Atwasat

جدلية في ملاءمة الحكم الملكي.. وضوء أمل ضئيل

عبد الكافي المغربي الخميس 19 يناير 2023, 07:20 مساء
عبد الكافي المغربي

تطرقنا في مقالات سابقة على نحو لا يخلو من عنفوان، إلى مساندة تصور يذهب إلى أنه إذا كان ثمة أمل في التقدم، ونحن الآن ننصرف عن عنفوان الصيف بالتحفظ بثمة، فإن استعادة الملكية إذا كانت ممكنة ستكون أوسع طريق ينبسط في اتجاه أمل ضعيف.

لا بد أن ترغب كلمة جدلية القارئ عن متابعة القراءة، فهي عريضة توحي بإرضاء نزوة للإطالة. والواقع أننا نسعى إلى الإعراب عن خاطرنا في اقتضاب قد يثير عدم ارتياح في النظرة الثانية.

لا شك أن الممالك في العالم الشرقي بشكل عام نجحت، لأسباب يستنبطها رواد الجرائد. عوضا عن استعراض الأسباب، لنستعرض آفاق الوعد المحتملة للمملكة على الصعيد العام، والمستوى الشخصي للكاتب.

المملكة ستصادف جبلا هائلا من المشاكل، أهمها انهيار التعليم، وعدم كفاءة القوة العاملة المتضخمة. ولكنها تَعِد من ناحية أخرى بالسعي إلى إقامة نظام ضريبي على أسس متينة يضخ مزيدا من الأموال للخزينة، ويمكن أن تفيد من ارتفاع أسعار الطاقة وترشيد الصرف لإصلاح أزمة التعليم الأخطر. يمكن للملكية، بعد تجربة كل الحلول القائمة على مونتاج المادة نفسها على نحو ميئس، إعادة الثقة للبرجوازية المحلية والمهاجرة لضخ الأموال في السوق الحرة وتوفير فرص عمل، ما يمكن أن ينعش بدوره نقابة عمال خطيرة الشأن تكافح لتحسين أحوال الشغل. هذه تظل احتمالات النجاح في أبعد مدى له، لكن هل نجحت تصورات حل بديل في استحضار الاحتمالات أصلا؟

يخطر لي فيما أسير في طريق شاق، يبلغه ضوء أمل ضئيل من الجامعة الأميركية بالقاهرة، حافل بالخيبات فيما عدا ذلك، لمَ قيدت الأقدار للدكتور طه حسين كل ما منعته عن أستاذه المعري، الذي حضر لخياله كمثال خسران وخيبة حل التشاؤم بظله على حياة حسين في شبابه الأول. ثم استحضرت من الجزء الثاني من الأيام استهتار طه حسين الطالب بالأمير أحمد فؤاد رئيس الجامعة آنذاك حين أخذ بيده ونصحه بتعلم طريقة برايل.

كانت لدى الشاب حساسية من وضعه ككفيف، عالجتها سوزان في وقت لاحق، وكان يرفض أن يحسب في عداد المكفوفين بتعلم خطهم. بفظاظة سحب يده من الأمير، وقد كان يجهل موقعه أو هويته. المعري عاش منبوذا في شمال سورية، في عصر تفكك السلطة المركزية للخلافتين الفاطمية والعباسية، وانصرف أمراء الحرب إلى دفع أعطيات الجند وتجهيز الجيوش عن العطف على أديب وفيلسوف عصر مظلم.

بضاعة المعري كانت كاسدة، واستند رزقه الضئيل على تصدق قلة جريئة. عصرنا خليق بموهبة سوداوية، بإلهام مشوار كئيب كمشوار المعري وكافكا، عوضا عن تطلع طه حسين، ونجيب محفوظ الذي اختار في أشد رواياته كآبة، أفراح القبة، مقاومة الدعوة المغرية للانتحار!