Atwasat

وين السمي يارايس؟

جمعة بوكليب الأربعاء 31 يوليو 2024, 05:14 مساء
جمعة بوكليب

السماء التي نعرفها ونعيش تحتها، ليست المقصودة بالعنوان أعلاه، ولا علاقة لها بالسؤال. وهذا يعني ضمنياً احتمال وجود سماء أخرى - سرية - غير معروفة لنا، وهي مبعث السؤال. والسؤال، كما يبدو واضحاً، موجه لواحد من ريّاس عديدين، يتقاتلون للاستحواذ على دفة سفينة تقلنا نحن منذ قرابة أربعة عشر عاماً، في بحر متلاطم الأمواج، ولا أحد يعرف حتى الآن إلى متى أو إلى أين؟
قد يذهب التفكير بالبعض إلى واحدة من السموات السبع المذكورة في القرآن الكريم، والإجابة بالنفي.

هل نحن أمام فزورة؟
إذا افترضنا أن هذة فزورة، فماذا نسمي إذاً حادثة اكتشاف معسكر تدريب عسكري سري لأشخاص ليبيين في بلد بعيد جغرافياً ولا تربطنا به حدود، وأبعد مسافة من المكان الذي يقال، في أساطير قديمة، أن الغراب نقل إليه ضناه وحط بهم فيه، وأعني بذلك دولة جنوب أفريقيا؟

الفزورة أم الفوازير هي: لماذا اختيار جنوب أفريقيا موقعاً للتدريب وليس الصحراء الليبية مثلاً؟ وما الدافع أو الدوافع؟ ومن هم وراء المشروع العسكري السري، وما الحاجة إلى السرية ومخالفة القوانين؟

الخبر الذي يساوي اليوم مالاً كثيراً، يقول المصريون، سيكون متوفراً بكره ببلاش. لكن بكره بعيد جداً، وصبرنا نفد. إذ علينا أولاً أن ننتظر ما ستسفر عنه تحقيقات الأجهزة الأمنية في تلك الدولة الأفريقية البعيدة، حيث ظهرت الفزورة التي أطلقنا عليها وصف أم الفوازير. هذا ما لم يتم، وراء أبواب مغلقة وكواليس معتمة، حدوث مفاوضات بيع وشراء، أو تتدخل جهات مخابراتية أجنبية وتطلب «لفلفة» الموضوع. ويا دار ما دخلك شر. وهذا يعني ثانياً أن سقف توقعاتنا يجب ألا يكون عالياً. وأن نضع في الاعتبار ما يمكن من احتمالات واقعية، في بلد مفاتيح أقفال أزمته تتواجد في عواصم خارجية.

«وين السمي يارايس؟»
علينا كذلك معرفة المقصود مَنْ مِنَ الرياس المقصود بالسؤال. وعلى سبيل المثال، هل هو رئيس حكومة الوحدة الوطنية، أم نظيره في حكومة بنغازي، أم رئيس المجلس الرئاسي؟ هل هو قائد الجيش في المنطقة الغربية أم القائد الأعلى للقوات المسلحة في الرجمة؟ هل هو رئيس البرلمان أم نظيره رئيس مجلس الدولة؟ هل هو رئيس جهاز الدعم والاستقرار، ونظيره رئيس جهاز الردع، أم هم رؤساء أجهزة المخابرات الخارجية والعسكرية والداخلية والمباحث العامة، ومكافحة الهجرة غير القانونية... إلخ؟ أم هم كل المذكورين أعلاه؟

في لعبة الخربقة يقوم أساس اللعبة على قاعدة «كلب يأكل كلب». والخربقة لعبة قديمة جداً، ومع ذلك لم تنته الكلاب، بل تكاثرت بمرور الوقت! ولعبة جنوب أفريقيا لعبة جديدة «نَاف» وتطوير معقد لقاعدة «كلب يأكل كلب». ولا مكان بها لتسلية مهما كان نوعها. ولم نتعرف بعد على أصول وقواعد لعبها، لأنها ما زالت لم تخرج من طور السرية، وبالتالي ليست مفتوحة للجميع. ويبدو أن المسألة تستغرق وقتاً طويلاً لتصبح قواعد لعبها معروفة ومتاحة.

مسالة جنوب أفريقيا، في رأيي، ربما تشبه، في نواح عديدة، «مخلاة عبد الجليل». بمعنى أنها لا تهم إلا المتورطين في المشروع. وهؤلاء، بعد اكتشاف المؤامرة وفشلها، يهمهم أن تكون المخلاة من نصيبهم كي لا تقع بين أيدي خصومهم، مما يؤدي إلى معرفة أسمائهم وعناوينهم والمبالغ التي استلموها، والدوافع وراء التدريب، والدول المتورطة فيه، وووووووو...

«وين السمي يارايس؟»
سؤال بسيط، قد يسأله بحّار قليل التجربة، لا يعرف أجواء البحر وتقلبات الطقس. ونحن لسنا بحّارة. والبحر الذي نمخر عبابه، عرفنا الكثير من تفاصيله، كما عرفنا أسماء الريّاس، أو بالأحرى من يزعمون أنهم ريّاس. ومن حقنا أن نصرخ بصوت عال في وجه الحكومتين: هل من توضيح يجلي عن قلوبنا الغُمّة الأخيرة؟
كل ما نحتاجه، لا يتعدى ظهور ناطق رسمي، يوضح لـ6 ملايين ليبي ماذا يفعل 95 مواطناً ليبياً في جنوب أفريقيا في معسكر تدريب سري، ومن ساعدهم في الدخول بتأشيرات طلابية مزورة، ولماذا؟ ومن يقف وراء المشروع ويموله؟ وما هي دوافعه؟

مقالات الرأي تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي «بوابة الوسط»