لقد أدى قرار السيد الكبير بالفرار من البلاد إلى وضع المؤسسات المالية الليبية في حالة حصار فعلي، وجعلها رهينة لعالمه الخاص المستمد من قبضته القوية طوال العقد الماضي.
ومن المؤسف أن التأكيدات التي أدلى بها المحافظ أخيرا في لقائه مع جريدة «فاينانشال تايمز» الأميركية، لم تكن صحيحة أو دقيقة من حيث إن قوة «الميليشيات» الليبية ترجع إلى حد كبير إلى دور المحافظ في توفير الدعم المالي الكبير لعملياتها من خلال شبكة معقدة من المؤسسات الحكومية التي تخضع للسيطرة المباشرة وغير المباشرة من أعضاء وموالين لهذه «الميليشيات».
السيد الكبير مسؤول إلى حد كبير عن التحديات الاقتصادية والمالية والأمنية الحالية التي تواجه ليبيا ولا ينبغي أن يُسند إليه دور المحافظ مرة أخرى.
إن الوضع الحالي للمصرف المركزي الليبي يستلزم إعادة هيكلة شاملة، مع تعيين تكنوقراطي مستقل تكون مهمته تهدئة المخاوف المالية للمواطنين الليبيين وضمان طمأنة الأسواق المالية الدولية بشأن إنفاذ القوانين واللوائح الدولية.
إن العزلة المالية التي قد يفرضها الغرب على ليبيا سوف تؤدي إلى تفاقم الوضع. وسوف تنزلق ليبيا إلى مزيد الفوضى وعدم الاستقرار، مع عواقب وخيمة سوف تؤثر على المنطقة وخارجها.
وبما أن المنطقة تمر بمرحلة صعبة فسقوط شبه الدولة في ليبيا سيؤثر على الهجرة وتدفق المهاجرين للسواحل الأوروبية من دول ليبيا ودول الجوار السودان والنيجر وتشاد ومالي، وستكون ممر عبور للأسلحة والإرهاب سيجد فيها مستنقعا ينمو فيه وسيكون تهديدا للمنطقة وجنوب أوروبا
وفي جوهر الأمر، فإن فرض عقوبات مالية إضافية على ليبيا من شأنه أن يخدم مصالح أولئك الذين من المتوقع أن يستفيدوا أكثر من غيرهم في الوقت الحالي، بما في ذلك السيد الكبير.
ولذلك فمن المستحسن أن يواصل المجتمع الدولي الضغط على البرلمان الليبي وغيره من الجهات الفاعلة السياسية لتسهيل المناقشات السريعة واتخاذ القرار بشأن تعيين محافظ جديد قادر على أن ينال توافقا من الداخل والخارج.
مقالات الرأي تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي «بوابة الوسط»
تعليقات