Atwasat

الدبيبة يتفرغ للمكفوفين

عبد الكافي المغربي الخميس 22 ديسمبر 2022, 06:18 مساء
عبد الكافي المغربي

يصمت الكاتب المنصرف إلى انكباب مسرف على مد آفاقه، ويرسم حول مساحته الشخصية الضيقة دائرة لا يدخلها إلا الفن والصداقة، حتى يسترعيه- رغما عنه- الجنون الدائر حوله، فيطل بتعليق، يتكبد خسارة بوضع مقال.

أرى أن أكثر من تولى أمر ليبيا حماسة هو السيد عبدالحميد الدبيبة، بسيل مشاريعه التي لا تنتهي، والتي تنتهي فور ما تبدأ، كما لا نجد أقل منه رغبة في تجاوز هذه الأزمة، أو أقل منه بطبيعة الحال طموحا لفرض سلطانه على خصومه من أمراء الطوائف.

ما يشجعنا على صياغة هذا التقييم المقتضب؟ النسخة الأخيرة من مشروعه: «2000 جهاز برايل للمكفوفين».

بعد أيام قليلة من إعلانه الجدلي عن إيفاد أوائل الثانويات والجامعات، وهم «آلاف» مستحقة لفرص إيفاد في ضوء انهيار التعليم وتضخم العلامات، يتفرغ الرجل أخيرا للمكفوفين، أتعس شريحة في المجتمعات العربية التي تُمارس أقسى أنواع التمييز في حقهم.

ونحن ندرك تماما أن هذه الخطوة تمثل فرصة أخرى لممارسة الفساد، على حساب الشعب الليبي الذي يعايش الواقع المر للشعب العراقي كما سبق لنا التكهن. يجدر بي هنا التلميح إلى أن ثمة وسيطا مفتقرا إلى الشفافية، هو السيد عمر عبدالعزيز عضو حزب الوطن برئاسة عبدالحكيم بلحاج، كان قد ظهر في وسائل إعلام موالية للإسلام السياسي الأقصى، يسوق لمنتجات برايل لا وجود لها على شبكة الإنترنت، بمعنى أنه ليس ثمة وجود لشركة معروفة تقدم الدعم الفني والصيانة للأجهزة، كما أنه لم يسبق تجربتها. ومنذ شهور قليلة بدأ الوسيط حملاته الإعلانية، التي أتت في صورة لقاءات ترضي نرجسيته، وكان واضحا سعيه لحمل الحكومة الفاسدة على شراء هذه المعدات غير المعروفة.

عمر عبدالعزيز تاجر، لا يلام. ولكن يحسن بنا أن نضيف أن المشروع الذي افتتحه عبدالهادي موسى، لعلنا نُسعف بقراءته لهذا المقال، أعني منتدى المكفوفين بفيلا سليمان المالطي المستردة بالفويهات، كان عبدالعزيز إذ ذاك قد ألح على السلطات أن تدشنها، قد ضم مجموعة كبيرة من الأجهزة والمعدات الألمانية الصنع والممولة من حكومة أبدت حسن نية غير معتادة، ثم اختفت، ويقال بيعت مجددا في قطر، بحكم أن العام 2011 أعقب افتتاح المنتدى والأجهزة كانت بحالة المصنع تقريبا.

إني أطالب عمر عبدالعزيز بتوزيع هذه الأجهزة الألمانية أولا، قبل توريط الميزانية في صفقة فساد عاشرة. بطبيعة الحال أنا لا أحتاج إليها، فلدي عوضا عن الواحد أربعة، والفضل لسفارة الولايات المتحدة والجامعة الأميركية بالقاهرة، وعطاء والدي الجزيل. ولست أحذر من موقع نخبوي، إنما من خبرة تقنية اعتراها الصدأ تعرف جيدا ما يصلح للاستعمال المستدام، ومن منطلق معايشة مفكرة لهموم الوطن والمواطنين. إني أخشى أن تكون حملة الألفي جهاز زاخرة بثغرات الشر الإبليسية، كما في حالة برنامج الإيفاد المشبوه الذي أطلقه الدبيبة، والذي لا تقيده شروط أو قيود استحقاق.