شهد مؤتمر إعمار غزة، الذي بدأ فاعلياته اليوم في العاصمة المصرية القاهرة، إقبالاً كثيفًا من قبل وسائل الإعلام المحلية والعالمية، ليعكس الأهمية التي يواليها المجتمع الدولي للمؤتمر المنعقد برعاية مصرية بالاشتراك مع النرويج والرئاسة الفلسطينية.

وافتتح المؤتمر بكلمة من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عرض خلالها دور مصر الفعال في الوساطة بين طرفي النزاع الفلسطيني والإسرائيلي لوقف نزيف الدم، وحثّ القيادة الإسرائيلية على استكمال عملية السلام التي بدأتها مصر في سبعينات القرن الماضي.

وأكد السيسي أن القضية الفلسطينينة قضية العرب الأساسية، وأن هذا المؤتمر رسالة إلى المجتمع الدولي للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للشعب الفلسطيني.

عباس: سقف زمني للاحتلال الإسرائيلي
وجّه الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال كلمته الشكر للدولة المصرية على مواقفها القوية وجهودها الكبيرة من أجل إنهاء الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، بالإضافة لاستضافة مؤتمر إعادة إعمار غزة، كما وجّه الشكر لدولة النرويج، بصفتها الدولة الراعية للدول المانحة. وطالب أبو مازن خلال كلمته المجتمع الدولي بدعم سعي الفلسطينيين لاستصدار قرار من مجلس الأمن يضع سقفًا زمنيًا للاحتلال الإسرائيلي.

النرويج: حل الدولتين
أكد وزير خارجية النرويج بورج برينده ضرورة حل الدولتين، مشيدًا بالدور المصري لتنظيم مؤتمر إعادة إعمار غزة والتمثيل غير المسبوق للحضور والمشاركة في المؤتمر، مضيفًا: «إننا نسعى خلال اجتماعنا لتوفير الحياة الإنسانية والأفضل لأطفال غزة بعد ٥١ يومًا من الحرب».

وأشار إلى أن النرويج قدمت للشعب الفلسطيني هذا العام 20 مليون دولار ليصل إجمالي التعهدات النرويجية إلى ١٠٠ مليون دولار، وأضاف «سنستمر في دعمنا للفلسطينيين». وشدّد على أهمية دور القطاع الخاص الفسطيني في إعادة إعمار غزة وإقامة مشروعات وأنشطة اقتصادية بالقدس الشرقية لمساعدة السلطة الفلسطينية كي لا تعتمد على المانحين، مشيرًا إلى أنه سيعقد اجتماعًا ببروكسل في الربيع المقبل لبحث التقدم المحرز في هذا الصدد.

كيري: 212 مليون دولار لإعادة إعمار غزة
وقال وزير الخارجية الأميركية جون كيري إن بلاده تتعهد تخصيص 212 مليون دولار مساهمة منها في إعادة إعمار غزة. وشدّد كيري أن هذه الأموال منحة من الإدارة الأميركية للمساهمة في تنمية الشعب الفلسطيني، علمًا بأنها ستضاف إلى منحة أخرى، أعلن عنها في السابق، قيمتها 190 مليون دولار.

الاتحاد الأوروبي
قالت كاثرين آشتن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي إن قطاع غزة هو جزء من أراضي السلطة الوطنية المحتلة في 1967 وسيكون جزءًا من دولة فلسطين المستقبلية، مأكده أن الحل السياسي هو الحل النهائي الذي يرغبه الجميع.

وأضافت آشتن خلال كلمتها في المؤتمر أن الاتحاد الأوروبي يستجيب فورًا لدعم الاحتياجات الأساسية في مجالات البنية التحتية والكهرباء والصحة والإسكان بمبلغ سبعة ملايين يورو، بالإضافة إلى المساعدات الإنسانية، التي بلغت في 2014 قيمة 25.6 مليون يورو.

وأوضحت أن الموقف مازال متأزمًا، داعية المجتمع الدولي لإمداد الفلسطينيين بالمساعدات والدعم بسخاء، قائلة: «أناشد إسرائيل أيضًا لاستكمال مبادرتها الإيجابية والسماح بشكل كامل بدخول المساعدات والإمدادات الإنسانية». وأضافت: «وكما قلت في نيويورك، يجب أن يكون هذا المؤتمر هو الأخير لإعادة إعمار غزة، فلا يجب أن نعود للوضع السابق غير المستقر، بل نحتاج حلاً سياسيًا نهائيًا لما يجري في القطاع».

بان كي مون: متفاءل
أكد سكرتير عام الأمم المتحدة بان كي مون في كلمته خلال المؤتمر العالمي، أن إعادة إعمار غزة يتطلب توافر أسس سياسية قوية، معربًا عن شعوره بالتفاؤل إزاء اتفاق المصالحة الفلسطينية، الذي تم التوصل إليه بالقاهرة في 25 سبتمبر الماضي، مناشدًا جميع الأطراف بـ«اتباع الأقوال بالأفعال هذه المرة» في إشارة إلى حركتي فتح وحماس.

ورحب بان كي مون بالاتفاق الثلاثي الموقت الذي رعته الأمم المتحدة لضمان دخول مواد البناء إلى قطاع غزة، معبرًا عن تفاؤله إزاء اجتماع حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية برئاسة الحمد الله في قطاع غزة. وأضاف أن المجتمع الإنساني في فلسطين يعمل مع الحكومة الفلسطينية من أجل الاستجابة لنداء «الأزمة في غزة» الذي يتطلب توفير 551 مليون دولار في الوقت تم توفير أقل من نصفه وهو 233 مليون دولار، كما أعدت السلطة الفلسطينية خطة للتعافي وإعادة البناء بقيمة أربعة مليارات دولار.

جامعة الدول العربية
قال نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية، خلال كلمته، إن دعاوى انسحاب إسرائيل من غزة منذ العام ٢٠٠٥ شكلية وباطلة، مضيفًا: «لا يوجد سبب لاستمرار الاحتلال، ففلسطين تحت الاحتلال الإسرائيلي أكثر من نصف قرن»، موضحًا أن هذا المؤتمر ليس فقط للإعمار، ولكن للاستجابة للمطالب الفلسطينية بالإفراج عن المعتقلين ومحاسبة من تسبب في هذه الحروب، وإقامة سلام عادل في المنطقة، وهذا يتطلب موقفًا دوليًا واضحًا يضع جدولًا زمنيًا لإنهاء الاحتلال، داعيًا إلى مفاوضات جدية تبدأ بترسيم الحدود وتنتهي بتحقيق سلام دولي».

مسؤولية المجتمع الدولي تجاه غزة
قال الدكتور بطرس بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، في رسالة يوجهها بهذه المناسبة إلى المنظمة الدولية والمجتمع الدولي، إن هذا المؤتمر وما يعكسه من حشد دولي بارز يؤكد من جديد أهمية دور مصر في جهود إحلال السلام الشامل والعادل في المنطقة وتحقيق الأمن والاستقرار. ونبه غالي إلى أنه يجب أن يكون المؤتمر مدعاة أساسية لإنهاء الانقسام الفلسطيني الذي أضر كثيرًا بالقضية الفلسطينية وتراجع الاهتمام الدولي بها.

وختم غالي رسالته بالتأكيد على أن هذا المؤتمر لا يجب أن يعفي إسرائيل من مسؤولياتها القانونية والأخلاقية كدولة احتلال وضرورة مشاركتها في تحمل أعباء ما ألحقه عدوانها على غزة.

وقال وزير الخارجية المصرية سامح شكري تعليقًا علي المؤتمر، إن مصر مهتمة دومًا بالقضية الفلسطينية وستظل دائمًا أولوية أولى لدى مصر كما أن تحقيق مصالح الشعب الفلسطيني أولوية أولى لمصر، وأن الإقبال على حضور هذا المؤتمر الذي تستضيفه القاهرة اليوم هو إقبال على الدور المصري وعلى دعم القضية الفلسطينية.

دعم عربي
من جانبه، كشف مسؤول حكومي فلسطيني عن وعود قدمتها الدول العربية بتقديم دعم يبلغ مجموعها 2 مليار دولار أميركي. وأكدت عدة دول عربية أنها ستعلن عن هذا الدعم المالي خلال المؤتمر، في انتظار الدعم الذي ستقدمه بقية الدول المانحة.