Atwasat

الميليشيات المسلحة عقبة في طريق الوصول إلى حل ينهي الأزمة الليبية

القاهرة - بوابة الوسط الإثنين 09 نوفمبر 2020, 04:33 مساء
WTV_Frequency

يبقى ملف تفكيك الميليشيات المسلحة وإعادة دمجها في قوات نظامية مع ترحيل المقاتلين غير الليبيين واحدا من أكثر الملفات الملغومة نظرا لطبيعة هذه الفصائل ومصادر تبعيتها ودعمها ولتضارب المصالح بين هذه الميليشيات والجهات السيادية، مما ينذر بعقبات في طريق عمل اللجان الفرعية المشكلة قريبا قبل رهان التوصل إلى اتفاق سياسي في تونس.

ويؤكد مسؤول سابق بوزارة الدفاع في حكومة الوفاق أن مخزون العتاد العسكري بحوزة المجموعات المسلحة والمواطنين الأفراد «يفوق تسليح عدد من الدول»، الأمر الذي يزيد من مستوى القلق من خطر التشكيلات النشطة خارج إطار الدولة. وكان لبعض هذه المجموعات دور في نشوب الاشتباكات المسلحة، فكلما رأت أن نيران الحرب انطفأت تسعى لإشعالها، معتمدة على نظم تسلح غير تقليدية من طائرات الدرونز، والمتفجرات النوعية، ومنظومات وبرامج الاتصالات الفضائية.

للاطلاع على العدد 259 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا 

انتشار الميليشيات مع حرب طرابلس
ويقدر مسؤولون في هيئات دولية معدل انتشار السلاح في ليبيا في المتوسط بـ 3 قطع سلاح لكل مواطن ليبي بما فيها دبابات. والعشرات من تلك المجموعات تقاتل تحت مظلة وزارتي الداخلية أو الدفاع بحكومة الوفاق، وبرزت أكثر خلال حرب طرابلس في أبريل 2019.

وبعد فشل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق على مدى 5 سنوات من اتفاق الصخيرات على تطبيق بنود الترتيبات الأمنية وتجاهل الأمم المتحدة هذا الملف الملغم، خلصت محادثات لجنة «العشرة» بغدامس إلى تشكيل لجان فرعية لبحث تفاصيل تثبيت وقف إطلاق النار ومن ضمنها إعادة دمج وجمع سلاح الميليشيات، وذلك امتثالا لنص اتفاق الهدنة الذي يصر على حصر وتصنيف المجموعات والكيانات المسلحة بجميع مسمياتها على كامل التراب الليبي، سواء التي تضمها الدولة أو التي لم تُضَم.

كما ينص الاتفاق على «إعداد موقف عن المجموعات المسلحة من حيث قادتها وعدد أفرادها وتسليحها وأماكن وجودها، وتفكيكها، ووضع آلية وشروط إعادة دمج أفرادها بشكل فردي في مؤسسات الدولة». ولا يسري الاتفاق على المجموعات المسلحة المصنفة كمجموعات إرهابية من الأمم المتحدة.

وبينما أوكل وفدا حكومة الوفاق والقيادة العامة في مباحثات غدامس مهمة تفكيك المجموعات المسلحة للجان فرعية، أكدت مصادر على صلة بهذا الملف لـ«الوسط»، الصعوبات الكامنة وراء حلحلة الملف نظرا «لامتلاك عدد منها أفكارا تعارض عقيدة الجيش، إذ ساهم انقضاء حرب العاصمة في بروز هويتها وأهدافها وهو أمر يثير في المقابل عراقيل إنهاء ملف انتشار السلاح».

اعتقالات مطلوبة
وفي منتصف أكتوبر الماضي، جرى اعتقال المطلوب دوليا عبدالرحمن ميلاد، الملقب بـ«البيدجا» والذي يترأس مجموعة مسلحة ضمن حرس السواحل تتبع الداخلية بحكومة الوفاق. أما فصائل أخرى يقودها الضابط السابق صلاح بادي، الموضوع على قائمة عقوبات الأمم المتحدة منذ العام 2018، فتعتبر من أهم قوات مصراتة، وهي التي تتولى التنسيق مع تركيا.

وفي الجهة المقابلة يستمر نشاط جماعات ما يعرف بـ«قوة حماية الجنوب»، والتي كان لها دور في حصار الهلال النفطي. كما لا يمكن ذكر مجازر وانتهاكات ترهونة دون الحديث عن «ميليشيات الكاني»، التي اقترن اسمها بهذه الانتهاكات.

ويشوش الارتهان لقوى أجنبية على الحل السياسي في ليبيا تزامنا مع أية مباحثات أو اجتماعات تجرى داخل أو خارج البلاد، فبينما تجرى محاولات للتوصل إلى الحل السياسي عبر ملتقى تونس للحوار، فإن تشكيلات منضوية ضمن غرفة عملية «بركان الغضب» التابعة لحكومة الوفاق تتلقى التدريب العسكري في تركيا في برنامج شامل يستمر لخمسة أشهر.

وكشف وزير الدفاع بحكومة الوفاق صلاح الدين النمروش عن «تجهيز أول مركز تدريب في ضواحي العاصمة طرابلس، وستكون الأولوية في بناء الجيش حسب المعايير الدولية للقوة المساندة الشابة التي شاركت في الدفاع عن طرابلس»، في إشارة إلى المجموعات المسلحة التي كان لها دور في حرب العاصمة.

تهديد أمن العاصمة
ووصف وزير الداخلية بحكومة الوفاق الوفاق فتحي باشاغا بعض المجموعات المسلحة في طرابلس بأنها «ميليشيات خارجة عن شرعية حكومة الوفاق»، آخرها مطلع أكتوبر الجاري عندما اعتبر أن طرابلس «غير آمنة بسبب الميليشيات»، التي تفشى الفساد بسبب توغلها في مفاصل الدولة، متعهدا بالعمل على تحجيم دورها. وأعلنت في منتصف شهر سبتمبر الماضي حكومة الوفاق تشكيل لجنة لدمج وتأهيل المجموعات المسلحة والمقاتلين بوزارة الداخلية، أو تفكيك أخرى يتبعون ما يسمى بـ«ثوار 17فبراير». وقسم قرار وزير الداخلية المقاتلين المستهدفين إلى 3 فئات بألوان الأخضر والأصفر والأحمر، حيث يتم دمج المصنفين باللونين الأخضر والأصفر، فيما يتم تفكيك المصنفين باللون الأحمر بالقوة.

ويغفل الحديث عن ملف الميليشيات الحقيقة المغيبة عن انتشار عشرات المسلحين في مناطق لا تخضع لسيطرة فعلية لقوات حكومة الوفاق أو الجيش الوطني الليبي خصوصا في الجنوب الليبي، إذ برنامج وزارة داخلية الوفاق المدعوم من طرف واشنطن يستهدف تفكيك ودمج المجموعات المسلحة في طرابلس، حيث بدأت أخيرا في تحضير قوائم لتصنيفها بهدف دمجها في مؤسسات الدولة. وأثار فرز المقاتلين الذين يمكن دمجهم في القوات الحكومية حفيظة حقوقيين في منظمة «هيومن رايتش ووتش» التي اعتبرت أن أحد عيوب اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في جنيف في 23 أكتوبر الماضي هو «تجاهل وضع إجراءات تدقيق صارمة لاستبعاد أي متهم بارتكاب جرائم خطيرة».

وشددت المنظمة على ضرورة أن يكون هناك التزام بمحاسبة أي متهم بهذه الجرائم، مضيفة أن ما لم تنص عليه الاتفاقية هو التزام واضح ومسار للمساءلة عن الجرائم الجسيمة والانتهاكات الأخرى التي ارتكبتها أطراف النزاع بدعم من رُعاتها الأجانب. ويشمل ذلك الهجمات العشوائية التي قتلت المدنيين، وتدمير البنية التحتية الحيوية، والإخفاء القسري، والاعتقالات التعسفية، والقتل غير المشروع.

مصير غامض
وبينما يقول مراقبون إن مساعي حصر وتصنيف المجموعات المسلحة بجميع مسمياتها لدمجها، وإيجاد فرص عمل «يعد نوعا من أنواع القفز إلى الأمام دون إيجاد صيغة سياسية شاملة»، يتساءل آخرون حول الضمانات المقدمة لكل طرف وطبيعة التنازلات لبعضهما البعض، ولا سيما أن العشرات من الميليشيات شاركت أغلبيتها في عملية «بركان الغضب» سواء كانت هذه الميليشيات في مصراتة، حيث تتواجد كتلة سياسية كبيرة، أو طرابلس أو الزاوية.

للاطلاع على العدد 259 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا 

ويأمل سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا ريتشارد نورلاند في أن يكون عمل واشنطن مفيدا في ملف حل الميليشيات وتفكيكها وتوجيهها نحو الهياكل الأمنية العادية، والتي يجب أن تمتلكها كل دولة سواء الشرطة والجيش، وأضاف في تصريحات أخيرة، عبر الفيديو نقلتها الصفحة الرسمية لسفارة بلاده على موقع «فيسبوك» أن «البعد الاقتصادي مهم في مسارات الحوار حيث تريد تشغيل المداخيل المتأتية من النفط مما يتيح لأعضاء الميليشيات الحصول على العمل والابتعاد عنها»، وفق تعبيره.

واعترف نورلاند بصعوبة العملية برمتها بسبب حرب طرابلس التي مكنت بعض الميليشيات من التغول، مبديا استعداد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لدعم عملية دمجها في أجهزة شرطية وعسكرية عادية.

وفي الجهة الشرقية من البلاد فإن القيادة العامة تريد الاستفادة من وصف واشنطن والأمم المتحدة لها بـ«الجيش الوطني الليبي» لتجنيبه التفكيك، خصوصا وأنه أظهر تماسكا أكبر بعد إطلاق العملية العسكرية (الكرامة) في العام 2014، حيث انحسر عدد الميليشيات ليقتصر على الجزء الشمالي الغربي لليبيا؛ غير أن ضمان تجاوز برنامج التفكيك يتطلب القبض على عدد من الكتائب المتورطة في انتهاكات.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«رأس اجدير» في مكالمة هاتفية بين الطرابلسي ونظيره التونسي
«رأس اجدير» في مكالمة هاتفية بين الطرابلسي ونظيره التونسي
على طريقة ترحيلهم من ليبيا.. جدل في فرنسا حول خطة بريطانية لترحيل اللاجئين إلى رواندا
على طريقة ترحيلهم من ليبيا.. جدل في فرنسا حول خطة بريطانية لترحيل...
المنفي يطالب بدقة ترسيم حدود ليبيا لمنع الانتهاكات
المنفي يطالب بدقة ترسيم حدود ليبيا لمنع الانتهاكات
حملة أمنية مكثفة لضبط المرور في درنة
حملة أمنية مكثفة لضبط المرور في درنة
تكالة بحث مع الفطيسي تطوير الطاقات المتجددة والصحة والتعليم
تكالة بحث مع الفطيسي تطوير الطاقات المتجددة والصحة والتعليم
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم