Atwasat

بعد استقالة بوتفليقة.. محطات في حياة أطول رؤساء الجزائر حكمًا

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الأربعاء 03 أبريل 2019, 01:14 مساء
WTV_Frequency

بعد 20 عامًا في سدة السلطة، غادر الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، أمس، منصبه مستقيلاً بعد ضغوط ومظاهرات شعبية اندلعت منذ فبراير الماضي ليصبح أطول رؤساء الجزائر استقرارًا بالحكم منذ انتخابه أول مرة رئيسًا العام 1999.

وأنهى بوتفليقة، حكمه بانتفاضة شعبية غير مسبوقة في تاريخ البلاد سرعان ما حظيت بدعم الجيش، بعدما اتسم عهده بالاستقرار وعُرف عنه كصانع السلام ومهندس المصالحة الوطنية لدوره في إنهاء الحرب الأهلية في بلاده.

وبعد أن كان بوتفليقة قياديًا كثير الحركة وخطيبًا لبقًا، تملكه المرض الذي أعجزه وأفقده القدرة على المشي، وظهر طيلة الست سنوات الماضية على كرسي متحرك إلى أن تدهورت صحته بشدة في الأشهر الأخيرة .

أصغر وزير 

ولد بوتفليقة في الثاني من مارس 1937 في وجدة بالمغرب في أسرة تتحدر من تلمسان شمال غرب الجزائر. وانضم حين كان عمره 19 عامًا الى جيش التحرير الوطني الذي كان يكافح الاستعمار الفرنسي وكُلف بجبهة مالي في أقصى الحدود الجنوبية للجزائر من أجل حشد دعم القبائل حول الثورة ومطلب الاستقلال حتى تحقق في عام 1962.

وشغل بوتفليقة، منصب وزير الشباب والرياضة في أول حكومة بعد الاستقلال كأصغر وزير بالعالم وهو في سن 25 سنة قبل أن يصبح الرجل الثاني في نظام حكم الرئيس الراحل هواري بومدين (1965-1979) بعد توليه منصب وزير الخارجية في فترة شهدت بزوغ نجم الجزائر في الساحة الدولية كمدافع عن قضايا التحرر.

اقرأ أيضا: بعد 20 عامًا من حكمه.. بوتفليقة يخرج من «الباب الضيق» للتاريخ

في العام 1965، أيد بوتفليقة، انقلاب هواري بومدين الذي كان وزيرًا للدفاع ومقربًا منه، حين أطاح بالرئيس أحمد بن بلة، وكرس نفسه ساعدًا أيمن لبومدين الذي توفي عام 1978.

وعقب وفاة الرئيس بومدين في 27 ديسمبر 1978، كان من أهم المرشحين لخلافته رفقة محمد صالح يحياوي الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، لكن الجيش وقف ضد طموحه، ونصبت العقيد شاذلي بن جديد، القائد المؤقت للجيش حينها رئيسًا للدولة في العام 1980.

غادر بوتفليقة البلاد العام 1980 متجهًا للخليج العربي ليشغل منصب مستشار لحاكم الإمارات العربية المتحدة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

حاول بوتفليقة العودة إلى الساحة السياسية من بوابة الحزب الحاكم، لكن دخول الجزائر في أزمة سياسية وأمنية بعد صدام بين الإسلاميين والنظام جعله يغادر البلاد مجددًا مطلع التسعينيات.

وكانت الجزائر حينها في أوج الحرب الأهلية التي اندلعت في 1992 ضد الإسلاميين بعد اغتيال الرئيس الراحل محمد بوضياف عام 1992 بعد أشهر من توليه الحكم. وخلفت تلك الحرب، بحسب حصيلة رسمية، نحو 200 ألف قتيل. وعمل الرئيس الجديد حينها على إعادة السلم في بلاده.

وبحسب السيرة الذاتية لبوتفليقة المنشورة على الموقع الرسمي لرئاسة الجزائر، رفض بوتفليقة، تولي منصب مستشار لدى المجلس الأعلى للدولة وهو هيئة رئاسية انتقالية تم وضعها من 1992 إلى 1994، كما رفض تولي منصب ممثل دائم للجزائر بالأمم المتحدة.

مرشح للنظام 

سرعان ما عاد بوتفليقة في عام 1998 كمرشح للنظام لرئاسة البلاد كخليفة لليامين زروال الذي قرر الاستقالة ليعتلي الحكم في شهر أبريل 1999 في انتخابات انسحب منها ستة من منافسيه متهمين السلطة الحاكمة بـ«تزويرها لصالح بوتفليقة».

اقرأ أيضا: فرنسا: واثقون من قدرة الجزائريين على مواصلة السعي إلى «انتقال ديمقراطي»

في سبتمبر 1999، صوت الجزائريون بكثافة في استفتاء على قانون عفو عن المسلحين الإسلاميين الذين لم يقترفوا جرائم قتل أو اغتصاب وقبلوا بتسليم أسلحتهم. وأعقب ذلك استسلام آلاف الإسلاميين. في 2005، أُجري استفتاء جديد يعفو عن ممارسات قوات الأمن أثناء الحرب الأهلية.

نجاة من اغتيال

ونجا بوتفليقة، في سبتمبر 2007، بأعجوبة من محاولة اغتيال نفذها انتحاري من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي استهدفت موكبه في باتنة جنوب شرق الجزائر، لكن الانتحاري الذي اكتشف أمره استعجل تفجير الحزام الناسف قبل وصول الرئيس.

وأعيد انتخابه كل مرة من الدورة الأولى، في 2004 (85 بالمئة من الأصوات)، و2009 (90 بالمئة)، وذلك بعد تعديل الدستور الذي كان يحدّ الولايات الرئاسية باثنتين.

في عام 2005، تعرض بوتفليقة لوعكة صحية إثر إصابته بـ«قرحة معدية» نجا منها بأعجوبة بعد علاجه في باريس، كما صرح هو شخصيًا.

في خضم أحداث الربيع العربي العام 2011، اشترى بوتفليقة، السلم الاجتماعي بالعائدات السخية للنفط الذي ارتفعت أسعاره إلى أعلى مستوى حينها، عن طريق التقديمات الاجتماعية.

وفي مايو 2012 أوحى الرئيس المنتهية ولايته في خطاب للجزائريين انه سيتنحى عاجلا بعدما قال في كلمته «جيلي طاب جنانو» أي جيل ثورة التحرير انتهى ولن يكون له دور في الحياة السياسية مستقبلاً، لكن استمر بعدها في الحكم رغم تعرضه في 27 أبريل 2013 لجلطة دماغية أودع على إثرها في المستشفى لنحو ثلاثة أشهر في باريس في 2013.

ولدى عودته للبلاد في يوليو 2013، مارس بوتفليقة مهامه في شكل قرارات ورسائل ولقاءات مع كبار المسؤولين في الدولة وضيوف أجانب يبثها التلفزيون الرسمي دون الظهور في نشاط ميداني يتطلب جهدًا بدنيًا بحكم أنه ما زال يتنقل على كرسي متحرك.

كما صمد الرجل أمام دعوات واحتجاجات من المعارضة تدعوه لترك الحكم بسبب وضعه الصحي الصعب، وترشح في أبريل 2014 لولاية رابعة فاز فيها بأصوات 82 بالمئة من الناخبين.

ورغم الجدل الذي تشهده البلاد منذ تعرضه لوعكة صحية العام 2013 إلا أن الرجل قدم ترشحه لولاية خامسة يوم 4 مارس الماضي وهو في مستشفى بجنيف السويسرية.

مقاومة رغم المرض

ويختزل وزير الخارجية الجزائري الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي والذي عمل مع بوتفليقة في فترة السبعينيات حقبته بالقول «لا ينكر أحد أن البلاد عرفت في عهده إنجازات في البنى التحتية والمنشآت لكنها بالمقابل عرفت انهيارا كبيرا في الأخلاق والممارسة السياسية» في إشارة إلى انتشار الفساد.

وعُرفت بداية حكمه إطلاق مشروع للمصالحة الوطنية لحل أزمة أمنية وسياسية عاشتها البلاد خلال التسعينيات وكان وراء نزول آلاف المسلحين من الجبال. لكن معارضون يصفون حكمه بوتفليقة بالتضييق على الحريات وغموض التوجه الاقتصادي للبلاد وانتشار الفساد فيما يرى مؤيدوه أنه «منقذ الجزائر من أزمتين أمنية وسياسية».

اقرأ أيضًا.. في رسالة للمجلس الدستوري.. بوتفليقة يستقيـل من رئاسة الجمهورية

ويحسب على بوتفليقة في المقابل إحداثه خلال العام 2013 تغييرات طالت المؤسسة العسكرية ومؤسسة المخابرات الواسعة النفوذ بالدرجة الأولى انتهت العام 2015 بإبعاد قائدها السابق الفريق محمد مدين المدعو توفيق والذي قضى 25 سنة في المنصب وكان يسمى بـ«صانع الرؤساء» لنفوذه الكبير خلال السنوات الماضية كما تم حل هذا السلك الأمني.

وكان ترشح لولاية رئاسية خامسة في الانتخابات التي كانت مقررة في 18 أبريل 2019، إلا أنه عاد وتراجع تحت ضغط الشارع، وقرّر إرجاء الانتخابات إلى أجل غير محدد، في انتظار تنفيذ إصلاحات، الأمر الذي اعتبره الجزائريون تمديدًا لولايته الرابعة، فواصلوا التظاهرات ضده التي كانت بدأت في 22 فبراير.

وعلى الرغم من مقاومته محيطه الرئاسي طيلة ستة أسابيع غضب الشارع بإطلاق مناورات ووعود بالإصلاحات لكن لم تفلح تلك الجهود في إخماد الانتفاضة الشعبية المطالبة برفض تمديد الولاية الرابعة ورضخ بالنهاية بتقديم الاستقالة.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
السيسي: مصر ترفض تهجير الفلسطينيين إلى سيناء أو أي مكان آخر
السيسي: مصر ترفض تهجير الفلسطينيين إلى سيناء أو أي مكان آخر
الأردن يدين اقتحام الأقصى: خرق للوضع التاريخي والقانوني القائم بالمسجد
الأردن يدين اقتحام الأقصى: خرق للوضع التاريخي والقانوني القائم ...
بينها أميركا وبريطانيا وفرنسا.. نداء من 18 دولة لحركة حماس
بينها أميركا وبريطانيا وفرنسا.. نداء من 18 دولة لحركة حماس
قرابة 100 ألف فلسطيني وصلوا مصر من غزة منذ بدء الحرب
قرابة 100 ألف فلسطيني وصلوا مصر من غزة منذ بدء الحرب
نائب مدير برنامج الأغذية العالمي: شمال غزة ما زال يتجه نحو المجاعة
نائب مدير برنامج الأغذية العالمي: شمال غزة ما زال يتجه نحو ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم