Atwasat

دراسة تطرح توصيات لإنجاح المرحلة الانتقالية في ليبيا وتحقيق التنمية

القاهرة - بوابة الوسط الخميس 20 مايو 2021, 04:06 مساء
WTV_Frequency

أصدر معهد الجامعة الأوروبية دراسة بحثية تطرح عدة توصيات لتتمكن ليبيا من تجاوز المرحلة الانتقالية، وصولا إلى نموذج الدولة التنموية.

وأشارت الدراسة، الصادرة بعنوان «تجربة الدولة التنموية في إثيوبيا ورواندا: دروس لليبيا»، إلى أن المرحلة الانتقالية «المعقدة» في ليبيا خلال الوقت الراهن تطرح «فرصة» لمناقشة نموذج جديد للدولة يحيد عن تجارب السلطات الانتقالية السابقة، ويعكس متطلبات التنمية والسلام في ليبيا بصورة أكبر على المدى الطويل.

وتضيف أن الفرصة تتمثل في الاختيار بين نموذج ليبرالي بقيادة السوق، ونموذج الدولة التنموية، أو نموذج الدولة الرفاهية الذي يقع بين النموذجين السابقين، وبالنظر إلى خصوصية السياق الليبي، ترجح الدراسة أن يختار الليبيون «مزج ومواءمة عناصر من نماذج مختلفة يجدونها ملائمة لإدارة الاقتصاد السياسي للبلاد في المستقبل».

وهنا تركز الدراسة على نموذج الدولة التنموية، وتتناول مزايا وعيوب النموذج، وقدرته على التصدي للتحديات التي تواجهها ليبيا، ملمحة إلى تجربتي رواندا وإثيوبيا اللتين «شهدتا مرحلة استقرار وإعادة إعمار تلت مرحلة حرب وإبادة جماعية، وحققتا نموا اقتصاديا سريعا عبر تطبيق نموذج الدولة التنموية»، حسب الدراسة. 

بناء دولة قوية وفعالة
وأول توصية للدراسة هي تأسيس دولة قوية وفعالة، وهي أحد أهم واجبات المرحلة الانتقالية في ليبيا، مضيفة: «إذ قد يسهم الأمر في عملية بناء السلام، ودوران عجلة التنمية بصورة كبيرة، ولذا يجب إرساء القانون والنظام والاستقرار في مؤسسات الدولة الاجتماعية الاقتصادية الفعالة التي يمكنها تخصيص الموارد العامة، وسن وتنفيذ القوانين وحل النزاعات».

وتستشرف أيضا ظهور نموذج الدولة التنموية في ليبيا عبر مشاريع إعادة الإعمار والخطط التنموية الهادفة لترسيخ الاستقرار والديمقراطية وبناء الدولة.

تنمية الأمن واللامركزية عبر اتفاق سياسي
وتدعو الدراسة أيضا إلى تنمية قطاعي الأمن والدفاع والإدارة اللامركزية، وذلك عبر تلبية مطالب رئيسية، منها التوصل إلى اتفاق سياسي بشأن النموذج التنموي والشرعية السياسية لمنفذيه.

وترى أن ليبيا في حاجة إلى تحول سريع لتعويض العقود الفائتة في تنميتها، ولعل الدولة التنموية هي الوسيلة الأكثر فعالية لتحقيق نطاق وعمق ومدى ووتيرة التغيير اللازم.

شروط لعبور المرحلة الانتقالية
وتضع الدراسة عدة نقاط لتحقيق الانتقال السليم وهي: «وضع رؤية بعيدة المدى للاقتصاد السياسي للدولة في إعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد الصراع في ليبيا، والسيطرة على الموارد الطبيعية واستخدامها بصورة واسعة، لا سيما النفط والغاز، لصالح جميع الليبيين، ودعم نخبة (سياسية) ثابتة تقدم قيادة منضبطة مع توافق عريض في الآراء، وتوفير الخدمات العامة ووضع الخطط وتنفيذ القرارات، وترسيخ بيروقراطية مهنية، وإخضاع القطاع الخاص والمجتمع المدني لرؤية الدولة بعيدة المدى».

ثلاثة عوامل لإقامة الدولة التنموية
وتتوقف فرص ليبيا في إقامة دولة تنموية على ثلاثة عوامل وفق الدراسة هي: «التطورات السياسية التي تسمح بنشوء حزب ائتلافي مهيمن، والملكية العامة لموارد النفط والغاز وإدارتها، وحكم ذاتي كونفدرالي (أو فيدرالي) جاد للمناطق في المسائل السياسية».

ولن يكتب النجاح لنموذج الدولة التنموية دون رؤية مشتركة ودائمة، وفق الدراسة، التي تقول إن فعالية النموذج تعتمد على «السيطرة السياسية المهنية والمستمرة، إذ تجعل التغيرات في حكومة وسياسات الدول الليبرالية (الطبيعية) التي تلي كل دورة انتخابية من الصعب ممارسة السلطة واستمرارية السياسة الخاصة به».

وأكملت: «بالإضافة إلى ذلك، تمنح الدول التنموية الأولوية لتوفير الخدمات العامة على حساب الديمقراطية، فضلا عن ذلك، وفي ظل الانصهار الاستثنائي للسلطة بين أيدي الزعماء، تستند شرعية الدولة إلى استعداد الحزب وقيادته على تحمل المسؤولية، وبالتالي، يتطلب الحكم والدولة التنموية نخبة سياسية واقتصادية مستنيرة بصورة استثنائية، حكيمة في إجراءاتها وتدعم درجة معينة من المفاضلة بين الديمقراطية والإنجاز».

الدولة التنموية تتطلب توافقا سياسيا
وأردفت: «لهذا السبب تتطلب الدول التنموية توافقا سياسيا، وحسا مشتركا بالحاجة الملحة الموجهة نحو التحول، الأمر الذي يصبح إشكالية إذا كانت النخبة السياسية والعسكرية والاقتصادية مجزأة بصورة سيئة كما هي الحال في ليبيا اليوم، وبالنظر إلى التدخل الواسع من الجهات الفاعلة الخارجية في الشؤون الليبية، فمن المرجح أن تقوض سيادة الدولة في اتخاذ قراراتها السياسية».

ودعت القيادة الليبية إلى «تنفيذ الاتفاقات برزانة وهدوء، وإهمال المناوشات السياسية الروتينية؛ بما يخدم مصالح رؤيتها بعيدة المدى، وعبر صياغة توافق وطني، يمكن للدولة التنموية في ليبيا إيجاد حل للتدخلات الخارجية المستمرة والسماح للدولة بممارسة واحدة من سماتها الرئيسية وهي الاستقلال الذاتي».

وخلصت إلى أنه في حالة التوصل إلى توافق وطني «ستكون ملكية الموارد الطبيعية مثل النفط والسيطرة عليها واستخدامها في غاية الأهمية لتقديم المنافع العامة في دولة تنموية ليبية في ليبيا، تنشأ التحديات الرئيسية في إقامة دولة كهذه من غياب اتفاق سياسي واسع بين النخبة والافتقار إلى حزب سياسي مهيمن، ولاستدامة الدولة التنموية، يجب أن تتواصل كتلة أساسية من المصالح السياسية والاقتصادية إلى رؤية مشتركة للدولة التنموية».

التوافق على رؤية سياسية واقتصادية
وتتمثل المشكلة الحاسمة في إقامة دولة تنموية، حسب الدراسة، في غياب الحزب الواحد المهيمن الذي بإمكانه الفوز بالانتخابات بصورة متوالية، بدلا من ذلك، لبناء دولة تنموية، تحتاج النخبة الليبية وقواعدها الجماهيرية إلى «صياغة توافق في الآراء ينظر إلى ما وراء التأثير المباشر للانتخابات الدورية ويركز على رفاهية الأجيال القادمة، وقد لا يكون هذا التوافق متاحا بسهولة بعد حرب أهلية طويلة».

وتكمل: «ليبيا تحتاج إلى الحكمة للتركيز على عملية بناء البنية الأساسية للدولة، لكن من الأهمية بمكان أنها تحتاج أيضا إلى بناء البنية الفوقية لها، إذ قد تقدم الدول التنموية التي تتمحور حول البناء الدستوري للدولة، والذي يعتمد على الإجماع، وخطة إعادة الإعمار والتنمية الشاملين في مرحلة ما بعد الصراع، والعدالة الاجتماعية الموزعة، وجهات نظر معينة بشأن كيفية بناء ذلك الأساس بينما يركز الحكم الديمقراطي على البنية الأساسية بعيدة المدى».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
ليبيا.. إيرادات النفط في النصف الأول تسجل 7.6 مليار دولار
ليبيا.. إيرادات النفط في النصف الأول تسجل 7.6 مليار دولار
«المركزي»: 43.7 مليار دينار إجمالي النفقات الليبية منذ بداية العام
«المركزي»: 43.7 مليار دينار إجمالي النفقات الليبية منذ بداية ...
ترتيبات استثنائية لمؤسسة النفط وشركة الكهرباء خلال النصف الأول.. فما قيمتها؟
ترتيبات استثنائية لمؤسسة النفط وشركة الكهرباء خلال النصف الأول.. ...
كم بلغت نفقات الجهات التشريعية والتنفيذية خلال النصف الأول؟
كم بلغت نفقات الجهات التشريعية والتنفيذية خلال النصف الأول؟
داخل العدد 450: حراك لكسر الجمود.. والليبيون ينتظرون الانتخابات البلدية
داخل العدد 450: حراك لكسر الجمود.. والليبيون ينتظرون الانتخابات ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم