Atwasat

منذ ستينيات القرن الماضي!

محمد عقيلة العمامي الإثنين 05 أغسطس 2024, 11:11 صباحا
محمد عقيلة العمامي

يعدّ كتاب (الدين والتحليل النفسي) للكاتب (إيرك فروم) الذي يعد أحد أبرز المحلّلين النفسيين المجدّدين الذي وصف في ستينيات القرن الماضي، بأنه صاحب الثورة الثالثة في علم النفس، بعد تأسيسه لمدرسته «التحليل النفسي الإنساني». لقد عرفناه، نحن شباب جيل الستينيات ومطلع السبعينيات من خلال كتابات المرحوم صادق النيهوم؛ إذ كانت كتاباته شديدة الاهتمام بمجتمعات عصره. ولقد وردت آراؤه في كتابه، الذي أشرت إليه أعلاه، مفسرًا، ومحللًا تلك الثورة الجنسية وتداعياتها، المتواصلة، حتى الآن، وزاد من حدتها ما نراه الآن منتشرًا باتساع هذه الشبكات التي لم تعد تستر شيئًا!

ولعل ما ردده، من خلال رأيه حين وضح أن الحريات الجنسية السائدة، في ستينيات القرن الماضي: «لا تسهم بأية صورة في إيجاد إحساس صادق بالحياة، الغنية في خبرتها..».

وفي ذلك الزمن أيضًا أصدر الخبير في ملابس النساء وتاريخها (جيمس لافر) كتابه الذي ما زال متداولًا بترجمات عديدة حتى الآن، كان مما ذكره في هذا الخصوص نظريته في ملابس النساء التي سماها «منطقة الرغبة المتنقلة» وهي ما زالت سائدة حتى الآن! خلاصتها : «أن المرأة ككل شيء مرغوب فيه، غير أن الرجل لا يستطيع أن يستوعبها كلها مرة واحدة..» ولذلك أخذت الموضة تتنقل من قطعة إلى أخرى من جسد المرأة لإبراز مفاتنها، وانتقاء الألوان والقماش الذي يليق به.

كانت مهمة الموضة أن تجذب الانتباه إلى جزء واحد في كل مرة، بكل وسيلة جذابة ممكنة، فكانت ستينيات القرن الماضي موضة التنانير التي انحسرت ولأول مرة في التاريخ إلى ما فوق الركبة.

موضة (الميني جيب) بدأت في لندن وانتشرت في العالم كله، حتى وصلت الدول العربية والإسلامية، ظلت لفترة زمنية محصورة داخل نطاق البيت، ثم خرجت منه إلى الشارع! غير أنه في لندن تحديدًا تحولت شوارعها إلى غابة من السيقان، خصوصًا أنه من المعروف أن سيقان الإنجليزيات لها جمال خاص يعرفه مصممو الأزياء، ويؤكده عمال متاجر الأحذية الذين يساعدون الفتيات على ارتداء الحذاء زمان (الميني جيب)!.

لقد انتشرت الحرية الجنسية، في أوروبا، وكانت السويد، التي بلغ توسع إباحتها حد أنها أصبحت مواضيع لدراسة طلبة المراحل الأولى، فأصبحت (ستوكهولم) حينها قبلة لشباب العالم. لقد عشت تلك الفترة وشاهدت بدايتها التي لم تنته حتى الآن!
هذه الثورة الجنسية هي التي انتقدها (أيرك فروم) مثلما وضحت أعلاه، وهي التي أصبحت تجارة عالمية، وقنوات فضائية، لم تعد مخفية على أحد.

من أهم ما قرأت كنقد لمغبة تفاقم المسكوت عنه، المعروف والمتداول على نطاق واسع ما بين الكبار والصغار هو ما قاله أحد رجال الإعلانات (تشارلس براور) حد أنه وصف أحد رجال الإعلانات الشهير قائلًا: «إن رجال الموضة، وكذلك رجال (السوشيال ميديا) لا يحتاجون إلى أصدقاء، فلديهم الكثيرون، ولا يحتاجون إلى نصائح، فلقد سمعوها من القساوسة، والكتاب الملتزمين، وهم لا يحتاجون إلى زعماء، لأنهم يخلقونهم، ولكن شيء واحد هو ما يحتاجونه حقًّا: إنهم في حاجة إلى مُثل.. إلى قيم، وأن يعرفوا جيدًا أن ما يبتكرونه سوف يصل مخادع أطفالهم ذكورًا كانوا أم إناثًا!».

ولقد أكد منذ أكثر من خمسة وخمسين عامًا مضت واصفًا حال (الثورة الجنسية) بالقول: «هناك أناس يبنون، وأناس يهدمون..» وعلينا أن نختار بين أولئك الذين يريدون سلامتنا الروحية، أو أولئك الذين يغتالونها.. إن الأمور تسير بسرعة مذهلة وعلى كل منا أن يختار الاتجاه الذي يراه يتوافق مع قناعاته. ولكن يبدو أن الناس اختاروا ما نتائجه وصلت غرف نوم أطفالنا!
فماذا بعد ذلك؟

مقالات الرأي تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي «بوابة الوسط»