Atwasat

استدامة أنماط إنتاج ما قبل الرأسمالية

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 01 سبتمبر 2024, 01:11 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

في مقالنا «صلاحية ابن خلدون؟»1، المنشور الأحد الماضي، أسهمنا في النقاش الذي أثاره سالم العوكلي في مقاله «عصبيات ما بعد ابن خلدون»2 الذي يناقش فيه مقال منصور بوشناف «عصبيات»3.

والنقطة الأبرز في مقالنا هي الإشارة إلى ضرورة «التفريق بين العصبية كمصطلح سكه ابن خلدون، للدلالة على العصبية القبلية تحديداً، وليس العرقية، وبين التعصب كظاهرة عامة صاحبت البشرية منذ تكون القبائل والشعوب».

في هذا المقال سنعالج الموضوع من زاوية أخرى تمثل، في رأينا، عتبة النقاش المشار إليه أعلاه من خلال طرحنا السؤال التالي: لماذا تجاوزت الشعوب الأوروبية مسألة القبيلة التي ذابت ولم يعد لها وجود، على حين أننا ما زلنا نتحدث عن القبيلة ودورها الاجتماعي، وحتى السياسي؟

والجواب، إن المجتمعات الأوروبية تطورت بمفاعيل وتفاعلات داخلية دون تدخل عوامل خارجية، إذ لم تكن هناك قوى متفوقة على أوروبا تحاول التدخل في تطورها، وتوجيه مسارات هذا التطور.

على حين أن مجتمعاتنا لم تتح لها فرصة التطور الحر، وجرى التدخل في مسارها ومصيرها من قِبل القوى الأوروبية منذ القرن التاسع عشر. مجتمعاتنا مجتمعات انقسامية Fragmented، تتركب من إثنيات وقبائل وأنماط إنتاج مختلفة. ففي ليبيا، لدينا نمط إنتاج رعوي (= بدوي)، ونمط إنتاج زراعي (= ريفي)، إلى جانب نشاطات إنتاجية هامشية.

التدخل الاستعماري أدى إلى فرض التحديث والحداثة على شعوبنا قسريّاً، لكن هذا التحديث لم يفلح (ولعل القوى الاستعمارية شاءت له ألا يفلح) في التحويل الشامل لأنماط الإنتاج، وصهرها في نمط الإنتاج الرأسمالي، وبالتالي استدامت، وإن بشكل متحور ومتكيف وفق بعض متطلبات العصر، أنماط الإنتاج قبل الرأسمالية من خلال بقاء قاعدتها المادية الاجتماعية المنتجة. هذا إلى جانب أن الأنظمة السياسية التي تولت إدارة شؤون دولنا بعد الاستقلال لم تكن جادة في استكمال التحديث، وإيجاد سبل لتسهيله.

ولأن في ليبيا ثمة حضورًا قويًا للبداوة، ظلت القبيلة مهيمنة، وظل دورها فاعلاً، وظلت بالتالي الذهنية البدوية أو الثقافة البدوية مسيطرة في المجال العام، وتسربت حتى إلى المدن نتيجة تركيبتها الهشة.

وفي سياق حديثنا عن الذهنية البدوية سنكتفي بالإشارة إلى ما نراه أهم خصيصتين من خصائصها:
1) النفور من سلطة الدولة.
2) السعي الدائم إلى الاحتفاظ بقدر من الاستقلالية.
وقد تحققت النقطة الثانية في البلدان الموجودة فيها، بما في ذلك تحت وطأة نظام شمولي كالنظام الليبي.

1- https://alwasat.ly/news/opinions/449439?author=1
2- https://alwasat.ly/news/opinions/446650?author=1
3- https://alwasat.ly/news/opinions/445425?author=1

مقالات الرأي تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي «بوابة الوسط»