بعد سنوات عديدة تعالت خلالها الأصوات محذرة من تراجع الكرة الليبية، وتخلفها عن ركب التطور لأسباب مختلفة، والمناداة بضرورة إصلاح مسارها، والأخذ بأسباب التقدم قبل أن تزداد الفجوة بين مستوى اللعبة في ملاعبنا وما يمارسه العالم من كرة قدم حديثة، تعتمد على العلم والدراسة والتخطيط السليم، يتجه مجلس إدارة الاتحاد الليبي لكرة القدم، برئاسة عبدالحكيم الشلماني، لاتخاذ خطوة غير تقليدية نحو إحداث نقلة نوعية للكرة الليبية من خلال التعاقد مع رابطة الدوري الاسباني (الليغا)، لتطوير الكرة الليبية.

ولم يعلن الاتحاد الليبي لكرة القدم بعد هذه الخطوة بشكل رسمي على الرغم من أنه درسها جيدا، ووجدت ترحيبا كبيرا من قِبل مجلس الإدارة، خاصة أن هناك عدة دول وقعت اتفاقيات مع «الليغا»، لإحداث تغيير شامل في منظومتها الكروية، وأثمر هذا التعاون عن تغيير حقيقي وارتقاء في مستواها الكروي على صعيد أنديتها ومنتخباتها.
ووفقا لما توافر من معلومات، فإن التعاون مع رابطة الدوري الإسباني سيشمل منظومة الإدارة الرياضية والفئات السنية والمنتخبات وشكل المسابقات وكل ما يتعلق بتطوير اللعبة.

الخطوة المنتظرة تقف وراءها شخصية ليبية تعمل في أحد الأندية الإسبانية، وهى تتضمن خطة تدوم من سنة إلى خمس سنوات. وقد وجدت تلك الخطوة غير التقليدية ترحيبا مبدئيا وحماسا من اتحاد الكرة، على أن يجري اعتمادها من الحكومة، لتأخد الخطوة بُعدا رسميا وحضورا أقوي فى الرياضة الليبية، خاصة مع الانتقاد المتواصل لعمل اتحاد الكرة، وإخفاق المنتخب الليبي لكرة القدم الأول في الوصول لنهائيات بطولة كأس الأمم الأفريقية منذ العام 2012، وغيابه عن آخر سبع نسخ من هذه البطولة، وعدم وجود مشروع حقيقى وقوي لتطوير كرة القدم. ومن دون أدنى شك، فإن التعاون مع «الليغا» يعد خطوة جيدة وملموسة نحو القفز بالكرة الليبية نحو آفاق جديدة، إلا أنها تحتاج إلى الكثير من المال والدعم الحكومى، إلى جانب الكثير من الصبر والتخطيط وعدم الاستعجال.

ومن المرجح بقوة أن يشمل تعاون اتحاد كرة القدم مع رابطة الدوري الإسباني وجود خبراء إسبان في ليبيا يرسمون سياسة اللعبة وفقا لخبراتهم المكتسبة من التجربة الإسبانية، خاصة أن إسبانيا دولة متقدمة في كرة القدم، ولها تاريخ كبير فيها، والدوري الإسباني يعد واحدا من أهم ثلاث بطولات علي مستوي العالم، إلى جانب أن المدربين الإسبان لهم حضور قوي في غالبية دول العالم.

- للاطلاع على العدد 420 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

ومن المنتظر أن يحظى التعاون مع رابطة الدوري الإسباني بترحيب كبير من جهة كل المهتمين بالشأن الرياضي والكروي في ليبيا. كما من المؤكد أن تلك الخطوة تعد دعما حقيقيا وملموسا، بوصفها خطوة جيدة لإنقاذ ما يمكن إنقاده، والنهوض باللعبة وتطويرها، خاصة أن الدولة تنفق سنويا أموالا طائلة على الرياضة، حيث دعمت الدولة أخيرا الأندية بمئة مليون دينار، أي ما يعادل عشرين مليون دولار، في حين من المتوقع ألا يتجاوز التعاون بين اتحاد الكرة الليبي ورابطة الدوري الإسباني خمسة ملايين دولار، وهو رقم عادي ومتواضع للغاية بالنظر إلى الفوائد العديدة المرجوة من ورائه.

ويعد تراجع المنتخب الوطني خلال السنوات الماضية، وابتعاده عن المحافل الرياضية الدولية انعكاسا لحال الكرة الليبية، ومستوى المسابقات المحلية، حيث تقهقر ترتيب «فرسان المتوسط» في التصنيف الذي يصدره الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) شهريا إلى المركز الـ126 خلال تصنيف أكتوبر، إلا أنه استعاد قليلا من عافيته في تصنيف نوفمبر الماضي، ليقفز ستة مراكز، محتلا المركز الـ120 على مستوى منتخبات العالم.
وقد جاء تحسن ترتيب المنتخب الوطني في تصنيف الاتحاد الدولي بعدما رفع رصيده من النقاط إلى 1155.23 نقطة مقابل 1137.64 نقطة في الشهر الماضي.

واستفاد «فرسان المتوسط» من مشاركته الناجحة في أول جولتين في تصفيات كأس العالم 2026، حيث تمكن من الفوز خارج أرضه على منتخب إسواتيني، ثم تعادل في ليبيا مع منتخب الكاميرون بهدف لمثله.

غير أن هذا التقدم ليس سوى مجرد طفرة تستلزم الكثير من العمل، للبناء عليها، حتى يتحسن ترتيب المنتخب الوطني، ويصبح من أفضل منتخبات القارة الأفريقية. ويجدد المنتخب الوطني حاليا صفوفه من خلال الدفع بلاعبين شباب على حساب اللاعبين من أصحاب الخبرة والمحترفين بالخارج، بهدف تكوين فريق قوي وقادر على خوض المواجهات المستقبلية، والمشاركة في البطولات الدولية.