Atwasat

القضاء الداعشي

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 25 سبتمبر 2022, 12:23 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

حق المعتقد مبدأ أقره، ويقره، الضمير الإنساني الحي السليم. فهو حق أصيل، سلب هذا الحق من أي إنسان يسلبه إنسانيته حتما. إذ ليس من حق أي شخص، أو جهة أن تحدد، لأي شخص ما الذي يتوجب عليه الإيمان به وما الذي يجب نبذه، وتجبره على الامتثال والإذعان لذلك، وإلا فمصيره القتل.

إن سلب هذا الحق جريمة كاملة الأركان، وهي جريمة ضد الإنسانية بامتياز. هذه الجريمة تؤدي بالبعض إلى ما يعرف بـ "النفاق"، الذي هو صفة مضمومة، وانتهاج مبدأ "التقية".

وهنا لا يعود النفاق صفة مذمومة أخلاقيا، وإنما يصبح دفاعا مشروعا عن النفس لتجنب الأذى. ما يصبح مذموما هنا هو سلطات المجتمع الذي يمنع حق المعتقد دافعا، بهذا، البعض إلى أن يصبحوا "منافقين" يرددون، مثل البغاوات، كلاما لا يؤمنون به ويؤدون طقوسا لا يرون أنهم ملزمون بتأديتها.

إن مصادرة حق المعتقد، علاوة على جرميتها، هي فعل عبثي. إذ ماذا يستفيد أي معتقد ديني من إجبار أشخاص لم يعودوا يؤمنون به على إرغامهم بالتظاهر بالإيمان به. فالأسلم والأفيد لأي معتقد ديني الاكتفاء بأتباعه الخلص الذين يؤمنون به إيمانا صادقا، لأن هذا يمكن المعتقد الديني المعني من أن يستدام متماسكا وقويا وواثقا من صفائه وحيويته.

**
وإذن، فحكم محكمة استئناف مصراطة بدائرة الجنايات الأولى في الرابع من الشهر الجاري بإعدام الشاب ضياء الدين أحمد مفتاح بلاعو "لإصراره على الردة عن دين الإسلام". حكم يخالف هذا الحق الأصيل القار في الضمير الإنساني السليم.

هناك حديث، في مثل هذه الحالات، عن أن "المتهم" بالردة "يستتاب" فإذا أصر على موقفه "يقتل حدا". لكن، ما معنى "الاستتابة"؟!. معناها محاولة "إرغام" المعني على التوبة!. وطبيعة التوبة أن تكون طوعية صادرة عن وجدان صادق، وليست "إرغامية". إذ في هذه الحالة لا قيمة لها من الناحية الدينية.

إنني أهيب بعقلاء ومستنيري مدينة مصراتة وحكومة السيد باشاغا والمنظمات الحقوقية الليبية والعربية والدولية بالقيام بحملة ضغط جادة لإنقاذ حياة هذا الشاب الذي لم يفعل شيئا أكثر من أنه مارس حقا إنسانيا أصيلا، وإيقاف هذا العبث بوجدان الناس وعقولهم وحياتهم، الذي تجرمه القوانين الدولية الموقعة عليها ليبيا، وبمقتضى هذا التوقيع تصبح قانونا داخلا في حزمة القوانين المحلية.