Atwasat

«داعش».. محطات العبور إلى سرت

السدرة - بوابة الوسط: أسامة الجارد الأحد 16 أغسطس 2015, 04:28 مساء
WTV_Frequency

قبل ظهور تنظيم ما يسمى بـ «الدولة الإسلامية» المعروف باسم «داعش» في مدينة سرت مسقط رأس العقيد معمر القذافي، كان تنظيم «أنصار الشريعة» هو الميليشيا الإسلامية المسيطرة على المدينة، وهي بحسب المعلومات المتوافرة أُسست في أبريل من العام 2012، أي بعد سنة تقريبًا من أحداث فبراير التي أطاحت نظام القذافي، وهو تنظيم يدعو إلى تحكيم الشريعة الإسلامية في ليبيا، وفق ما يعلن، وشاركت عناصر منه في تلك الأحداث، ويضم في صفوفه أشخاصًا من دول مجاورة خصوصًا من تونس.

ويعتقد أن تنظيمي «أنصار الشريعة» في كل من ليبيا وتونس يشكلان تنظيمًا واحدًا من حيث الأفكار «الجهادية» والتنسيق العملياتي والدعم المالي واللوجيستي، وأعلنا ولاءهما لـ «داعش»، والأرجح أن التنظيم كان يمول نشاطاته من خلال عمليات القرصنة قبل وصول البحريني تركي البنعلي إلى مدينة سرت، والتي اعتبرته مصادر «بوابة الوسط» الزعيم الروحي لـ «داعش» بالمدينة.

وقال مصدر مطلع على شؤون الجماعات الإسلامية في ليبيا لـ «بوابة الوسط» إنَّ سبب تغلغل التنظيم في سرت ربما كان مرده ردود فعل بعض السكان إزاء الانتهاكات التي تعرضت لها التركيبات الاجتماعية بعد فبراير 2011، إلى جانب غياب الأجهزة الأمنية في ذلك الوقت، بسبب عدم شعور السكان بالأمان، من قبل التشكيلات المسلحة التى اتهمت بارتكاب انتهاكات على حرمة البيوت، وعمليات الخطف على الهوية، مما أدى إلى خلق مناخات ملائمة لظهور التنظيم فيما بعد.

ويرى المصدر أن ما يقال عن انخراط بعض الموالين للنظام السابق بين صفوف «داعش» يعود لسببين رئيسين، أولهما اعتقاد البعض منهم أن ذلك سيوفر لهم الأمان والحماية من الكتائب المسلحة، التي كانت موازية للأجهزة العسكرية والأمنية، وثانيهما أن هؤلاء يرون في وجودهم تحت عباءة «داعش» فرصة قد تمكنهم من الانتقام ممن يعتقدون أنهم السبب في اضطهادهم والحالة التي صاروا عليها.

عودة المقاتلين من العراق وسورية
وتمركزت كتائب تابعه لـ «أنصار الشريعة» في مدينة سرت العام 2012، وكانت قبل ذلك تختفي تحت مسمى اللجنة الأمنية العليا، ويرأسها المدعو أحمد التير المكنى «أبوعلي» والذي قتل في اشتباكات مع كتيبة شهداء الزاوية التابعة للعقيد بوحليقة العرفي، قبل أن يظهر التنظيم بشكله الحالي كان قد شكل أجسامًا موازية لكل من الجيش كالدروع، والشرطة كاللجنة الأمنية العليا، وخصّصت موازنة ومرتبات عالية لهم، في الوقت الذي كان فيه الجيش غائبًا، وإن وجد بعضه فهو دون موازنة ودون مرتبات، ويرى كثيرون من متابعي الشأن الليبي أن هذه الجماعات معززة بجيل من الأيديولوجيين، الذين غادروا ليبيا لغرض «الجهاد» في العراق العام 2006 وسورية في السنوات الثلاث الأخيرة.

وأكد المصدر أن «داعش» أصبح أكثر وعيًا من أقرانه من الجماعات المتشددة في العقود الماضية، فهو متفوق في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ويتميز في الوقت نفسه بشراسة الأساليب والبراعة في جمع التبرعات، وأضاف المصدر أن التنظيم في ليبيا لا يزال لا يشكل خطرًا حقيقيًا مثل الذي تصوره وكالات الأنباء العالمية، ولا يزال يعتمد فى عمله على الإعلام والتجنيد، حيث أظهر سيطرة «داعش» على سرت مدى هوس التنظيم في تعاطية الإعلامي، بعد السيطرة على إذاعة سرت وقناة «مكمداس» ومكتب قناة ليبيا الوطنية بالمدينة.

وبات تنظيم «داعش» مكتفيًا ذاتيًا من الناحية الإعلامية، إذ لا يحتاج إلى صحفيين يرصدون أحوال مقاتليه، بعدما أنشأ وسائل إعلامية بديلة تتحدث لغته وتستخدم مفرداته، ولا تخضع لفلترة بعد إعدادها، تحت إشراف «أبورحيم الليبي» الذي يعتقد أنه المسؤول الإعلامي لتنظيم «داعش» في ليبيا.

التمويل
وأكدت مصادر مطلعة على شؤون الجماعات المتطرفة بمدينة سرت لـ «بوابة الوسط» أن تنظيم «داعش» لا وجود له بالمدينة إلى العام 2014 باستثناء «أنصار الشريعة»، وعن قدرة التنظيم على توفير التمويل اللازم لتلك العمليات، فضلاً عن الاحتياجات اليومية لأعضائه من أكل وشرب وملابس وتدريبات قتالية ومرتبات، قالت المصادر إن التنظيمات مولت نفسها عن طريق السطو على المصارف، كان أولها وأكبرها عملية السطو على سيارة نقل أموال مصرف ليبيا المركزي في مدينة سرت خلال أكتوبر العام 2013، وبلغ حجم الأموال المستولى عليها قرابة 53 مليون دينار ليبي و12 مليونًا أخرى من العملة الأجنبية.

ويومها تم الحديث عن معرفة الجهة الفاعلة، وتحديد مكان وجود الأموال، وأشارت بعض المصادر يومها إلى تورط تشكيل مسلح محسوب على جهة متطرفة، ووعد المؤتمر الوطني بالكشف عن التفاصيل، ثم جرى التكتم عن القضية ولم يعد لها ذكر ولم يكشف عن نتائج التحقيق فيها.

وتكررت عملية السطو يوم 26 مايو العام 2014، إذ أكّد مدير مصرف الصحاري فرع سرت مفتاح محمد معيقل لـ «بوابة الوسط» أنّ سيارة «كامري» بها خمسة مسلحين ملثمين استولوا على شاحنة نقل أموال بها مليون ونصف دينار ليبي، قادمة من مصرف التجارة والتنمية بسرت متجهة إلى مصرف الصحاري، وأوضح أن تلك العملية هي الرابعة من نوعها في سرت التي قُيّدت ضد مجهول.

الحادثة الأبرز فى سلسلة السطو على البنوك هي تعرَّض مصرف الجمهورية فرع سرت للسرقة يوم 22 نوفمبر، تمكن خلالها اللصوص من نقل خزانة المصرف بالكامل

الحادثة الأبرز فى سلسلة السطو على البنوك هي تعرَّض مصرف الجمهورية فرع سرت للسرقة يوم 22 نوفمبر، تمكن خلالها اللصوص من نقل خزانة المصرف بالكامل
عمليات السطو على البنوك لم تتوقف، ففي التاسع من يوليو سطا مسلحون مجهولون على سيارة نقل أموال من فرع المصرف التجاري الوطني بمصراتة إلى فرع المصرف في سرت، وسرقوا ما يقدر بمليون ونصف المليون دينار ليبي ولاذوا بالفرار، كما تعرض مصرف شمال أفريقيا بوسط سرت صباح الخميس العاشر من يوليو 2014، لعملية سطو مسلَّح نفذها مجهولون.

وتعد الحادثة الأبرز فى سلسلة السطو على البنوك تعرَّض مصرف الجمهورية فرع سرت لعملية سطو يوم 22 نوفمبر، تمكن خلالها اللصوص من نقل خزانة المصرف بالكامل.

وقالت مصادر لـ «بوابة الوسط» إن المصرف تعرض بعد منتصف الليل لعملية سرقة ممنهجة وكبيرة، حيث تمكن مجهولون من سرقة خزانة المصرف بالكامل ونقلها من المصرف مستخدمين آليات كبيرة.

الإعلان عن تنظيم «داعش»
ونشأ تنظيم «داعش» ليبيا في مدينة درنة في أبريل 2014، قبل أن يتمدد إلى سرت بسهولة بعدها بأشهر قليلة، حيث سيطر على مسقط رأس القذافي لأسباب عدة، أبرزها الانشقاقات في تنظيم «أنصار الشريعة» في ليبيا الموالي للقاعدة، والتسويات التي توصل إليها التنظيم مع القبائل المحلية، فضلاً عن انضمام بعض أنصار القذافي في سرت إلى «داعش».

إلا أنه لم يعلن عن نفسه بشكلٍ واضح إلا في 31 يناير 2015، بعد أن تناقلت حسابات تابعة لتنظيم «داعش» في ليبيا صورًا لما سمَّته «استعراضًا» عسكريًّا لقوات التنظيم في سرت، وأظهرت الصور رتلاً لسيارات عسكرية تحمل مسلحي التنظيم في ما بدا استعراضًا عسكريًّا، وهو ما دفع ثمانين عائلة من مدينة سرت للنزوح إلى مدينة مصراتة، بحسب رئيس مكتب الإعلام بمجلس مصراتة البلدي رمضان معيتيق، غير أن التنظيم كما يرى مراقبون أعلن عن نفسه في الصحاري المجاورة لبلدة النوفلية شرق مدينة سرت، التي كان يهيمن عليها تنظيم «أنصار الشريعة» وكتائب الدروع التي تقترب فكريًا من أفكار تنظيم القاعدة.

واندفع مناصرو «داعش» بثلاثين سيارة إلى داخل بلدة النوفلية في فبراير الماضي، بقيادة على قعيم القرقعي المكنى بـ «أبوهمام»، حيث تقلص نفوذ تنظيم «أنصار الشريعة» وبسط «داعش» نفوذه، الذي بدا أنه جاء على حساب «الأنصار» ليضطر أميرها السابق «غيضان النوفلي» إلى الانعزال أغلب وقته خارج البلدة، قبل أن يسيطر التنظيم على قاعات واغادوغو قبل أن يظهر بشكله العلني، ويقيم تمركزاته الأولى في شهر مارس 2015 بالقرب من الزعفران الواقعة غرب المدينة بحوالي سبعة كيلو مترات، وفي منطقة الجيزة العسكرية الواقعة شرق المدينة بجوار جامعة سرت، قرب مجمع قاعات واغادوغو.

خطف وقتل الأجانب
ساهم تدهور الوضع الأمني في ظل غياب مؤسسات الدولة الأمنية والقضائية في ازدياد عمليات الخطف في مدينة سرت وتطوّر أساليبها، وعثرت الأجهزة الأمنية بمدينة سرت في مارس 2014 على جثة مواطن عراقي مسيحي الديانه يدعى انديسون كارخا (54 عامًا) يعمل عضوًا بهيئة التدريس بكلية الطب البشري بجامعة سرت، مقتولاً داخل سيارته بالقرب من حي الدولار وسط المدينة.

كما قتل السويسري مايكل جونس وهو رئيس وفد فرع اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالرصاص في الرابع من يونيو 2014 في سرت، وزادت عمليات الخطف والقتل بالمدينة من وتيرتها بشكل لافت في أواخر العام 2014، ويرى البعض أن الفراغ الأمني في مناطق معينة تسبب في ظهور تلك التنظيمات، وهو ما أشار إليه رئيس المجلس المحلي بسرت عبد الفتاح محمد السيوي، من أن مدينة سرت شهدت فى شهر نوفمبر الماضي ترديًا في الأوضاع الأمنية بسبب غياب الأجهزة الأمنية والبحثية والشرطة والجيش التابعة للدولة، حيث أكد تنامي مشاكل وخروقات أمنية من عمليات قتل وخطف وتهديدات وسرقات وتعدٍ على أملاك الدولة.

وتبنى التنظيم في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر مقتل 14 فردًا من الكتيبة 136 مشاة «كتيبة الجالط»، أثناء حراستهم المحطة البخارية غرب سرت، بالإضافة إلى مقتل أربعة آخرين نقلت جثثهم إلى مستشفى ابن سينا.

وفي تطور آخر في سلسلة خطف المسيحيين خطف تنظيم «داعش» في سرت سبعة أقباط مصريين بالقرب من بوابة استيقاف تابعة للتنظيم في شهر ديسمبر العام 2014، فيما تزامن في الشهر نفسه قتل الطبيب المصري مجدي صبحي توفيق وزوجته وخطف ابنتهما في منطقة جارف، بالإضافة إلى حادثة ذبح 21 قبطيًا في الخامس عشر من فبراير 2015، مما دفع بـ 25 ألفًا و529 مواطنًا مصريًا للعودة إلى بلادهم، منذ إعلان تنظيم «داعش» في 15 فبراير الماضي ذبح 21 قبطيًا بحسب بيان للخارجية المصرية.

«داعش» يطلب الفدية
وقال شهود عيان حضروا خطبة الجمعة في بلدة النوفلية لـ «بوابة الوسط» إن خطيب المسجد المحسوب على تنظيم «داعش» قال: إن «عددًا من سكان بلدة هراوة (70 كلم شرق سرت) أرسلوا وبمعرفة أعيان من مدينة سرت وفدًا إلى ما سماه بـ «والي طرابلس» لغرض التصالح مع التنظيم».

وذكر الشهود نقلًا عن خطبة إمام «داعش» أن التنظيم طلب من الأعيان تنفيذ عدد من البنود، أهمها تسليم ما في حوزة سكان بلدة هراوة من أسلحة، ودفع فدية سيتفق على قيمتها على قتلى «داعش» فى بلدة هراوة، وتسليم عدد من المطلوبين، على خلفية مقتل عدد من عناصره في اشتباكات ببلدة هراوة، وذكرت مصادر متطابقة من بلدة هراوة يوم 31 مايو أن تنظيم «داعش» طلب دية من أهالي البلدة عن 23 من قتلى التنظيم، مشيرًا إلى أن «داعش» أهدر دم محمد الزادمة أحد منتسبي الكتيبة «166» التابعة لقوات «فجر ليبيا» ورفاقه من المنطقة، «لأنهم شاركوا في القتال ضد التنظيم في سرت».

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه لدواعٍ أمنية، لـ «بوابة الوسط» إن «التنظيم طالب باستتابة الشباب الذين شاركوا في أحداث هراوة الماضية»، وقال: «داعش ذكر أن لديه قائمة بأسمائهم»، متوعدًا «بإهدار دم من لم يتب إلى الله».

وأوضح المصدر أن «عددًا من مشايخ هراوة فاوضوا التنظيم عن مبلغ الدية، لأنهم لا يملكون المبلغ المطلوب، لكنهم أكدوا للتنظيم أنهم سيجمعون مبلغًا لدفعه لهم، ووافق داعش على قبول ذلك».

وأضاف: «التنظيم أقام بوابة تبعد عن هراوة ما يقارب تسعة كيلو مترات شرق هراوة، مرجحًا دخولهم المنطقة يوم الأحد أو الاثنين الماضيين، واشترط التنظيم تسليم السلاح والآليات العسكرية، وعدم وجود أي بوابة أو تواجد عسكري على امتداد الطريق، كما أن «عددًا كبيرًا من شباب المنطقة غادروها بعد سماعهم بعملية التفاوض التي فُرضت على أهالي هراوة».

تنظيم «داعش» فرض سيطرته على مساحات شاسعة في سرت بعد انسحاب كتائب مصراتة وصل حتى مشارف الجفرة بما فيها قاعدة القرضابية والميناء

وقال السنوسي بن شرادة (35 عامًا) من سكان البلدة لـ «بوابة الوسط» مبررًا قبول أعيان هراوة المفاوضات مع «داعش»: «نتيجة الظروف الأمنية والمخاطر الناجمة عن حصار «داعش» للبلدة، تم غلق الطريق الساحلي من قبل حكماء هراوه، إلا أن الأمور تأزمت وترتب عنها إغلاق المحلات التجارية والمستلزمات الطبية ومستلزمات الأطفال».

وكانت قبائل هراوة وأغلبها من قبيلة أولاد سليمان وأبناء عمومتهم بالجنوب ناشدوا التدخل السريع لمنع وقوع مجزرة بالبلدة المحاصرة من كل الجهات، بعد الانسحاب المفاجئ لكتائب محسوبة على مدينة مصراتة من المنطقة.

وفرض التنظيم سيطرته على مساحات شاسعة في مدينة سرت بعد انسحاب كتائب مصراتة، وصلت حتى مشارف الجفرة بما فيها قاعدة القرضابية والميناء، بينما قالت الكتائب المحسوبة على مدينة مصراتة إنها ستبدأ هجومًا كاسحًا لدحر التنظيم.

«الاستتابة قبل البيعة»
ظاهرة الاستتابة التى أعلن عنها التنظيم رغم الغموض التى يكتنف «داعش»، بدأت بمدينة سرت في الرابع عشر من فبراير 2015، حيث نشر أتباع التنظيم صورًا لما قالوا إنَّها «استتابة 42 مواطنًا، من أفراد وزارة الداخلية الليبية» في سرت، وتظهر الصور، التي نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي عناصر الشرطة يعلنون توبتهم على الملأ في مسجد «الرباط الأمامي» في سرت، الذي وصفه التنظيم بالعودة من «الردة والكفر البواح».

وقام التنظيم بخطوة مشابهة فى بلدة النوفلية فى فبراير 2015، حيث طلب من سكانها ما سماه «الاستتابة» أي «التوبة عما وقعوا فيه من كفر وردة». وطالب أحد زعماء تنظيم «داعش» بمدينة سرت يدعى أبو محمد الفرجاني في الشهر نفسه، مسلحي مدينة مصراتة بـ «إعلان توبتهم ورجوعهم إلى الله والمبادرة بمبايعة أبو بكر البغدادي». وتوعد الفرجاني في فيديو تداولته صفحات التواصل الاجتماعي الليبية، مَنْ وصفهم بـ «جيش الصحوات وأبناء الصليب بالذبح قصاصًا شرعيًا». وقال مصدر من داخل بلدة هراوة اتصل به مراسل «بوابة الوسط» عبر هاتف الثريا، إن خطيبًا من تنظيم «داعش» طلب في خطبة الجمعة يوم الخامس من يونيو، في مسجد هراوة من سكان البلدة «الاستتابة» باعتبارها الخطوة التالية لمبايعة التنظيم.

وبهذا بات التنظيم يسيطر على مساحات شاسعة في المنطقة الوسطى تقترب من 140 كيلومترًا طولاً، بعد أن دفع الخوف ونقص السلاح والتجهيزات والتهجير بعض القرى والمناطق إلى التفكير في التفاوض مع «داعش» ومبايعته. فيما توقع مطلعون يومها أن تحذو قرى وبلدات واقعة على الطريق الساحلي ما بين النوفلية وسرت، حذو بلدة هراوة ومن تلك القرى أم القنديل، وأم الخنفس، وبوسعدة و«90».

«الهلال النفطي»
وتكمن أهمية بلدة هراوة بالنسبة للتنظيم أنها تمكنه من التقدم شرقًا باتجاه منطقة السدرة «الهلال النفطي» أو غربًا باتجاة مدينة مصراتة، وبالتالي فإن السيطره عليها يضمن للتنظيم بسط سلطته على كل القرى والبلدات الواقعة من النوفلية إلى حدود مدينة سرت الغربية.

غير أن العملية التي قام بها التنظيم في يونيو الماضي و استهدفت بوابة أبو قرين، أشارت إلى أطماع التنظيم في التوسع إلى ناحية الغرب، واستنادًا إلى تقرير لجريدة «لو فيغارو» الفرنسية نشر الأول من يونيو الماضي، فإن هناك احتمال بوجود خلايا تابعة لتنظيم «داعش» في العاصمة طرابلس، كخطوة تدل على استمرار تقدم التنظيم في غرب البلاد. وتحدث المصدر عن وجود حشد من قبائل أولاد سليمان فى الجنوب، يتوقع توجهه لمساعدة أبناء عمومتهم في هراوة.

توسع «داعش» إلى الغرب
وأوردت تقارير إخبارية أن التفجير الانتحاري الذي استهدف «بوابة الدفنية» غرب مصراتة، وأسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة ستة آخرين وتبناه التنظيم يوم 31 مايو، الماضي «له طابع رمزي لأنه استهدف الطريق الرابط بين العاصمة طرابلس ومصراتة التي تعد أكثر مدن ليبيا أمنًا».

ولفت التقارير الانتباه إلى أن تنظيم «داعش» يتمركز شرق مصراتة وليس غربها، وهو ما يشير بدوره إلى أن «ثمة خلايا للتنظيم داخل طرابلس نفسها»، معتبرًا أن التفجير دفع «حكومة طرابلس» إلى إعلان النفير ضد التنظيم الذي يمثل خطرًا داهمًا على البلد.

وأكد تقرير لجريدة «لوفيغارو» أن الأسلحة التي وصلت لعناصر التنظيم «جاءت من البحر»، مما جعل مصراتة «تجهد عبثًا لاحتوائه، لأنه استقوى أكثر من اللازم»، وأقر بذلك أحد الموظفين الكبار من مؤيدي حكومة طرابلس.

سياسة التكشير عن الأنياب
وتزايدت عمليات الاختطاف وترويع سكان مدينة سرت من قبل مسلحي «داعش» خلال أواخر شهر يوليو الماضي، وقال صحفي لـ «بوابة الوسط»، إن مسلحي «داعش» أقدموا على تفجير 12 منزلاً بمنطقة السواوة بسرت خلال اليومين الماضيين، فيما يتجول عناصره في شوارع المدينة بزيهم الخاص، ويرفعون رايات التنظيم السوداء في شكل استعراضي، وأطلق عناصر التنظيم الرصاص في الهواء عند دخولهم المنطقة السكنية الأولى.

إلا أن العامل الأبرز في تأجيج الصراع بين سكان مدينة سرت والتنظيم الإرهابي، هو صدور حكم الإعدام على عدد من مسؤولي النظام السابق في الثامن من أغسطس الجاري، وكانت بوادر أول المواجهات مع تفريق مسلحو تنظيم «داعش» لتظاهرة نسائية خرجت بحي الرباط، وأخرى للرجال والشباب، بإطلاق النار في الهواء وتهديد المتظاهرات بالقبض عليهن.

حسين الكرامي أحد قيادي «داعش» هدد خلال خطبة الجمعة أهالي سرت بـ«القتل وحز الرؤوس حال خروجهم ضد المجاهدين»

وهدد «حسين الكرامي» أحد قيادي التنظيم خلال خطبة الجمعة التي نقلت عبر أثير الإذاعة المحلية للمدينة الأهالي، بـ «القتل وحز الرؤوس حال خروجهم ضد المجاهدين»، مضيفًا أن التنظيم جهز «المفخخات والانغماسيين لقتال المرتدين».

ويمكن أن نسمي الصراع بين الفصائل الإسلامية المتنوعة داخل مدينة سرت وعلى رأسها تنظيم القاعدة وتنظيم «داعش» والجماعات السلفية من ناحية أخرى، بـ «صراع الهيمنة»، وذلك باجتثاث كلّ من يقف أمامه ويحول دون تحقيق أهداف الأخرى الاستراتيجية، خاصّة إذا تعلّق الأمر بتنظيم آخر له أتباعه والموالون له، وسبق وأن حذرت مجالس شورى المجاهدين في عدد من المدن وتنظيم «داعش» من حركة السلفيين.

وربما هذا ما أدى إلى اغتيال شيخ السلفيين في سرت خالد بن رجب الفرجاني في الحادى عشر من أغسطس الجاري، فور مغادرته أحد المساجد عقب صلاة المغرب بأعيرة نارية مما أسفر عن مقتله، كمحاولة من تنظيم «داعش» لتطويعه بغرض إضعافه وضرب أنصاره.

وبحسب أحد سكان المدينة تحدث لـ «بوابة الوسط» فإن الأوضاع في المدينة كانت مهيأة لانفجار وشيك، حيث قام مسلحون من قبائل مدينة سرت يتبعون كتيبة الجالط (التي قتل 15 من أفرادها العام الماضي) بهجوم استخدمت فيه الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، فيما ترددت أخبار عن مقتل 37 شخصًا أثناء الاشتباكات مع عناصر «داعش».

وقال رئيس الحكومة الموقتة عبد الله الثني: «إن مدينة سرت تتعرض لأبشع جرائم الإبادة على أيدي تنظيم «داعش» الإرهابي، حيث راح ضحيته العشرات، ولا يزال العدد مرجحًا للازدياد في ظل الصمت الشائن من مجلس الأمن الدولي».

ويعد الحي الثالث الذي شهد الاشتباكات الأخيرة من أكبر الأحياء كثافةً سكانية في سرت، والذي أقفل مسلحو «داعش» مداخله التي تمركزت فيها آلياته وسياراته المسلحة، خاصة على طريق مراح وطريق البحر، وقرب المجمع الإدارى وطريق السواوة.

«داعش».. محطات العبور إلى سرت
«داعش».. محطات العبور إلى سرت
«داعش».. محطات العبور إلى سرت
«داعش».. محطات العبور إلى سرت
«داعش».. محطات العبور إلى سرت
«داعش».. محطات العبور إلى سرت
«داعش».. محطات العبور إلى سرت
«داعش».. محطات العبور إلى سرت
«داعش».. محطات العبور إلى سرت

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«أجوكو» تعيد بئرًا للإنتاج في حقل السرير بعد توقف 17 عاما
«أجوكو» تعيد بئرًا للإنتاج في حقل السرير بعد توقف 17 عاما
الدبيبة يبحث مع أمين «دول الساحل والصحراء» ترتيبات عودة التجمع للعمل من طرابلس
الدبيبة يبحث مع أمين «دول الساحل والصحراء» ترتيبات عودة التجمع ...
مندوب فرنسا في «مبادرة دبلوماسية» بطرابلس
مندوب فرنسا في «مبادرة دبلوماسية» بطرابلس
حماد يكلف العريبي برئاسة جهاز الإمداد الطبي والخدمات العلاجية
حماد يكلف العريبي برئاسة جهاز الإمداد الطبي والخدمات العلاجية
«التجاري الوطني» يعلن موعد استلام إيداعات الخمسين دينارًا في 41 فرعًا
«التجاري الوطني» يعلن موعد استلام إيداعات الخمسين دينارًا في 41 ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم