نجحت دولة قطر بامتياز في تنظيم بطولة كأس العالم في نسختها الثانية والعشرين، وأبدعت في حفل الافتتاح والتنظيم الرائع الذي تجسدت من خلاله القيم العربية والإسلامية والإنسانية وألجمت الأفواه الحاقدة التي شككت في قدرتها على النجاح.

وقد أبهرت قطر العالم بالإمكانات المادية والبشرية التي سخرتها للبطولة من منشآت رياضية للعب والتدريب والإقامة والمواصلات، إلى جانب البرامج الثقافية والترفيهية، فالتحية لكل من ساهم في هذا الإبداع على الأرض العربية الإسلامية،

كما أثبتت أنه بإمكان الدول الصغيرة في المساحة ومحدودية عدد السكان قدرتها على تحقيق المعجزات وتقديم أفضل دورات كأس العالم.

ومع مرور الأيام تتواصل المباريات التي يتابعها العالم بشغف لما فيها من إثارة ومتعة كروية، لأن كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى في معظم دول العالم لذلك طغت بطولتها وأحداثها على كافة الأخبار السياسية والاقتصادية، وتصدرت أخبارها شتى وسائل الإعلام العالمية والمحلية نظرًا لتواجد مراسيلها في عين المكان، وكذلك على صفحات التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية.

فالنتائج الفورية واللقاءات الحصرية وتصريحات المدربين واللاعبين وإصابات النجوم وإبداعات التحكيم وما رافقها من تطور في التحديث العصري لتقنيات الـ«VAR» خاصة في التسلل، كم هائل من المعلومات الرياضية وأحداث البطولة ما كان لها أن تصل إلى العالم لولا ثورة المعلومات التي جعلت العالم علبة صغيرة.

المنتخبات المشاركة في النهائيات 32 منتخبًا لكل منها مشجعوها فمنها من يشجع على أساس الوطن أو القارة ومرات كثيرة حسب الفن والإبداع والشهرة والتاريخ ودليل على ذلك تشجيع الملايين في العالم للبرازيل والأرجنتين من خارج قارة أميركا اللاتينية، بطولة رائعة أدخلت السعادة على الشعوب الفقيرة المحرومة التي تابعتها من خلال المقاهي والإذاعات المحلية والشاشات في الساحات الكبيرة ورفعت عن كثير من الشعوب الضغوطات النفسية المترتبة على صعوبة الحياة والظروف السياسية، إنها كرة القدم معشوقة الجماهير الرياضية والتي تظل متعة وفنًا راقيًا لا يستطيع أن يتميز فيها إلا اللاعب الموهوب الذي يستطيع أن يعزف أعذب الألحان ويطرب الآخرين بفكره قبل قدميه وبعروضه الرائعة وأهدافه الجميلة التي تقربه من الفوز بالبطولة.

إنه العرس العالمي الذي فرض وجوده في كل دولة ومدينة، صحيح في النهاية سوف يفوز فريق واحد بالبطولة رغم أن ميزانية 32 دولة قامت بالإنفاق على المعسكرات والاستعدادات لكن الجميع يعرف ذلك وتكفيه المشاركة والـتواجد وتسجيل اسم بلاده في تاريخ هذه البطولة بغض النظر عن الترتيب العام.

كل المشاركين يحبون الفوز ويسعون إلى تحقيقه من أجل أنفسهم وشعوبهم، وقد صاحبت البطولة مفاجآت عديدة منها سقوط الكبار في أولى مبارياتهم كالأرجنتين وألمانيا وبروز الفرق العربية بشكل مشرف ومقنع كروياً كالمغرب والسعودية، وزادت روعة البطولة الجماهير القادمة من كافة أنحاء العالم بشعاراتها وهتافاتها وأناشيد بلدانها.

تألقت قطر في كل ما يخص البطولة بشهادة الجميع الذين تواجدوا بها أو تابعوها من خلال الشاشات الإعلامية، ولم يفسد هذه النجاحات إلا إخفاق فريقها الكروي الذي يشارك لأول مرة في هذه البطولة ويحتاج إلي إعادة نظر في وضعه الفني وإيجاد مدرب عالمي وتغيير في بعض الوجوه التي لم تعد قادرة على العطاء ليكون الفريق مع الوقت في مصاف الفرق الكبيرة، وأخيراً لا نزال في انتظار المزيد من التشويق والمفاجآت بين الفرق المتأهلة الـ16 مع تمنياتي بتواجد بعض الفرق العربية من بينها.