Atwasat

ليبيا.. بين التحرش السياسي والعسكري

رمضان بن عامر الإثنين 29 أغسطس 2022, 11:37 صباحا
رمضان بن عامر

بعد فشل محاولات الإغواء والإغراء بين الطرفين المتخاصمين، وبعد صيف حار جاف مظلم، حان دخول موسم التحرشات و«المنابشات» السياسية وربما العسكرية، فرئيس وزراء البرلمان فتحي باشاغا بدأ «ينابش» رئيس وزراء العاصمة عبد الحميد الدبيبة لدخول طرابلس العاصمة في الأيام القريبة المقبلة حيث بدأ باشاغا تحرشاته السياسية بتصريح دبلوماسي طالب فيه السيد الدبيبة أن يسلم السلطة... وإلا....!

وأنه «لا يروق له الحرب وسيل الدماء، ولكنه على استعداد أن يخوضها» من أجل تحقيق شرعيته في حكم الوطن من العاصمة طرابلس.
ومن الجانب الآخر، صرح الدبيبة بأنه هو «صاحب الشرعية».

وبين شرعية هذا الطرف أو ذاك تقف الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وحتى مصر وتركيا موقف المتفرج على «صراع الديوك»!
هذا التحرش السياسي جاء بعد قرابة ستة أشهر من الإغواءات السياسية التي وصلت إلى إغرءات مالية وسلطات سيادية لرئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة لإقناعه بتسليم السلطة بعد رفض الأخير التنحي عن منصبه.

تطور الأمر أخيراً من مرحلة التحرش السياسي إلى مرحلة التحرش العسكري بعدما جهز باشاغا قواته لدخول العاصمة في الأيام المقبلة وتسلم السلطة بدعم من مليشيات مسلحة قد تكون داخل طرابلس أو في محيطها.

فما كان من الدبيبة الرافض لتسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة، فأعلن الدبيبة تجهيز مليشياته ودعمها بـ1.7 مليار دينار ليبي (340 مليون دولار) في ذكرى «صد» قوات الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر من دخول طرابلس في رسالة على أنه قادر على أن يصد الهجوم المقبل على العاصمة.

وهل ستقف تركيا موقف المتفرج؟
تركيا لن تسمح بخسارة مستقبلها في ليبيا فقد توقف الحرب بين الطرفين، وقد تقف مع المنتصر بشريطة حفظ غنائمها.
هذا «التنابش» من قبل الطرفين قاد إلى وفاة وجرح مئة شخص بين مدني وعسكري، وقد يقود إلى معركة دموية تفقد فيها الألوف بين قوات المليشيا المتواجدة داخل وفي محاور طرابلس.

بدأت الآن هذه المعارك فعليا داخل طرابلس، وقد تنتشر إلى مناطق أخرى مثل مدينة الزاوية، ومدينة مصراتة موطن الجانبين المتخاصمين.
تماما مثل معركة «صراع الديوك» فلكل جانب أنصاره وخصومه.

فمجلس البرلمان يشجع الطرف الأول بالدخول إلى طرابلس ومخاصمة الطرف الثاني على الحكم من العاصمة ليتحكم في مؤسسات سيادية متمثلة في المصرف المركزي (جيب ليبيا)، والمؤسسة الليبية للنفط (البقرة الحلوب).

وقوات مليشيات طرابلس تساند الطرف الثاني لحماية مكاسبها المادية في العاصمة.

فقد قرر الدبيبة بحجة حماية العاصمة الاحتفاء بذكرى «صد العدوان» على العاصمة للتذكير بمحاولة دخول الجيش الليبي إليها (2018-2020).

وبنظرة محايدة ومسافة واحدة من الطرفين المتخاصمين على «الشرعية» السياسية ومشروعية ما يتبناه هذا الطرف أو ذاك من سياسات على أرض الواقع فالطرفان يفكران بمنطلق الحقوق والغنائم، وليس الواجبات وما يستطيعان أن يقدماه للوطن المبتلى بهما وبغيرهما من ذوي الفكر الفوضوي مما تبقى من خردة الفكر الثوري المظلم.

عودة إلى الوراء توضح أن قرار البرلمان بتفويض (باشاغا) رئيسا للوزراء كان خاطئا مثل قرارهم بعدم المصادقة على رئيس حكومة الوفاق (فايز السراج) حيث إن القرارين كانا سببًا في تأخير قيام الدولة، فمجمل قرارات مجلس النواب الليبي بحساباتها المغلوطة كانت وراء حالة عدم الاستقرار في ليبيا.

هذه القرارات غير المدروسة أدت وما زالت تؤدي إلى سقوط الكثير من أرواح المواطنين الذين «لا لهم ناقة ولا جمل» في هذه الخصوم وهذه التحرشات السياسية منها والعسكرية.

ليبيا الوطن تناديكم لإنقاذها، وليس التعايش على أنقاضها.
ليبيا... تقرأ من جهتين وتحب من كل الجهات.