Atwasat

المحامي الصناعي

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 19 مارس 2023, 02:55 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

صحيح أن عديداً من الاختراعات لاقت اعتراضاً كبيراً ورفضاً شديداً من قبل الكثيرين لأسباب مختلفة ومن طوائف بشرية متنوعة وفي أماكن متوزعة. فالكتابة، مثلاً، لاقت أول ما ظهرت اعتراضاً لدى البعض.

لكن الذين يتخوفون الآن من تنامي «كائنات الذكاء الاصطناعي»، الروبوتات، التي أحب أن أسميها «الإنسان الآلي، أو الإنسان الصناعي»، وأنا منهم*، ينطلقون من مخاوف حقيقية. ذلك أن هذه الكائنات صارت، بحكم قدرتها على برمجة نفسها وتطوير قدراتها وحيازتها «ملكة» التصرف المستقل، وضعت البشرية على أعتاب مرحلة جديدة تهدد مستقبلها تهديداً واضحاً، حيث لن يقتصر دورها على الحلول محل «الإنسان الطبيعي أو الإنسان الإنساني» في وظائف وأعمال ومهن متعددة (الأمر الذي ستترتب عنه مشاكل اقتصادية واجتماعية، وحتى أخلاقية) وإنما من المتوقع أن ترتد عليه وتتآمر ضده، بحيث تستعبده أو تفنيه.

فهذه الكائنات أصبحت تلعب أدواراً متعددة في حياة البشر اليومية، بما في ذلك دور الشريك الجنسي، وصرنا نسمع عن أشخاص يرغبون في الزواج من «نساء صناعيات» أو «رجال صناعيين!». ويقول باحث بريطاني إن هذا الأمر سيكون متاحاً في حدود سنة 2050! وأن «لا مفر من حدوث ذلك» مثلما يقول.

ودون الخوض في تفاصيل لا تحتملها طبيعة هذا المقال ومساحته، سنتطرق إلى آخر حادثة في سياق تولي الإنسان الآلي لبعض الوظائف المحتكرة من قبل الإنسان الطبيعي، وهي تلك الحادثة المتعلقة بممارسة الإنسان الآلي مهنة المحاماة!

فمنذ مدة قريبة أُعلِن عن أول تجربة خاض فيها إنسان آلي مهمة الدفاع عن متهم أمام محكمة! بالطبع الأمر يتعلق بتجربة وفي مخالفة بسيطة (مخالفة سرعة). لكن هذا الأمر أثار مخاوف المحامين ورفعت قضية ضد هذا المحامي الصناعي بدعوى أنه لا يحمل شهادة جامعية في حقل اختصاصه ولا يحوز ترخيصاً معتمداً، حسب القوانين النافذة ذات العلاقة، بممارسة مهنة المحاماة.

الشركة المصنعة والمالكة لهذا المحامي الصناعي، أعلنت أنها تستعد للتصدي لهذه الدعوى وأن هذا المحامي الصناعي سيتولى، أصالة عن نفسه، الدفاع ضد تهمة، ما أسميه أنا «انتحال شخصية»!

* انظر عمر أبوالقاسم الككلي: الإنسان الصناعي والإنسان الطبيعي
https://alwasat.ly/news/opinions/238921?author=1