Atwasat

إصلاحات المسار الاقتصادي باجتماع جنيف .. هل تطال سعر الصرف؟

القاهرة - بوابة الوسط السبت 12 ديسمبر 2020, 03:20 مساء
WTV_Frequency

تبدأ بعد غد الإثنين جولة جديدة من مفاوضات المسار الاقتصادي بين الأطراف الليبية في جنيف، تحت رعاية البعثة الأممية لدى ليبيا، وبحضور رئيسة البعثة ستيفاني وليامز، بغية التوصل إلى «اتفاق بشأن إصلاحات بالغة الأهمية في السياسة الاقتصادية العامة»، على حد قول البعثة نفسها.

أحد هذا السياسات التي أثيرت مؤخرا، هو الدعوة إلى توحيد سعر الصرف، للحد من التأثير السلبي لوجود سعرين للدينار أمام العملات الأجنبية، سعر رسمي ثابت يحدده المصرف المركزي، وآخر في سوق موازية غير قانونية (سوق سوداء)، نمت وتغذت على الصراع السياسي. وهي دعوة يراى فيها البعض سلبيات مثل ارتفاع فاتورة الاستيراد وزيادة أعباء المعيشة على المواطنين،

إذن ماذا حدث للدينار مع السوق الموازية خلال سنوات الصراع السياسي؟ وما هي تأثيرات تدخل المركزي باستحداث سعر ثالث بفرض رسوم بيع عملة.؟

اقتصاد الظل
شكلت السوق الموازية للعملات قناة خاصة لاقتصاد الظل، مستفيدة من أزمات السيولة وفروقات أسعار الصرف، فقد انتعش هذا النوع من الاقتصاد غير الرسمي، واختلط بأنشطة غير المشروعة مثل التجارة في الصكوك والبطاقات المصرفية والاعتمادات المستندية، بل وبأنشطة إجرامية مثل تهريب الوقود والبشر وعمليات الخطف، لتسفر كل هذه الضغوط عن هبوط قياسي للدينار أمام العملات الدولية الرئيسية وتناقص قيمته الشرائية بشكل مستمر منذ العام 2014، إذ وصل معدل تراجع العملة الليبية أمام الدولار إلى «نسبة 75%»، وفق بيانات أممية حديثة (اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لدول غربي آسيا «الإسكوا»).

ثلاثة أسعار أمام العملات الدولية الرئيسة
وظل السعر الرسمي ثابتا عند 1.4 دينار للدولار، ووصل السعر في السوق الموازية إلى أرقام قياسية في العام 2017، حيث قدر متوسط السعر في السوق الموازية بـ12.39 دينار مقابل الصك  المصرفي. 

وعندما استحدث المصرف المركزي فرض رسوم على بيع العملة الأجنبية بنسبة 183% على سعرها الرسمي، تراجع سعر صرف الدولار الذي كان قد لامس العشرة دينارات، إلى 4.5 دينار في السوق الموازية، وأصبح للدولار ثلاثة أسعار في المتوسط خلال العام 2018، سعر رسمي بـ1.4 دينار، وسعر مواز بالسوق السوداء 4.5 دينار، وآخر برسم بيع في المصارف يصل في المتوسط إلى 3.9 دينار، بينما كان متوسط السعر الموازي للصك 4.7 دينار، وفق بيانات «الإسكوا».

ثم حين خفض المصرف المركزي رسوم بيع العملة إلى 163% في مارس 2019، أصبح سعر الدولار في السوق الموازية 4.15 دينار في المتوسط، متراجعا عن عتبه 7.4 دينار، وبلغ سعره برسم البيع في المصارف 3.6 دينار، و متوسط السعر الموازي بالصك 4.35 دينار. حسب «الإسكوا» .

فاعلية السعر المعدل
وتتحدث دراسة «الإسكوا» عن مجموعة من التحديات داخلية مثل الانقسام السياسي، وخارجية مثل تقلب أسعار النفط، وتتوقع أن تؤثر تلك التحديات في فاعلية السعر المعدل (الرسمي + رسم البيع)، وترى أن «استخدام الحكومة رسوم بيع العملة الأجنبية في أغراض غير سداد الدين العام ومشاريع التنمية قد يخلق المزيد من التضخم في السوق، مما ينعكس سلبا على هذا الإصلاحات». 

ومع ذلك ترى الدراسة أن تطبيق سياسة الرسوم على سعر الصرف حتى ديسمبر 2019 أدى إلى «نتائج إيجابية، أجبرت صغار المضاربين في السوق الموازية على الخروج من السوق وخفضت أسعار صرف العملات بها»، وترى في «استمرار تدخل مصرف ليبيا المركزي في تخفيض سعر الصرف من دون وضع آليات ودراسات عملية تحقق سعر التوازن المناسب قد يخلق ضغطا على العملة المحلية أو المصرف المركزي للبيع بسعر غير عادل، ومن ثم ينعكس ذلك اقتصاديا على قدرة المواطن أو قدرة المصرف المركزي على الوفاء بالتزاماته». 

أولوية الحل السياسي وليس التقني الفني
وتخلص الدراسة الأممية  في النهاية إلى الحل الذي تفضله المؤسسات النقدية الدولية وهو «تعويم سعر الدينار الليبي»، إذ  تدعو المصرف المركزي إلى «دراسة حلول أكثر ديمومة، مثل إمكانية تحرير العملة المحلية لتجنب الضغط عليها وعلى المصرف المركزي بالبيع بسعر غير عادل».

ويبقى السؤال، هل يحسم اجتماع المسار الاقتصادي بجنيف بعد غد الإثنين فوضى أسعار الصرف داخل السوق الليبية، وما هي الحلول التي سيضعها ضمن ترتيباته وإصلاحاته الاقتصادية المستهدفة؟ ولكن كيف تتوحد العملة كما تدعو الدراسة الأممية قبل أن يتوحد المصرف المركزي نفسه؟ بل وقبل أن تتوحد السوق التي نهشها اقتصاد الحرب وكثر اللاعبون فيها والمستفيدون منها؟ 

وهل الأزمة اقتصادية تقنية كما جاء في الدعوة إلى اجتماع جنيف؟ أم هي سياسية نتيجة للانقسام والصراع السياسي نفسه؟ قد لا نبالغ كثيرا حين نشير إلى ضرورة حدوث اختراق أولا على المسار السياسي، بالتوصل إلى توافق يقود إلى توحيد المؤسسات وبناء الدولة.

إصلاحات المسار الاقتصادي باجتماع جنيف .. هل تطال سعر الصرف؟

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«وسط الخبر» يستكشف مستقبل الأزمة بعد استقالة باتيلي
«وسط الخبر» يستكشف مستقبل الأزمة بعد استقالة باتيلي
نورلاند يثمن جهود باتيلي ويؤكد ضرورة الانتخابات في ليبيا
نورلاند يثمن جهود باتيلي ويؤكد ضرورة الانتخابات في ليبيا
داخل العدد 439: الحالة الليبية «تستنسخ نفسها».. وأزمة سيولة خانقة
داخل العدد 439: الحالة الليبية «تستنسخ نفسها».. وأزمة سيولة خانقة
«حكومات وولايات وتداعيات».. قناة «الوسط» تبث الحلقة الـ19 من «مئوية ليبيا» الجمعة
«حكومات وولايات وتداعيات».. قناة «الوسط» تبث الحلقة الـ19 من ...
السني: فلسطين استوفت شروط العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.. وليبيا لا تسمح بإدانة المقاومة
السني: فلسطين استوفت شروط العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.. ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم