Atwasat

عصر السيارات ذاتية القيادة

جمعة بوكليب الخميس 20 أبريل 2023, 10:28 صباحا
جمعة بوكليب

«احترت أش نهديلك ياحلوّه يوم العيد قرب... أجمل ما في الدنيا عندك أش مازلت تحب».. هذا ما كان يردده الفنان التونسي سي علي الرياحي رحمه الله في الإذاعة والتلفزة التونسية، كلما اقترب موعد حلول العيد. ولأن العيد اقترب جداً، حتى أنه يقف منتظراً على عتبات بيوتنا وقلوبنا لكي نفتح له الأبواب ونستقبله ككل عام، وليحل بيننا ضيفاً عزيزاً كريماً، لفترة زمنية قصيرة، يسرني أن أتقدم إليكم جميعاً بأحر التهاني، راجياً من المولى القدير أن يعيده على بلادنا بالسلام والاستقرار، وكل عام ونحن جميعاً بخير.

في الأسبوع الأول من شهر أبريل الجاري احتفل العالم بمرور خمسين عاماً على ميلاد الرمز الشريطي (Barcode) المستخدم في تعريف السلع والبضائع في المحلات والسوبر ماركات. اكتشاف ذلك الرمز كان فتحاً علمياً يضاف إلى المنجز الحضاري الإنساني. وها هو العالم مجدداً، يضيف إلينا منجزاً علمياً تقنيا جديداً، ألا وهو السيارات ذاتية القيادة.

بشرى لمحبي ولهواة قيادة السيارات في كل مكان. في الأسبوع الماضي، ورسمياً، فتح مصنع السيارات فورد في بريطانيا أبوابه أمام أحدث اختراعاته: سيارات ذاتية القيادة، لكي تنطلق في شوارع وطرقات المدن البريطانية. عصر السيارات ذاتية القيادة حلّ، وأعلن حضوره أوروبياً. وقبل ذلك بعام، حلّ في أميركا وكندا، وصار واقعاً فعلياً.

سائقو السيارات ذاتية القيادة الجديدة محظوظون. فهم، على عكس غيرهم، من سائقي السيارات، ليسوا في حاجة إلىى كثير عناء. إذ لا يلزمهم سوى الضغط على أزرار تشغيل المحركات، واختيار الجهات التي يريدون الوصول إليها على أجهزة GPS، ويجلسون في مقاعدهم، لكن بعيون مركزة على الطرقات أمامهم، ويتوكلون على الله.

بريطانيا، أصبحت أول بلد أوروبي يفتح طرقاته أمام السيارات الجديدة. واستناداً إلى تقارير إعلامية، فإن وزارة المواصلات البريطانية منحت الإذن، الأسبوع الماضي، لشركة صناعة السيارات فورد، لإطلاق سيارتها الجديدة (Mustang Mach-E.) مزودة بجهاز إلكتروني اسمه ( بلو كروز سيستم-Blue Cruise System.)

حلم المخترعين والمهندسين، منذ عشرات السنين، في توفير السلامة والراحة لسائقي السيارات أضحى اليوم حقيقة. السيارات ذاتية القيادة أثبتت بالتجربة أنها أكثر أماناً من غيرها. وما على السائقين، منذ الآن وصاعداً، سوى الجلوس في مقاعدهم، تاركين المقود لسيطرة نظام التشغيل الآلي بالسيارة، ليقوم نيابة عنهم، بمهمة القيادة، وبخوض معركة الزحام المروري اليومي، وتوصيلهم إلى جهاتهم المقصودة، شرط أن يبقوا عيونهم مفتوحة ومركزة على الطرقات أمامهم.. السيارة الجديدة الذاتية خُولت في بريطانيا بالسير في طرقات يقدر طولها بـ2300 ميل، في أقاليم بريطانيا الثلاثة: إنجلترا وويلز وإسكتلندا.

التقارير الإعلامية البريطانية تؤكد أن السيارات ذاتية القيادة، بدأت تشاهد في طرقات الولايات الأميركية وفي المدن الكندية منذ العام الماضي، حيث تستخدم من قبل عدد 193 ألف سائق، قطعوا مسافات وصلت إلى نحو 64 مليون ميل من دون وقوع حادث واحد. لكنها لم تصل إلى أوروبا إلا أخيراً، وتشرفت بريطانيا بأن تكون أول دولة تأذن لها رسمياً بالتواجد على الطرقات، بعد اختبارات طويلة، ولمسافات بلغت 100 ألف ميل. السيارات الجديدة مزودة بأجهزة استشعار مسلطة بشكل دائم على عيون السائقين للتأكد بأنها مفتوحة ومركزة على الطرقات. وفي حالة تبين أن الأعين تنظر إلى جهة أخرى غير الطريق، يرن جرس إنذار، ويقوم الجهار الإلكتروني بالضغط على الفرامل لهز السائق. وإذا تجاهل السائق الإندارات تلك، تبطئ السيارة من سرعتها للتوقف.

الخبر غير عادي. ومن المفترض أن يكون مدعاة للفرح، خاصة في بلداننا، حيث يتفاقم ارتفاع ضحايا حوادث السيارات، عاماً إثر آخر، بشكل مخيف. والحوادث المميتة التي نسمع بها، وما ينجم عنها من ضحايا، في أغلب الأحيان، وضمن أشياء أخرى، ناجمة عن افتقاد سائقيها للتركيز أثناء القيادة. لكن لا أحد يستطيع التأكيد بإمكانية أن نرى الاختراع التقني الجديد قريباً على طرقاتنا في ليبيا، لانعدام وجود البنية التحتية اللازمة لصيانتها وتحديث أجهزتها الإلكترونية، وإصلاحها إن أصابها عطب. وهذا يعني أن دخولنا العصر التقني ذاتي القيادة سيتأخر، وربما إلى وقت طويل نسبياً مقارنة بغيرنا، وفقاً للمعطيات السياسية الحالية والتي نعلم علم اليقين أنها على درجة من السوء، لا تسر حتى العدو. وتأخر وصول التقينة الجديدة إلى طرقات ليبيا، يعني استمرار مسلسل الموت على طرقاتنا. وفي الوقت ذاته، لا يعني تأخر وصولها مثلاً إلى طرقات بلدان مجاورة، وأكثر استقراراً، وتحظى ببنيات تحتية مناسبة لاستقبال السيارات الحديثة مثل تونس أو مصر، أو المغرب. وإلى أن يحين الوقت المناسب وتتوفر الظروف المناسبة، سيواصل الليبيون اعتمادهم على ما يشحن لهم من خردة سيارات، تصلهم محمولة على متن سفن قادمة من كوريا وغيرها من البلدان الأوروبية، وما يترتب على ذلك من خسائر في الأموال، والبشر والممتلكات، وما يحدث في البيئة من تلوث.