Atwasat

«واشنطن بوست» ترصد كيف تحول بلحاج من «ممول للقاعدة إلى سياسي بارز»

القاهرة- بوابة الوسط (ترجمة: مريم عبدالغني) الجمعة 29 سبتمبر 2017, 04:56 مساء
WTV_Frequency

قال مدير مكتب جريدة «واشنطن بوست» في القاهرة سودارسان راغافا، في تقرير نُشر في عدد الجريدة الأخير، إن عبدالحكيم بلحاج، رئيس حزب الوطن الليبي، والرئيس السابق لمجلس طرابلس العسكري، خلع عن نفسه رداءه العسكري وتخلى عن أسلحته سعيًا لمنصب سياسي خلال الانتخابات المرتقبة، مضيفة إنّ بلحاج الذي كان فيما مضى «جهاديًا وقائدًا ثوريًا» أصبح الآن سياسيًا ورجل أعمال إسلامي، إلا أن الليبيين لم ينسوا بعد هوية بلحاج السابقة.

الليبيون يتذكرون أن بلحاج حارب إلى جانب أسامة بن لادن في أفغانستان، وأنه قاد الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة

وأضاف: «إنهم يتذكرون أنه حارب إلى جانب أسامة بن لادن في أفغانستان، وأنه قاد الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، وهي ميليشيا مبهمة مرتبطة بتنظيم القاعدة، وصنفتها الولايات المتحدة الأميركية كمنظمة إرهابية»، مشيرة إلى أن «بلحاج كان يعد عنصرًا شديد الخطورة لدرجة أنه اعتقل واستجوب في موقع سري تابع للمخابرات المركزية في آسيا بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. وفي وقت لاحق، تعرض للتعذيب في سجن ليبي».

وجاء في التقرير أن «بلحاج ورفاقه يمثلون اليوم، وهم لاعبون رئيسيون في السباق بين الإسلاميين والعلمانيين من أجل روح ليبيا الجديدة، حالة نادرة من المقاتلين السابقين المرتبطين بتنظيم القاعدة لا يحققون الشرعية فحسب، بل القدرة على تشكيل مسار الأمة كلك».

ونقل التقرير عن كلوديا غازيني، المحللة لدى مجموعة الأزمات الدولية قولها إن «هؤلاء الرجال يتدخلون بشكل كبير في المشهد السياسي لإدارة الأمور في طرابلس»، مضيفة أن قلق البعض هو نابع من التساؤل «هل تخلوا فعلًا عن نشأتهم الجهادية».

كلوديا غازيني: بلحاج ورفاقه يتدخلون بشكل كبير في المشهد السياسي لإدارة الأمور في طرابلس

وذكر أن المسار الذي اتبعه هؤلاء كان ملتويًا، حيث يعود تاريخ ظهور الجماعة إلى الحرب الباردة، وازدهرت تحت قمع الزعيم الليبي السابق معمر القذافي. وخلال الربيع العربي، لعب بلحاج ورفاقه أدوارًا حاسمة في الثورة التي أدت إلى الإطاحة بالقذافي وقتله.

وتابع أن «بلحاج يتمتع في الوقت الحالي بالسلطة والنفوذ والثروة، بينما يوجه الانقسامات الإقليمية والقبائلية في ليبيا»، لكنها أضافت أنه «يبقى شخصية مثار قلق وجدل على نطاق واسع، حيث يُنظر إليه على أنه قائد حرب وعقل مدبر إرهابي، حتى أن داعميه يرسمونه على أنه مثالي يساء فهمه».

ونقل التقرير عن الناطق باسم مجلس النواب الليبي، عبدالله بليحق، قوله إن «بلحاج يمثل تهديدًا الآن وسيبقى كذلك في المستقبل، ويتبعه عدد من الميليشيات المسلحة، وسيكونون دائمًا ضد إقامة دولة لحماية مصالحهم».

احتجازه وتعذيبه
وقال الكاتب إن كثيرًا من الليبيين والدبلوماسيين الغربيين يعتريهم الشك بشأن بلحاج ورفاقه، مشيرًا إلى أنهم كانوا من بين عشرات الليبيين الذين سافروا إلى أفغانستان لمحاربة قوات الاتحاد السوفيتي. وأضاف أن سامي الساعدي، أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية المقاتلة، قال له آنذاك إنهم التقوا بن لادن في معسكر تدريب، وأعرب الساعدي عن إعجابه بـ«بقنوت» بن لادن.

بلحاج لم يرحب بدعوة بن لادن للانضمام إلى جهوده لاستهداف الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها

وأضاف أنه في الشهور التي سبقت هجمات 11 سبتمبر، حث بن لادن الجماعة المقاتلة على الانضمام إلى جهوده لاستهداف الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، إلا أن بلحاج لم يرحب بالأمر، وقال في تصريحات حديثة، إن مهمة جماعته الوحيدة كانت إسقاط القذافي، وليس مهاجمة الغرب «وقلت هذا لقادة القاعدة». لكن الجماعة الليبية المقاتلة انقسمت على هذا الخيار، وانضم بعض كبار الأعضاء إلى بن لادن.

وفي أواخر العام 2001، مع تشرذم حركة «طالبان» وهروب بن لادن، لاذ العديد من قادة الجماعة المقاتلة بالفرار من المنطقة. وبعد ثلاث سنوات، ألقي القبض على بلحاج وزوجته الحامل في ماليزيا واقتيدا إلى موقع وكالة المخابرات المركزية في تايلاند. وألقي القبض على الساعدي وآخرين في أماكن أخرى في آسيا. ثم جرى تسليمهم للحكومة الليبية، واحتجزوا هناك ست سنوات في سجن أبو سليم، حيث تحول القذافي من راع للإرهاب، إلى حليف الغرب في مكافحته.

وقال بلحاج: «كنت أتعرض للضرب، والتعليق على الحوائط من ذراعي، وأحرم من تناول الطعام ولا أرى ضوء الشمس»، وقاضى بلحاج الحكومة البريطانية متهمًا إياها بالتورط في إعادته إلى ليبيا. وأكد محققون تابعون لمنظمة «هيومان رايتس ووتش» رواية بلحاج معتمدين على وثائق جرى الكشف عنها في ليبيا.

النفوذ والثراء
وأصبح بلحاج قائد «لواء طرابلس»، وهي ميليشيا متمردة، وفي 22 أغسطس 2011 دخل هو ورجاله مجمع باب العزيزية، قلعة القذافي ومركز حكمه، وساعد لعدة شهور في قيادة المعركة ضد قوات القذافي المدعومة من حلف شمال الأطلسي، واقترب في يوم من السيطرة على طرابلس، ولاذ القذافي بالفرار للشرق.

سودارسان راغاف: بلحاج رصد كرسي الدكتاتور في مجمع باب العزيزية وجلس عليه

وقال الكاتب إن «بلحاج رصد كرسي الدكتاتور وجلس عليه». ونقل عنه قوله: «أن نكون في باب العزيزية كان ذلك شيئًا نحلم به دائمًا»، وأشار الكاتب إلى أن بلحاج رسم قائدًا لمجلس طرابلس العسكري، وهو اللجنة المعنية بحفظ النظام في العاصمة بعد مقتل القذافي على يد المتمردين بعد أقل من شهرين.

كما انضم إلى «مجلس الأمن الأعلى» الذي أسسته المقاومة، فيما انضم آخرون من أعضاء «الجماعة الليبية المقاتلة» إلى حركات إسلامية، وأقاموا معسكرات دينية للشباب للترويج لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية المتشددة. فيما أسس سامي الساعدي حزبًا سياسيًا، وعين خالد الشريف نائب أمير «الجماعة الليبية المقاتلة»، نائبًا لوزير الدفاع في حكومتين تأسستا بعد سقوط القذافي، وأصبح من الشخصيات المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا.

في سنة 2014 ساند بلحاج وبعض أعضاء «الجماعة الليبية المقاتلة» جماعة «فجر ليبيا» التي ضمت الميليشيات المسلحة التي سيطرت على العاصمة طرابلس، وقامت بتشكيل حكومتها الخاصة، مما تسبب في انقسام في الرأي العام.

بلحاج استثمر صلاته الثورية في ثروة ونفوذ هائلين ورغم أنه ليس له أي منصب رسمي في الحكومة فإن المسلحين الموالين له يتمتعون بالسلطة في العاصمة

وقال التقرير: «اليوم استثمر بلحاج صلاته الثورية في ثروة ونفوذ هائلين، ورغم أنه ليس له أي منصب رسمي في الحكومة فإن المسلحين الموالين له يتمتعون بالسلطة في العاصمة. ولكن لأنه خرج من دائرة الضوء العام وأبقى تعاملاته السياسية والتجارية سرية، فإنه لا يزال لغزًا للكثير من الليبيين».

الطموح الانتخابي
استقال بلحاج من «مجلس طرابلس العسكري» ليؤسس حزبه السياسي تحت اسم «الوطن» لأنه، وكما يقول، يؤمن بالديمقراطية، ولذلك ترشح في الانتخابات البرلمانية العام 2012؛ وإن لم يوفق.

ووفقًا للتقرير، لا يزال بلحاج مصرًا على أنه لم يعد يدير أي ميليشيات مسلحة، وعلى أنه يؤيد الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة، ويؤكد: «إننا لا نريد العيش بمعزل عن باقي شعوب العالم». وسافر في الأشهر الأخيرة إلى سويسرا وجنوب أفريقيا لتشجيع عملية السلام في ليبيا.

وأشار التقرير إلى أن أتباعه يأملون في أنه سيترشح إلى منصب رئيس الوزراء إذا أصبحت ليبيا مستقرة كفاية لإجراء انتخابات مرة أخرى. ونقل عن رئيس المكتب السياسي لحزب الوطن، جمال عاشور وصفه بلحاج بأنه «عامل مجتهد، وصريح للغاية، عندما تتحدث معه فإن أولويته هي البلد». إلا أن ماضيه، رغم ذلك، لا يزال يلاحقه.

أتباع بلحاج يأملون في أن يترشح إلى منصب رئيس الوزراء إذا أصبحت ليبيا مستقرة كفاية لإجراء انتخابات مرة أخرى

وفي يونيو الماضي، أدرجت وضعت السعودية وثلاث دول عربية بلحاج على قائمة الإرهابيين الذين تدعمهم قطر. وجاء ذلك بعد وقت قصير من فرض الكتلة حصارًا اقتصاديًا على الدوحة واتهموها بتمويل التطرف، وهو ما نفته قطر.

ونقل التقرير عن بلحاج إن إدراجه في القائمة كان له دوافع سياسية. وذكر التقرير أن «قطر ساعدت في تمويل وتسليح بلحاج ومتمردين آخرين ضد القذافي. والآن، تدعم مصر والإمارات، الفصائل المناهضة للإسلاميين في ليبيا، بما في ذلك حفتر».

وقال بلحاج: «الجماعة الإسلامية المقاتلة انتهت بمجرد خروجنا من السجن، أنا لم أعد عضوًا في خلية التفكير بالجماعة». إلا أن بليحق لايزال غير مقتنع بتصريحات بلحاج.

وقال بليحق: «الأعمال الإرهابية التي تقوم بها الجماعة الإسلامية الليبية مازالت مستمرة حتى لو كان ذلك باسم مختلف»، مضيفًا: «بلحاج لا يزال يلعب دورًا في هذا، حتى أنه يفعل ذلك من وراء الستار».

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
نورلاند يثمن جهود باتيلي ويؤكد ضرورة الانتخابات في ليبيا
نورلاند يثمن جهود باتيلي ويؤكد ضرورة الانتخابات في ليبيا
داخل العدد 439: الحالة الليبية «تستنسخ نفسها».. وأزمة سيولة خانقة
داخل العدد 439: الحالة الليبية «تستنسخ نفسها».. وأزمة سيولة خانقة
«حكومات وولايات وتداعيات».. قناة «الوسط» تبث الحلقة الـ19 من «مئوية ليبيا» الجمعة
«حكومات وولايات وتداعيات».. قناة «الوسط» تبث الحلقة الـ19 من ...
السني: فلسطين استوفت شروط العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.. وليبيا لا تسمح بإدانة المقاومة
السني: فلسطين استوفت شروط العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.. ...
سلمه دعوة لزيارة موسكو.. سفير روسيا يبحث مع عقيلة سياق استقالة باتيلي
سلمه دعوة لزيارة موسكو.. سفير روسيا يبحث مع عقيلة سياق استقالة ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم