا يطاق بسبب تأثر المكيفات وأجهزة التبريد بتدهور شبكة الكهرباء.
معاناة الليبيين مع أزمتي الكهرباء والوقود وتراجع الدينار
ونقلا عن الباحث المتخصص بالشأن الليبي في مؤسسة «المبادرة العالمية» جلال حرشاوي فإن «الانقطاعات في التيار الكهربائي أصبحت كثيرة جدا منذ صيف العام الماضي» مؤكدا أنها تتم بوتيرة يومية والسكان أنهكوا وتعبوا وفقدوا أي أمل.
وكمفارقة إضافية يوضح حرشاوي إن الوقود ذاته غير متوفر، ورغم أنه مدعوم من الدولة فقد تضاعفت أسعاره 20 مرة، في حين تذهب الأموال إلى الأفراد.
وحذر التقرير من تسبب التراجع في قيمة الدينار في تقويض زيادة محتملة في الأجور بنسبة 40%، فقد انهارت قيمته حيث يتداول الآن بواقع 4.49 دنانير للدولار الواحد، في مقابل 1.4 دينار قبل ستة أشهر فقط.
في المقابل، ينوه التقرير ببقاء حكومة الوحدة الوطنية الموقتة بلا ميزانية معتمدة، كما أن الوضع ذاته ينطبق على خمسة إلى ستة مليارات دولار كان مخططا رصدها للبنية التحتية ومحاربة آثار جائحة فيروس كورونا المستجد.
ولفت التقرير إلى وجود عدد قليل من المشاريع الممولة من جهات خارجية في طور التنفيذ، مثل محطتين للطاقة غرب البلاد (من قبل تركيا) وأخرى ثالثة في الشرق (من قبل اليونان).
انعدام الأمن
وما يزيد المشهد الليبي «سوداوية» ويثير قلقا بالنسبة لليبيين هو انعدام الأمن، حسب التقرير، الذي يرى إن توقف الحرب «أفسح المجال لحروب العصابات ومنطق تقاسم الغنائم والصراع القبلي الذي تلجأ فيه الميليشيات في الغالب لاستخدام القذائف والأسلحة الثقيلة من أجل فرض سلطتها».
وأشارت «لوبوان» إلى الأحداث التي جرت في منطقة العجيلات، حيث تسببت مؤخرا الاشتباكات في مقتل ثمانية أشخاص، مضيفة أن المكان «يعد مركزا لتهريب المخدرات والأغذية والوقود المدعم».
ويرجح التقرير أن تظهر كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا «وحدة صورية» في الواجهة خلال انعقاد مؤتمر برلين الثاني، اليوم الأربعاء، بينما يتحدث الجميع عن انتخابات 24 ديسمبر التشريعية والرئاسية المقبلة، وعن التقدم المسجل منذ المؤتمر الأول، وسيستحضر الغرب مزهوا بالحراك الديمقراطي الذي تشهده البلاد.
واختتم التقرير: «كل ذلك يدل بوضوح على أن ملف الأزمة الليبية هو دولي بالأساس، لذلك فإن أولئك الذين يتصورون أنفسهم رؤساء لهذا البلد بعد ستة أشهر من الآن يصولون ويجولون في العواصم والمقرات الدبلوماسية الغربية بحثا عن التزكية».
تعليقات