عشر ساعات، فصلت بين تهنئة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لأجهزة الأمن بقتل منفذ عملية حوارة، وتنفيذ مقاوم فلسطيني عملية فدائية جديدة وسط أشهر شوارع تل أبيب بمسدس بدائي مساء الخميس الماضي.
الفارق الزمني المحدود بين العمليتين يثبت أن الفلسطينيين لن يرفعوا راية الاستسلام للاحتلال الإسرائيلي مهما كان الثمن، صحيح أن ميزان القوة بين جيش مزود بأحدث الأسلحة الفتاكة، وبين مقاومة بدائية محاصرة من كل اتجاه، يصب في صالح الاحتلال، ورغم ذلك، نجد أن المقاومة الباسلة تحقق ضربات موجعة للعدو.
وهذا هو جوهر المعادلة الصفرية بين الفلسطينيين والاحتلال.
كل التوقعات تشير إلى أن الحكومة المتطرفة الحالية في إسرائيل مطلقة اليد في قتل وهدم وتشريد الفلسطينيين، ومع ذلك لم يستطع المحتل أن يعيش في أمان.
وفقًا للإحصاءات، التي تقر بها جهات دولية، لا يمر يوم دون ارتقاء شهداء جدد في مخيمات وقرى فلسطينية، حتى وصل العدد في الشهرين الماضيين إلى أكثر من 75 شهيدًا بينهم 20 طفلًا.
لقد تبنى الوزراء المتطرفون في حكومة نتانياهو منهجًا جديدًا يقوم على القتل المباشر لكل فلسطيني يشتبه به، ومنحوا حصانة لأجهزة الأمن ضد أية مساءلة في المستقبل، إلى جانب تدريب المستوطنين على حمل السلاح، وكان الهجوم الدموي على مخيم جنين قبل أيام بروفة عملية لمنهجهم الجديد الذي يشرف عليه وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير.
ورغم جسامة الانتهاكات بحق الفلسطينيين منذ وصول الحكومة اليمينية المتطرفة للسلطة في إسرائيل، نجد بن غفير يحرص على أن يقود بنفسه جماعات من اليهود المتطرفين ويقتحم باحات المسجد الأقصى بشكل دائم، في تحدٍ سافر ومتعمد لمشاعر المقدسيين والمسلمين.
السلوك الإرهابي والقتل الممنهج الذي تتبناه الحكومة الإسرائيلية، دفع الشباب الفلسطيني إلى بدء مرحلة جديدة من المقاومة العشوائية، باستهداف المستوطنين بكل الوسائل المتاحة، لإثبات أن شعلة المقاومة لن تنطفئ وبما يبعث برسالة إلى الاحتلال مفادها أن النهج العنصري الذي تتبناه الحكومة المتطرفة الحالية لن يجلب الأمن والسلام المنشود إلى إسرائيل؛ بل على العكس هو كرة لهب سترتد إلى حجر صاحبها.
أظن أن تجربة الثلاثة أشهر الماضية، ترسخ مفهوم «المعادلة الصفرية» في الصراع؛ إذ إنها كفيلة بإقناع الإسرائيليين بأن استمرار الحكومة اليمينية المتطرفة أصبح وبالًا عليهم، وأن سلامهم لن يتحقق سوى عبر حل عادل يمنح الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
تعليقات