Atwasat

(سفسطة) لنقد السفسطة.. قراءة في كتاب مهزلة العقل البشري للدكتور علي الوردي

محمد عبعوب الثلاثاء 11 أبريل 2023, 01:42 مساء
محمد عبعوب

يقدم الراحل الدكتور علي الوردي في كتابه "مهزلة العقل البشري.. محاولة في نقد المنطق القديم لا تخلو من السفسطة" ومن خلال تفاعلاته مع الثقافة الغربية خلال تواجده بأمريكا و أوروبا خلال النصف الثاني من القرن العشرين؛ يقدم من خلال كتابه هذا رؤية جديدة في نقد المنطق القديم الذي لازال يسود بيئته العراقية والعربية بشكل عام، محاولا خلق رؤية جديدة وفهم متطور لقيم الحضارة الإسلامية متأثرا بما عاشه واطلع عليه من قيم الثقافة الغربية مستخدما "السفسطة" كسلاح لنقد ما سطر حول هذا التراث..

يبدو أن المؤلف وقد خبر موقف القراء الناقد والرافض لما جاء من كتابه الأول "وعاظ السلاطين"؛ قد صدر كتابه بعبارات تسخر من ناقديه وتعد قراء كتابه هذا لتقبل سفسطاته كما يصفها في عنوان كتابه ولإدانة مسبقة لكل من يحاول نقد أفكاره أو رفضها.

في هذا الكتاب، كما في كتابه الاول "وعاظ السلاطين" بقدر ما يحوي من آراء و وجهات نظر ناقدة لقيم تراث الاسلام المبكر وسياسات زعمائه، وداعية لتجاوزها، إلا أن المؤلف كما يبدو من خلال سفسطاته - بالمفهوم السائد للسفسطة وليس بحسب مفهومه الفلسفي لها- في تناوله هذه الحقبة، قد وقع فيما حذر منه، وذلك بانجراره دون أن يدري إلى تبني تلك القيم والذود عنها، ذلك أنه عاش في بيئة مغرقة في الانتماء الطائفي (العراق) حالت دون التزامه الحياد.

ففي الفصول الأخيرة من هذا الكتاب يتخلى الكاتب عن حياده الذي أشار إليه في مقدمة كتابه، ويظهر في تناوله للصراعات بين التيارات الدينية في دولة الإسلام المبكر كمنحاز و منتمٍ لطرف من أطراف هذا الصراع، وبطريقة مطولة متكررة منفرة تبعث الملل في نفس القارئ. لكن للمؤلف في كتابه هذا أراء لافتة للنظر تعيد للقارئ اهتمامه ومواصلة القراءة.

الفصل الثاني عشر من الكتاب المتعلق بتاريخ التدافع الاجتماعي، يعد الفصل الوحيد تقريبا الذي شد انتباهي بما يحويه من أفكار تلفت نظر القارئ لخلفيات ومسارات قد تكون غائبة عنه للصراعات عبر التاريخ الإنساني باعتباره (الصراع) سنة من السنن التي سادت ولا زالت وستبقى تسود الحياة على وجه الارض وعاملا محوريا في بناء الحضارة الإنسانية وتطورها عبر العصور.