تأثرت أسواق النفط العالمية بالفعل بأزمة إغلاق النفط الليبي، إذ أدى الحصار إلى خفض الإنتاج من نحو 1.2 مليون برميل يوميًا إلى 300 ألف و400 ألف برميل يوميًا، لكن هناك يدًا لموسكو في هذا الإغلاق، حسب مجلة «فورين بوليسي» الأميركية.

وقالت المجلة في تقرير إنه «على الرغم من أن الإغلاق يأتي تزامنًا مع الأزمة السياسية بين رئيس الوزراء في طرابلس عبد الحميد الدبيبة، ورئيس الوزراء الموازي في سرت المدعوم من الجيش الوطني فتحي باشاغا، لكن قوات فاغنر الروسية المنتشرة حول المنشآت هي التي أظهرت موافقة ضمنية لاستمرار الحصار».

توقيت الإغلاقات النفطية يخدم موسكو
واعتبر التقرير أن توقيت الإغلاق «يخدم موسكو بلا شك، خصوصًا في أسواق الطاقة الحالية، حيث يؤدي سحب ما يقرب من مليون برميل من السوق يوميًا إلى زيادة الضغط على أزمة الطاقة في أوروبا، مما يؤدي إلى إبطال اي بديل للنفط والغاز بالنسبة للبلدان التي تفكر في التحول بعيدًا عن الطاقة الروسية».

وأضاف أن «موسكو هي العاصمة الوحيدة التي تعترف رسميًا بحكومة باشاغا، وعندما ظهر مقال لباشاغا في جريدة التايمز البريطانية في أوائل مايو ينتقد غزو أوكرانيا، أُجبر على التراجع، ونفى أن يكون قد كتب المقال إطلاقًا».

وترى «فورين بوليسي» أن الكرملين استغل الفرصة «ليصبح لاعبًا لا يقهر في المسار السياسي لليبيا من خلال دمج موسكو نفسها في البنية الأمنية للجيش الوطني الليبي، حيث تساعد فاغنر في إدامة وتسريع الاتجاهات التي تضر بالمصالح الأوروبية».

موقف فرنسا مؤيد لروسيا
وتعتقد المجلة بأن «هناك نقطة أخرى تستغلها فاغنر وهي أن بعض الدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا، تنظر إلى الجيش الوطني الليبي على أنه قوة لتحقيق الاستقرار ومعقل ضد النشاط الإرهابي».

وأضافت: «فاغنر ليست مضطرة للقتال من أجل تأجيج عدم الاستقرار. فقد كان وجودها في حد ذاته قضية مسيسة ومستقطبة تساعد في دفع الانقسام بين الشرق والغرب. القوات من كلا الجانبين تطالب في ذات الوقت المرتزقة الداعمين للطرف المنافس بالرحيل في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020 ، لكن كل ما على الجيش الوطني الليبي ببساطة هو الإشارة إلى وجود الجيش التركي وقوات المرتزقة السورية في الغرب لإنهاء هذا الجدال».

وأشارت المجلة إلى «فظائع فاغنر ضد المدنيين خلال حرب طرابلس في 2019 و2020 - بما في ذلك زرع الألغام المضادة للأفراد وعمليات القتل خارج نطاق القضاء.. ويمكن لموسكو أن تستخدم بهدوء عمليات انتشارها في ليبيا كمراسٍ لإبراز قوتها في القارة الأفريقية، واستغلال الثغرات الأمنية التي خلفها الخصوم الأوروبيون والأميركيون، فقد استخدمت روسيا قاعدة جوية بالقرب من بنغازي كمركز لوجستي لنقل الطواقم والمعدات إلى مالي».

هل لحفتر دور في تقييد تحركات فاغنر؟
وفي حين أشار البعض إلى أن «حفتر قد تولى السيطرة على قوات فاغنر من خلال تقييد انتشارها، أكد آخرون أن الجيش الوطني الليبي لا يسيطر على القوات الروسية»، مشيرين إلى انسحاب فاغنر أحادي الجانب من طرابلس بعد أن أبرمت روسيا صفقة سرية مع تركيا في العام 2020، وفق المجلة. وتابعت: «تشير المناقشات مع شهود العيان إلى أن هذا الأخير هو الحال، حيث تعمل قوات فاغنر بشكل مستقل إلى حد كبير عن تسلسل قيادة الجيش الوطني الليبي».

ونقلت المجلة عن شهود عيان في سرت «وجود معارضة صريحة لوجود فاغنر في المنطقة، لا سيما أن التحصينات الدفاعية عزلت السكان المحليين عن منازلهم وأدى عنف المجموعة إلى مقتل أفراد أسرة، وكل ذلك أثار الغضب بين القبائل المحلية بسبب وجود قوة أجنبية على أراضي أجدادهم».

التأثير الاجتماعي ودوره في بقاء الروس من رحيلهم 
وترى «فورين بوليسي» أن «هذه الديناميكية والتساؤل حول متى يمكن أن يتحول الإحباط المحلي إلى أشكال أكثر نشاطًا للمقاومة ضد وجود فاغنر.. فهي مرادف للتدخل الأجنبي الذي أدى إلى تآكل السيادة الليبية منذ العام 2011».

وختمت المجلة تقريريها بالقول: «ساعدت الانقسامات والانشقاقات بين دول الناتو بشأن السياسة المتعلقة بليبيا على إثارة صراع استغلته روسيا بشكل فعال لتعزيز عمقها الاستراتيجي في مواجهة الناتو».