أكّد صاروخ «فيغا» استعادة أوروبا سيادتها الفضائية بوضعه في المدار قمرا صناعيا مخصصا للمراقبة، منجِزا بنجاح رحلته الأخيرة بعدما أقلع، أمس الأربعاء، من مركز كورو للفضاء في غويانا الفرنسية.
وكان من المقرر أساسا أن يُقلع الصاروخ في اليوم السابق، لكن شركة «أريان سبايس» أعلنت إرجاء الموعد أربعا وعشرين ساعة «بسبب مشكلات كهربائية في التوصيلات الأرضية». وحصلت عملية الإطلاق في نهاية المطاف عند الساعة 22,50 الأربعاء (01,50 ت غ الأربعاء)، بحسب مراسل وكالة «فرانس برس».
وأفاد مركز غويانا عبر منصة «إكس» بأن «رحلة فيغا الأخيرة أقلعت بنجاح من القاعدة الفضائية الأوروبية!».
وحمل الصاروخ القمر الصناعي «سنتينل 2 سي» المدرج ضمن برنامج «كوبرنيكوس» التابع للاتحاد الأوروبي، ونجح في وضعه في مدار متزامن مع الشمس على علو يناهز 775 كيلومترا، بعد 57 دقيقة و27 ثانية من الإقلاع، وفق ما شرحت «أريان سبايس» لاحقا عبر «إكس».
- إرجاء إطلاق صاروخ «فيغا» 24 ساعة بسبب «مشكلات كهربائية»
- إطلاق الصاروخ «فيغا» خطوة ثانية نحو استعادة أوروبا استقلاليتها الفضائية
- «سبايس إكس» ترجئ أول رحلة سياحية خاصة إلى الفضاء لأجل غير مسمى
ويندرج «سنتينل-2 سي» ضمن برنامج مراقبة الأرض الفضائي الذي تتفوق فيه أوروبا، وسيدعم هذا القمر الصناعي مجموعة واسعة من التطبيقات التشغيلية، من بينها الزراعة ومراقبة جودة المياه وإدارة الكوارث الطبيعية كحرائق الغابات والزلازل والفيضانات بالإضافة إلى رصد انبعاثات الميثان.
كانت مهمة «فيغا» التي أطلقت عليها تسمية «في في 24» الأخيرة للصاروخ الإيطالي المصنوع من شركة «أفيو»، والذي دخل الخدمة العام 2012، قبل اعتماد صاروخ «فيغا سي» المحسّن والأقوى الذي علّقت الاستعانة به منذ على إثر تعرضه لحادث عام 2022 تسبّب في فقدان قمرين صناعيين لشركة «إيرباص».
وقال رئيس المركز الوطني الفرنسي لدراسات الفضاء فيليب باتيست لوكالة فرانس برس إن هذه الرحلة «هي الجزء الثاني من استعادة الاستقلال الفضائي والاستراتيجي الأوروبي».
نهاية عام أسود
وشكّل نجاح أول رحلة لصاروخ «أريان 6» في مطلع يوليو الفائت بعد تأخر أربع سنوات، خطوة على طريق تمكين الأوروبيين من وضع حد للعام «الأسود» الذي حُرمت خلاله القارة العجوز من الوصول إلى الفضاء.
وتكتسب معاودة أوروبا إطلاق صواريخها أهمية استراتيجية بالنسبة لقطاعها الفضائي في ظل المنافسة مع شركة «سبايس إكس» الأميركية التي تطلق صواريخ «فالكون 9» القابلة لإعادة الاستخدام بمعدل عمليتين أسبوعيا.
لكن التفاؤل يبقى مشوبا بالحذر في ما يتعلق بالصاروخ «فيغا سي» منذ حادث 2022 الذي وقع في وقت كانت أوروبا في انتظار وضع «أريان 6» في الخدمة ولم يعد باستطاعتها الاعتماد على صواريخ «سويوز» بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال مدير النقل الفضائي في وكالة الفضاء الأوروبية توني تولكر نيلسن لوكالة فرانس برس «أنا واثق من أننا سنكون جاهزين اعتبارا من نهاية نوفمبر لإطلاق فيغا سي»، مضيفا أن تصميم المحرك الذي كان سببا لمشاكل عدة خضع لـ«إعادة نظر كاملة» وأن الاختبارات الأخيرة كانت حاسمة.
وطمأن إلى أن «لا سبب يمنع سير الأمور على ما يرام» رغم «وجود الكثير من الضغط على فيغا سي».
وأشار إلى أن وكالة الفضاء الأوروبية تتهيأ راهنا لرحلة ثانية لـ«أريان 6» في كانون ديسمبر، بالإضافة إلى ست عمليات إطلاق لهذا الصاروخ وأربع عمليات إطلاق لـ «فيغا سي» سنة 2025.
أزمة صواريخ ذات طابع فني وسياسي
وقال مدير الأبحاث في تجمّع «يوروسبيس» لشركات الصناعات الفضائية الأوروبية بيار ليونيه لـ«فرانس برس»: «لقد خرجنا من أزمة صواريخ ذات طابع فني وسياسي».
وأضاف «في المقابل، فإن السؤال الكبير هو من سيشتري ما يكفي من عمليات الإطلاق حتى يتمكن المشغّل والمصنعون من تقديم الخدمات بسعر مقبول للزبائن بما يتيح للسلسلة الصناعية بأكملها تحقيق الربح».
وخلص إلى أن أوروبا هي من بين كل القوى العالمية «أصغر زبون لاحتياجات الإطلاق» وينبغي أن تجد مكانها في السوق «التي تغيرت جذريا».
أما توني تولكر نيلسن من وكالة الفضاء الأوروبية، فتوقع أن يستغرق الأمر «عشر سنوات» على الأقل حتى تصبح أوروبا قادرة على منافسة الولايات المتحدة في هذا المجال.
تعليقات