عبر خبراء الصحة العامة الثلاثاء عن خشيتهم من تراجع الحكومة النيوزيلندية المحافظة الجديدة عن قوانين رائدة على مستوى العالم لمكافحة التدخين، بعدما كانت تطمح لأن تصبح خالية تمامًا من التدخين بحلول العام 2025، ووصفوا هذه الخطوة بأنها «عمل تخريبي للصحة العامة قد يتسبب بوفيات».

واعتُبرت نيوزيلندا رائدة المعركة العالمية ضد شركات التبغ الكبرى بعدما سنت مجموعة من القوانين لمكافحة التدخين في عهد رئيسة الوزراء السابقة جاسيندا أرديرن، نالت بها الاستحسان العالمي، حسب وكالة وكالة «فرانس برس».

وباتت المخاوف من تضرر سمعة البلاد على هذا الصعيد، تراود العاملين في المجال الطبي بعد انقضاض رئيس الوزراء الجديد كريستوفر لوكسون على هذه القوانين الحاكمة لتقييد التدخين منذ اليوم الأول لتوليه منصبه.

عمل تخريبي للصحة العامة
وأوضح ريتشارد إدواردز، وهو خبير مكافحة التبغ في جامعة أوتاغو، لوكالة «فرانس برس» «لم يكن هذا الأمر متوقعًا لدينا، ولم نعتقد أن الحكومة يمكن أن تكون متخلفة إلى هذا الحد»، مضيفًا «كان ذلك صادمًا ومريعًا بالنسبة لي. إنه أحد أسوأ الأيام التي أستطيع تذكرها على صعيد الصحة العامة. إنه عمل تخريبي للصحة العامة».

وانتقدت رئيسة الكلية الملكية النيوزيلندية للأطباء العامين سامانثا مورتون هذه الخطوة أيضاًًا، وقالت في بيان الثلاثاء «نحن مندهشون إزاء إلغاء أمر حظي بدعم واسع ومن شأنه منع وفاة الكثيرين».

وعُرف الإصلاح الرئيسي في هذا الإطار بـ«حظر التدخين بين الأجيال»، وهو إجراء كان من شأنه أن يحظر بيع السجائر لأي شخص وُلد بعد العام 2008، وكان من شأن التدابير الأخرى أن تجبر شركات التبغ على خفض مستويات النيكوتين في السجائر، وخفض عدد المتاجر المصرح لها ببيع منتجات التبغ من 6000 إلى 600.

وقال إدواردز «هذه التدابير لم تُعتمد حتى الآن على المستوى الوطني في أي بلد حول العالم. لقد كانت مبتكرة للغاية»، مضيفًا «كان من المفترض أن يكون لهذه التدابير تأثير عميق على الحد من التدخين. وسوف نفقد كل ذلك».

وفكرت بإلهام من نيوزيلندا، العديد من الدول في اتخاذ خطوات مماثلة للقضاء على تدخين السجائر على أراضيها، وكشف عن ذلك رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بطرح اقتراح مماثل للسياسة النيوزيلندية السابقة يقوم على «حظر التدخين»، من خلال مؤتمر حزب المحافظين في أكتوبر هذا العام.

الحيرة تسيطرعلى خبراء الصحة تجاه هذا التغيير
ورأى إدواردز أن «نيوزيلندا تهدر فرصة هائلة، معتبرًا أنها دمرت سمعتها كدولة رائدة على مستوى العالم في مجال الصحة العامة»، موضحًا «كثيرون في الخارج مصدومون من هذا الإجراء، لأنهم كانوا يتطلعون إلى نيوزيلندا لقيادة هذا الأمر»، مضيفًا «ستكون لذلك آثار عالمية. إنها خطوة كارثية ورهيبة».

وتضمّ نيوزيلندا عددًا صغيرًا نسبيًا من المدخنين البالغين، لكنّ الأمراض المرتبطة بالتبغ ألحقت أذى كبيرًا خصوصاًًا لسكان الماوري الأصليين في البلاد، وتسجل نساء الماوري معدلًا من بين الأعلى في العالم للإصابة بسرطان الرئة، بحسب مجموعة الدعم «سموكفري أوتياروا».

-4 دول فقط بالعالم تبنت جميع إجراءات مكافحة التدخين
-الصحة العالمية تستعين بالضرائب لمكافحة التدخين

وأبدي خبراء الصحة الحيرة إزاء التغيير الذي طرأ على موقف الحكومة النيوزيلندية المقبلة، إذ نادرًاما ذُكر التدخين كقضية خلال حملة الانتخابات العامة الأخيرة، وأشار البعض إلى أن الحكومة تريد تعزيز ماليتها من خلال عائدات الضرائب المتأتية من مبيعات السجائر.

وقال لوكسون إن حظر السجائر كان سيؤدي لنشأة سوق سوداء مزدهرة وغير خاضعة للضرائب.

ورأت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة الربو والجهاز التنفسي ليتيسيا هاردينغ إن موقف لوكسون هذا يتحدى المنطق، وقالت في بيان أن «الحجة القائلة بإمكانية ظهور سوق سوداء أكبر هي حجة تستخدمها شركات التبغ الكبرى».