Atwasat

1963... حصاد منذ ستين

سالم الكبتي الأربعاء 25 يناير 2023, 03:14 مساء
سالم الكبتي

(أهكذا السنون تذهب)... والحصاد يلوح وكأنه يتجدد.. كأنه يحدث.. كأنه يقع ثانية. أعوام تمر وتمضي، لكن الأحداث والوقائع والظروف تظل ماثلة، ولعلها تعيد أمرها بطريقة أخرى. أعوام تذهب إلى الخلف وأعوام تقدم من البعيد تلوح هي أيضا.

ماض وحاضر ومستقبل. وأعوام كلها تشكل في مجموعها تاريخا وسيرة للأمة والإنسان.. والحصاد يتبدى عبر الآفاق ضخما وكبيرا وعظيما مع تقادم الأعوام لكنه يختفي ثم يطل مرات ويختفي مرات عديدة. الحصاد ليس مجرد ذكريات تعبر الخاطر والفكر.

إنه جزء من التاريخ الذي يمضي، لكنه رغم كل شيء يبقى ولايزول. تبقى آثاره.. تبقى معالمه ولا تضيع.

تلك إذن هي الأعوام بحصادها المر والحلو الذي غدا في الخلف بعيدا.. بعيدا يتوارى، غير أنه في لحظة يظهر مثل نجمة الصبح.. ثم يختفي مع مشرق الشمس. ومنذ ستين عاما توارت خلف الشمس في البعيد.. واختفت في عالم الضباب أقبل العام 1963. يحمل علامات جديدة وصورا جديدة ومعالمَ جديدة.

نهض العالم ذلك الصباح في الأول من يناير وكان 1963 قد ودع سلفه 1962. ما زال العالم دائخا من نشوة ليلة رأس السنة. الاحتفالات والأضواء والنخب والقبلات والتهاني والأماني.. ودائما يدوخ العالم من الأماني والتطلعات التي لا يحققها.

يظل يحلم بها لكن لا يحصل عليها. دون أن يدري لماذا يحدث ذلك.. وكيف يقع. عالم دائخ على الدوام في أمانيه وأحلامه.. وتطلعاته وانكساراته وانتصاراته. عندنا في ليبيا لم نسهر كثيرا. بتنا مبكرا.

ثم استقيظنا على استمرار الشروع في تطبيق خطوات تعديلات الدستور الذي كان صدر في العام 1951. عدلت مجموعة من المواد. ألغيت المجالس التنفيذية. في الولايات تشكلت مجالس إدارية لتسيير الأمور. وظلت مسؤولة في أعمالها أمام الولاة. خطوات بدأت بالتدريج منذ موافقة البرلمان في ديسمبر الذي مضى على هذه الترتيبات.

ستدخل البلاد مرحلة مهمة وجديدة على طريق تطورها الدستوري، وهي ترتيبات انعقدت في الضوء ولم تكن في الظلام. لم تبتعد في الأساس عما أقره الدستور في الأصل من جواز التعديل والتنقيح والتطوير في مواده متى دعت الضرورة إلى ذلك. وكان هذا ما تم من إجراءات صحيحة وسليمة ودستورية في خطوات التعديلات دون خيانة أو تلاعب أو تزوير أو تدليس. المرجعية كانت هي الدستور والتعديلات جرت عليه، وفقا لما أقره في نصوصه في السابع من أكتوبر 1951.

تلك كانت رؤية الجمعية الوطنية التي أسست النظام والكيان. ورافقته إلى إعلان الاستقلال. تحتفل ليبيا كعادتها مع مطلع العام بعيد الشجرة. في كل مكان تزرع الغرسات ثم تنبت وتكبر.

ثمة محافظة على الاخضرار والبيئة. ومن بعد ستفقد ليبيا هذا الاهتمام، وهذا التشجير وتقارب مساحاتها وجبالها الخضراء على التصحر وتظل تبدو مجرد مكبات للنفايات والأوساخ. كان للشجرة عيد واحتفاء وكان هناك وعي لدى الدولة والمواطنين بأن تبقى الأبعاد أمام النظر خضراء وجميلة ومتناسقة....... ولكن. وفي فبراير ثاني شهور العام. يقبل رمضان ويتزامن مع ليالي الشتاء. ويقترب العيد بعد صيام.

وذات ليلة منه تهتز مدينة المرج فوق الجبل.. يضربها الزلزال بقوة قبل العيد بثلاث ليال. الضحايا والفقد والظلام يعم المدينة والبرد يغطيها. والحزن يعم البلاد. وتتبدل الفرحة بقرب العيد. تهرع الجموع إلى المرج للمساهمة في الإنقاذ وتخفيف الكارثة. الجيش والكشاف والمتطوعون ورجال الجيش البريطاني أيضا من الذين كانوا يشاركون في مناورة في تاكنس.

والدولة تسهم بإجراءاتها. رئيس الحكومة والوزراء يطوفون بالمدينة ويتابعون ما حل بها. ولي العهد يأتي أيضا ويزور المصابين في المستشفى. الكارثة وحدت الجميع. ولم تكن هناك فرحة بالعيد. الشعراء والفنانون يشاركون بقصائدهم وأغانيهم عن الزلزال. وهنا اشتهرت أهزوجة الشاعر الكبير عروق مازق الذي قال: (عد المرج منازل كانن.. كي يدانن.. نيرانه م البعد يبانن) والكثير من المشاركات. المساعدات تأتي أيضا من كل مكان. لجان تتشكل لجمع التبرعات.

والدول تساعدنا كذلك في تخفيف مصابنا الفاجع. الدولة تضع الحلول لمواصلة العام الدراسي. مدارس موقتة في الشليوني حيث انتقلت المدينة للإقامة هناك عند حافة الجبل.

بعض الطلبة واصلوا بتنسيق من الحكومة في مدارس درنة والأبيار وغيرهما. كثير من الأسر انتقلت للإقامة في بنغازي والبيضاء. والأيام تمضي. في سهرة كبرى بالإذاعة في بنغازي قبل الزلزال. حفل يقام. أغان جديدة لشادي الجبل ثلاث في عددها مرة واحدة.. رميت النظر. جيتي موح عني يا مرادي.. نريد نرسلك يا روح.

أغان تستلهم التراث الجميل. يحضر الحفل رئيس الحكومة محمد عثمان الصيد وعدد من المسؤولين. يكرم الرئيس شادي الجبل بمكافأة مجزية. ينقل الحفل عبر الأثير ويغطيه كبير المذيعين فرج الشريف وتسمعه ليبيا كلها. يخفت الحديث عن التعديلات الدستورية. انشغلت الحكومة بتداعيات الزلزال وآثاره. ثم في مارس قدمت استقالتها. كلف د. محيي الدين فكيني بتشكيل الحكومة السادسة في عهد الاستقلال. كان مندوبا للبلاد في هيئة الأمم المتحدة.

اختاره الملك واستدعاه لإجراء التشكيل الذي تم في أواخر الشهر. بعض الشخصيات تتولى الوزارات لأول مرة. تستحدث وزارة جديدة في الحكومة هي وزارة الدولة للشؤون البرلمانية والمؤتمرات يتولاها السيد علي الحسومي. وأغلب الوجوه الوزارية من الجيل الثاني للاستقلال.. أحمد فؤاد شنيب وسيف النصر عبدالجليل ومحمد ياسين المبري والمهدي بوزو وحامد بوسريويل وعبداللطيف الشويرف وأحمد البشتي... وغيرهم.

تشرع الحكومة في أعمالها أواخر مارس وتواصل مهمتها الأولى باستكمال إجراءات إلغاء النظام الفدرالي وإعلان الوحدة الإدارية الشاملة. الجمعة السادس والعشرين من أبريل أعلن الملك قيام الوحدة بعد موافقة المجالس التشريعية ومجلس الأمة.

ألغيت الولايات الثلاث وصار النظام في الدولة يشمل عشر محافظات. تواصل الحكومة نشاطاتها. تتحرك بين طرابلس ومقرها في البيضاء. تعلن عن البدء في بناء مدينة المرج الجديدة على بعد ثلاث كيلو مترات من أختها السابقة التي أصابها الزلزال.

تعلن أيضا عن الشروع الخطة الخمسية للتنمية. تعقد عدة جلسات مع البرلمان.

نقاشات وحوارات مستمرة. في مايو تشارك ليبيا في مؤتمر الوحدة الأفريقية في أديس أبابا بوفد ترأسه ولي العهد، وصارت بذلك من مؤسسي منظمة الوحدة الأفريقية في الخامس والعشرين من مايو. تاريخ لليبيا في هذه المشاركة والتأسيس أغفل وأهمل رغم وجود صورة للملك إدريس منذ ذلك اليوم مع زعماء أفريقيا الذين شكلوا تلك المنظمة.

الصورة في القاعة والمقر الذي شهد الانطلاق. بعد ذلك جاء الاتحاد الأفريقي.. وتوابعه وأساطيره. أهملت المشاركات الليبية في هذا السياق بدءا من كتلة الدار البيضاء في يناير 1961 وقمة منروفيا بعدها وغيرها من مشاركات لم يستدركها الجيل التالي في تصحيحات التاريخ اللازمة والضرورية. في الصيف. يزور الملك إدريس اليونان لمدة أسبوعين للاستشفاء ويعود. تختلط هذه الزيارة وصورها مع زيارته الأخيرة لليونان العام 1969.

التباسات في ذلك كثيرة. ينعقد مؤتمر المعلمين العرب في الجزائر. يمثل ليبيا فيه المعلمان.. أبوبكر الهوني وعمر دبوب. يقام المخيم الكشفي الوطني الأول في غابة جودايم بحضور أعداد كبيرة من كشافي المحافظات العشر. يقوده البخاري سالم. أول مخيم بعد الوحدة التي تظل الحركة الكشفية الليبية من معالمها منذ انطلاقتها العام 1954. عبر هذا المخيم تقوم الحكومة بتمليك غابة جودايم رسميا لكشاف ليبيا. يعلن ذلك عبداللطيف الشويرف وزير الأنباء والإرشاد الذي افتتح المخيم نيابة عن الحكومة.

وبعد المخيم تنطلق أكبر بعثة كشفية لزيارة الجزائر بعد استقلالها بقيادة منصور محمد الكيخيا، وأخرى إلى تونس لتهنئة كشافتها بعيدها الثلاثين بقيادة علي جويدة الشاعري. وكشاف ليبيا هذا العام يؤسس مكتبا للتراث الشعبي للحفاظ على هذا التراث وتأصيله ضمن نشاطات الحركة.

في مارس الذي مضى كانت الحركة قد فقدت أحد روادها ومؤسسيها في فزان أبوالقاسم بوخريص مع عريف عرفاء فرقته عبدالسلام الغضوي نتيجة لحادث سيارة بعد حضورهما اجتماعا للفرقة في مقرها بسبها ذات مساء من الشهر. وفي المخيم الوطني تطلق اسماهما على المخيمات الفرعية للمخيم الوطني إضافة إلى أحد أشبال كشاف المرج.. الجنجان الذي كان من ضحايا زلزال المدينة.

وثمة زيارة لأول مرة أيضا يقوم بها فريق رياضي عربي للجزائر ويؤدي مباريات هناك وهو نادي الهلال في بنغازي. مباريات في العاصمة وعنابة وقسنطينة. كما يزور رئيس الحكومة دكتور محي الدين فكيني الجزائر أيضا مع وفد كبير. استقبالات واهتمام بليبيا ودورها في المساندة أيام الكفاح وتصحب الوفد الحكومي فرقة الإذاعة الليبية وتحيي حفلات وسهرات في أغلب المدن الجزائرية.

زيارات تنوعت بين الحكومة والكشافة والرياضة والفن فرحة بالجزائر واعتزازا بنضالها ضد الاحتلال والاستيطان. وفي الصيف أيضا تسلم فرنسا للحكومة الليبية المهبطين الجويين في غدامس وغات فيما يستلم السلاح الجوي الملكي جزءا من قاعدة الملاحة بإدارة الرائد الهادي الحسومي. وتشهد بنغازي آخر احتفالات رسمية تقام فيها بمناسبة الأعياد الوطنية.

كان ذلك في عيد الجيش في 9 أغسطس الذي شهد أول عروض للسلاحين الجوي والبحري. الشاعر جعفر الحبوني ينظم قصيدته الشهيرة وين ثروة البترول ياسمسارة وتنشرها جريدة العمل في بنغازي. وجريدة طرابلس الغرب الحكومية تنشر مقالين مشهورين أيضا الأول عنوانه الشجرة والثاني عنوانه أمي دون ذكر كاتبه الذي قيل لاحقا أنه محمود الهتكي.

المقالان يرمزان إلى الملك وعائلته وليبيا ورؤوساء حكوماتها. ولم يحدث بشأن ذلك أي تحقيقات أو عقوبات أو مساءلات. شهدت بذلك الصحافة براحا من حرية الرأي التي كفلها الدستور وشرعت في إعطاء ومنح رخص لصحف خاصة ستصدر في العام الذي يقبل 1964 وهي صحف الحقيقة والبلاغ والشعب والأيام. حاولت الحكومة أن تفتح حوارات وعلاقات مع أصحاب الرأي الآخر وأسهمت في تخفيف الكثير من العقوبات عن تنظيم حزب البعث الليبي وخرج الكثيرون من السجن ومارسوا حياتهم الطبيعية.

في البيضاء عقد المؤتمر الوطني الأول للتعليم. في مقر البرلمان ناقش رجال التربية في ليبيا ما يتعلق بالتعليم وتطويره والاهتمام بالطلبة والمنشآت التعليمية. بحوث ومناقشات دامت أياما.. لكن المؤتمر لم يتكرر بعد ذلك! وفي الصيف أيضا يغرق في البحر بطرابلس الكاتب والصحفي عبدالسلام دنف المسلاتي. شعلة توهجت ثم انطفأت.

وكذا رحل العقيد الطيار في الجيش التركي عمران نجم. الليبي الأصل الذي تلقى علومه العسكرية في تركيا وعين قائدا للحرس الأميري في برقة العام 1950. ثم يرحل بعدهما المؤرخ محمد فؤاد شكري في القاهرة، وهو من أصل سوري. كان سكرتيرا لبشير السعداوي وحضر جانبا من تفاصيل المسألة الليبية في جلسات الأمم المتحدة العام 1949. وصاحب الكتابين.. «السنوسية دين ودولة» و«ميلاد دولة ليبيا الحديثة».

وزارة الأنباء والإرشاد تفتتح أول مركز ثقافي ليبي في مدينة بنغازي في مبنى هدم منذ زمن وبني مكانه مصرف ليبيا المركزي في شارع الاستقلال. وأصدرت أول عدد من مجلة ليبيا الحديثة برئاسة الكاتب رجب لملوم. والشاعر راشد الزبير السنوسي، يصدر أول دواوينه «قيثارة الخلود» ثم الشاعر حسن صالح يصدر أيضا ديوانه الأول بعد الحرب وتنشره له دار النشر الليبية بتقديم الناقد مفتاح السيد الشريف. الزعيم الأفريقي أحمد سردونه سكتو رئيس وزراء نيجيريا يزور ليبيا في الخريف. يقلده الملك أرفع الأوسمة.

تمنحه الجامعة الإسلامية في البيضاء شهادة العالمية ثم تمنحه كلية الآداب في الجامعة الليبية شهادة الدكتوراه الفخرية في الفلسفة فيما المؤرخ البريطاني الشهير أرنولد توينبي يصل من لندن ويلقي محاضرات مهمة في مدرج رفيق. يرافقه في جولاته في الجبل الأخضر ومدينة شحات الأثرية الأستاذ عبد الحميد الطيار مسجل كلية الآداب.

يتناول في كتابه «الوحدة العربية آتية» الذي صدر لاحقا بعض أطياف وجوانب زيارته ذلك الشتاء لبنغازي. خاصة الفصل المتعلق بالجامعات الأفريقية ومستقبلها. في أكتوبر يلتحق من قبلوا بالكلية العسكرية الملكية في بوعطني ببنغازي للدراسة ويشكلون قوام الدفعة السابعة. يشكل بعضهم نواة تنظيم الضباط الوحدويين الأحرار بإشراف الطالب معمر القذافي.

ستتخرج هذه الدفعة العام 1965 وتصل إلى حلمها في سبتمبر 1969 بتغيير الأوضاع في ليبيا. ونهاية العام في ديسمبر تحتفل البلاد بالعام الثاني عشر للحصول على الاستقلال والملك خلاله يوجه منشورا ثانيا وصريحا عن تفشي الفساد في الدولة ويحذر منه وينصح المسؤولين بمعالجته والقضاء عليه.

في دنيا العروبة القريبة والبعيدة منا.. بغداد تنهض يوم الرابع عشر من رمضان الموافق للسابع من فبراير على قصف الطائرات والمدافع التي تدك وزارة الدفاع على ضفة شط دجلة.. مقر عبدالكريم قاسم. تسقط نظامه وتحاكمه وتعدمه مع بعض معاونيه.

ينقل ذلك على الأثير مباشرة من استوديو الإذاعة ويثير الأمر تقززا واشمئزازا واستنكارا من الكثيرين بمن فيهم زعماء المنطقة.

ثم في أبريل تلتقي سوريا والعراق ومصر في إعلان ثلاثي للوحدة بينها في القاهرة، ولم يتم بشكل نهائي كالعادة في التجارب الوحدوية العربية. كلام في الهواء. عبدالناصر يزور الجزائر في مايو.

ينال ترحيبا واسعا باعتباره أول زعيم عربي يصل إليها بعد إعلان الاستقلال وتترافق زيارته مع اغتيال محمد خميستي، وزير خارجية الجزائر، عند عتبة البرلمان ويحضر جنازته.

وفي الكواليس يلتقي مع بن بلة وشخصية ليبية تقيم في الخارج. تتسرب الأنباء بأن أحاديث دارت تتعلق بالشأن الليبي والحدود مع الجزائر ومصر. وفي أكتوبر قرب حلول موسم المطر حرب الحدود تنفجر بين الجزائر والمغرب.

تدوم أيام وتنتهي عبر مؤتمر عقد في باماكو رعاه الرئيس موديبو كيتا حسم قضيتها.. إلى حين. وفرنسا تجلو عن قاعدتها البحرية في بنزرت، وتحتفل تونس بحضور عربي كبير بهذا الجلاء.

وفيروز تتوهج في مغناتها الليل والقنديل. أغان وألحان ودبكات جميلة. وعبدالوهاب البياتي يصدر ديوانه السابع.. «النار والكلمات». ومسرحية شعرية لم يتبعها بأخريات هي «محاكمة في نيسا بور».

وفي أكتوبر يرحل المطرب العظيم ناظم الغزالي.. «فوق النا خل» و«طالعة من بيت أبوها» و «أي شيء أهديك في العيد». يخاطب سمراء قوم عيسى وغيرها التي تظل في الوجدان ولا ترحل.

وعبدالناصر أيضا في عيد النصر في بورسعيد في الثالث والعشرين من ديسمبر يدعو إلى عقد قمة عربية يحضرها الملوك والرؤساء لمواجهة مشروع إسرائيل في تحويل مجرى نهر الأردن.

والعالم نشاطاته تتمدد ولا تنكمش. كيندي وخرتشوف يوقعان اتفاقية حظر التجارب النووية. في نوفمبر يُغتال كيندي في دالاس ويخلفه ليندون جونسون في رئاسة أمريكا. وبعد عام الروس سينحون خرتشوف من مناصبه كلها ليكمل أيامه في أوكرانيا مثل أي فلاح عجوز.

وكينيا في قلب أفريقيا تستقل عن بريطانيا. ينتصر الماو ماو هناك ويصير زعيمهم الشهير جومو كينياتا رئيسا للبلاد.

ويرحل الشاعر التركي الكبير ناظم حكمت.. وكلماته مثل كل الشموس لا تغيب. ثم الحصاد لا يغيب معظم الوقت. يتوهج. يختفي. يلوح من بين الركام والغيوم والأطياف. أهكذا الأعوام والأيام تمضي أيها الحصاد المرير!؟ أهكذا السنون والأعوام تمضي في البعيد؟!.