Atwasat

جريدة «الوسط»: ارتباك حكومة الدبيبة أمام امتحان الأولويات

طرابلس - بوابة الوسط الجمعة 02 أبريل 2021, 08:23 صباحا
WTV_Frequency

سجلت السلطة الموقتة في ليبيا خطوات خارج أولوياتها التي تعهدت بها، وعلى رأسها مواجهة جائحة «كورونا»، ومعالجة الأزمات المعيشية للمواطن، وتهيئة البلاد للاستحقاق الانتخابي المحدد بيوم 24/12/2021، حين انغمست في ملفات شائكة تستهلك وقتاً غير معروف من رصيد عمرها القصير، مثل رفع الدعم عن المحروقات وإعادة الإعمار وإنشاء وحدات لحراسة الحدود، ما ينبئ بارتباك في مواجهة تحدي الأولويات التي أتت من أجلها.

وفي السياق منحت الحكومة لنفسها اختصاص التصرف في مراجعة آلية دعم المشتقات النفطية قبل التوجه نحو إلغائها تدريجيًّا، ضمن ترتيباتها لمناقشة حجم موازنة الدولة للعام 2021 قبل مناقشتها وإقرارها بمجلس النواب أو طلب مراجعتها؛ حيث خصصت أكثر من 23 مليارًا لبند الدعم الخاص بالأدوية والأغذية والمحروقات، وأثار هذا التوجه غضبًا وجدلًا واسعين بين الأوساط ذات العلاقة، وفي الشارع الليبي الذي كان ينتظر خطوات عاجلة للتقليل من معاناته وتحسين ظروفه المعيشية، على الرغم من خروج ممثلين للحكومة ليوضحوا أن الأمر يتعلق بدراسة بدائل لإصلاح الدعم الحكومي أوكل إلى لجنة خاصة وتعويضه بمقابل مادي، بهدف مكافحة تهريب الوقود ومشتقاته إلى دول الجوار وتخفيض فاتورة استيراده السنوية.

وتكمن المخاوف من خطوة الحكومة في أن أي تصرف في أسعار مشتقات البترول سوف ينعكس على أسعار الكهرباء والمحروقات والمواصلات وكذا مختلف السلع والصناعات التحويلية، أما حاليًّا فإن عدة مناطق تشهد منذ أشهر نقصًا في البنزين، في حين يباع بأسعار مضاعفة في السوق الموازية، في وقت تقول الأمم المتحدة إن 1.3 مليون من سكان ليبيا، البالغ عددهم 6.6 مليون نسمة بحاجة إلى مساعدات إنسانية.

وحددت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، أواخر يناير الماضي، اختصاصات كل من المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، في عنوان عريض ينحصر في تنفيذ كل الإجراءات المطلوبة لإنجاح خارطة الطريق الهادفة للوصول للانتخابات وفق مواعيدها المقررة.

سعي حكومة الوحدة نحو تحقيق «التوازن»
وتعتقد السلطة التنفيذية الجديدة أن التقيد بموعد الاستحقاق الانتخابي يتطلب إحداث توازن مرحلي بين القوى الدولية المتصارعة على ليبيا وعلى عقود الإعمار بشكل أكبر، وهو ما يعتبره خبراء ليس مطلوباً من حكومة عمرها تسعة أشهر أن تدخل في مشاريع تنموية ضخمة بحكم اختصاصاتها الضيقة والمحدودة، في وقت يستحيل إنجاز ما تم تخصيصه من مليارات للتنمية خلال هذه الفترة؛ حيث تعتبر زيارات رئيس المجلس الرئاسي إلى باريس ثم القاهرة وأنقرة تذكيرًا بأن ليبيا بحاجة إلى أكثر من وقف إطلاق النار، فهي تحتاج أيضًا إلى مساعدة أجنبية كبيرة لإعادة البناء، وتجديد كبير للبنى التحتية، في عموم البلاد.

لمطالعة العدد الجديد 280 انقر على الرابط التالي

الجولات الخارجية للمنفي وزيارات المسؤولين الأجانب ليبيا أظهرت أن السلطة الجديدة تتبنى رؤية قائمة على الملف الأمني، على أساس إقناع المتدخلين المباشرين في الصراع بضمان مصالحهم الاقتصادية مع تحريك ملف المرتزقة والقوات الأجنبية بتشديد المطالبة بمغادرتهم الأراضي الليبية.

وفي سياق الحضور الأجنبي في ليبيا، طلب الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بشكل مباشر من رئيس الحكومة الدبيبة أن يكون لأوروبا مكان في إعادة إعمار ليبيا، فيما استغل وزير الخارجية الإيطالي لويغي دي مايو، زيارته إلى طرابلس للتأكيد بأنه يتعين على بلاده «المشاركة في إعادة إعمار ليبيا»، ليعلن في وقت لاحق أن بلاده ستفتح قنصلية في بنغازي وقنصلية فخرية في الجنوب. ومن جهته فتح رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة أذرع حكومته للمستثمرين والشركات الإيطالية، مشيرًا إلى التواصل مع مجموعات إيطالية كبيرة، على غرار «ساليني إيمبريليو»، التي يجري التفاوض معها على عقد بأكثر من مليار دولار، حسب مقابلة مع جريدة «كورييري ديلا سيرا»، يوم الثلاثاء.

ويعد مجال إعادة بناء المنشآت النفطية المجال الأكثر تنافسًا بين الدول الطامعة إلى الاستثمار، مع توقعات بتضاعف نسبة إنتاج النفط الليبي بحلول العام 2023، وبالتالي فإن عملية تأهيل مشاريع البنية التحتية ستؤدي إلى حصول الأطراف المتنافسة على أوراق نفوذ في ليبيا، ومن بينها الحصول على حصة في حقلي الشرارة والفيل جنوب البلاد، ومنفذ في ميناء بنغازي ورأس لانوف.

وإن كان ملف المحروقات (النفط والغاز) مهم للغرب، فهو مهم، وربما بدرجة أكبر لموسكو، مقابل اهتمام تركي لافت من خلال اتفاقية اقتصادية وقعت مع حكومة الوفاق الوطني منتهية الصلاحية في نوفمبر 2019، وضمنت بموجبها حصتها من غاز شرق المتوسط وسط رفض بلدان أخرى على رأسها اليونان، التي يخطط رئيس وزرائها كيرياكوس ميتسوتاكيس لزيارة ليبيا الأسبوع المقبل لاستعادة علاقاتها ومصالحها الجيواستراتيجية.

لمطالعة العدد الجديد 280 انقر على الرابط التالي

وفيما تبقى عقدة فرنسا المستمرة إنهاء الاتفاق التركي الليبي وإخراج قواتها من البلاد موازاة مع إعادة تموضعها الدبلوماسي من خلال افتتاح سفارتها في طرابلس بعد سبع سنوات من الغياب، تمنع خارطة الطريق المتفق عليها في ملتقى الحوار بجنيف توقيع اتفاقات أمنية جديدة أو تجميد السابقة منها خلال المرحلة الانتقالية، لكن النائب بالمجلس الرئاسي موسى الكوني خلال زيارته رفقة المنفي باريس كشف عن تفاهمات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لـ«إنشاء وحدات لحراسة الحدود خصوصًا الصحراوية وتجهيزهم وتدريبهم من قبل فرنسا».

تباطؤ أولوية توحيد المؤسسة العسكرية
وفي وقت تتباطأ وتيرة أولويات في توحيد المؤسسة العسكرية ضمن مخرجات عمل اللجنة العسكرية (5+5) وبداية وضع اللبنات الأولى لمشروع المصالحة الوطنية، إلا أن الاختبار المهم الذي تدخله اللجنة هو البدء باتخاذ خطوات عملية لفتح الطريق الساحلي وإخلائه من المظاهر العسكرية.

ووسط كل هذا تستمر الضغوط المحلية والدولية على السلطة الجديدة فيما يتعلق بتذكيرها بالأولويات التي جاءت من أجلها، وهي معالجة الأزمات المعيشية للمواطن الليبي، وعلى رأسها انقطاع التيار الكهربائي، ونقص السيولة النقدية في المصارف، وتهيئة البلاد إلى الاستحقاق الانتخابي، وفي موازاة ذلك تكثيف العمل في مواجهة جائحة «كورونا».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الحكم الثاني في 24 ساعة.. «استئناف مصراتة» توقف قرار ضريبة الدولار «موقتا»
الحكم الثاني في 24 ساعة.. «استئناف مصراتة» توقف قرار ضريبة ...
بالصور: تبادل الخبرات بين الشركات الليبية والمالطية
بالصور: تبادل الخبرات بين الشركات الليبية والمالطية
ارتفاع الدولار مقابل الدينار الليبي في السوق الموازية (الخميس 25 أبريل 2024)
ارتفاع الدولار مقابل الدينار الليبي في السوق الموازية (الخميس 25 ...
«رأس اجدير» في مكالمة هاتفية بين الطرابلسي ونظيره التونسي
«رأس اجدير» في مكالمة هاتفية بين الطرابلسي ونظيره التونسي
على الطريقة الليبية.. جدل في فرنسا حول خطة بريطانية لترحيل اللاجئين إلى رواندا
على الطريقة الليبية.. جدل في فرنسا حول خطة بريطانية لترحيل ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم