Atwasat

أهمية البحث في أعمال الإبادة الفاشية في ليبيا

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 07 نوفمبر 2021, 12:10 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

يدأب الدكتور علي عبد اللطيف حميدة في كتاباته على تناول التاريخ الليبي المعاصر، وعلى وجه الخصوص فترة الاستعمار الإيطالي لليبيا والشناعات التي ارتكبت في الفترة الفاشية.

فكتابه الأول " المجتمع والدولة والاستعمار في ليبيا (دراسة في الأصول الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لحركات وسياسات التواطؤ ومقاومة الاستعمار 1830-1932)" الصادر في طبعته الأولى سنة 1995 عن مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت، يركز في جانب كبير منه، مثلما هو واضح من العنوان، على كيف تعاطى الليبيون مع واقعة الاستعمار الإيطالي لليبيا مقاومة ومداورة وتواطؤا.

وكتابه الثاني "الأصوات المهمشة (الخضوع والعصيان في ليبيا أثناء الاستعمار وبعده)" الذي كان لي شرف ترجمته وصدر أيضا عن مركز دراسات الوحدة العربية سنة 2009 تغطي فصوله فترات من التاريخ الليبي الحديث (فصل عن دولة أولاد امحمد بمرزق 1550- 1813) وفصول عن ليبيا المعاصرة. منها فصل حول المعتقلات الجماعية لإيطاليا الفاشية في ليبيا التي جرت في الفترة بين 1929 – 1934).

مسألة المعتقلات، وهي من أعمال الإبادة الجماعية الكبرى في التاريخ، خصص لها الدكتور حميدة كتابا بعنوان "الإبادة في ليبيا: الشر، التاريخ المخفي للاستعمار Genocide in Libya: Shar, a hidden colonial history" وقد لفت هذا الكتاب اهتمام الباحثين المختصين بشؤون الاستعمار وأعمال الإبادة الجماعية، ولعل مدعى الاهتمام الأبرز أن الكتاب يكشف عن أعمال الإبادة التي قامت بها إيطاليا الفاشية في ليبيا التي ندر ما سُمع بها.

يشتغل هذا الكتاب على محورين: محور محلي يجمع فيه حميدة مخلفات هذه الجريمة من وثائق ورسائل، وحكايات من قيض لهم النجاة من هذه المحنة القاسية، والأدب الشفاهي الشعبي الذي يسجل هذه الوقائع من قبل أشخاص عايشوها، وأهم أثر توثيقي كامل في هذا الخصوص قصيدة رجب بوحويش المنفي التي مطلعها "ما بي مرض غير دار العقيلة".

بهذا الجهد تُرسم صورة حية تجسد وقائع المعاناة الناتجة عن أعمال الإبادة الوحشية هذه، التي هي أول عمل إبادي منظم بعد الحرب العالمية الأولى.

يتكامل مع هذا المحور محور آخر يتعلق بفتح منفذ في مجال البحث الأكاديمي المتعلق بأعمال الإبادة التي قام بها الاستعمار الأوربي ضد شعوب غير أوربية في مناطق مختلفة من العالم. ويكشف الدكتور حميدة عن التواصل بين النظام النازي في ألمانيا والإدارة الاستعمارية الفاشية في ليبيا حرص النظام النازي في هذا التواصل على الاستفادة من الخبرة الإيطالية في الإبادة التي استخدمها النازيون لاحقا في ما سمي "الهولوكست" المعروفة والتي تم التركيز عليها لأنها جرت في أوروبا وكان ضحاياها أوربيين.

فيشير الدكتور حميدة إلى أن قائدا نازيا مهما هو هرمان غورنغ زار ليبيا سنة 1939 وثمة فلم يسجل زيارته إلى طرابلس ليتعلم حول "النجاح الإيطالي" في استعمار ليبيا، بما في ذلك تنظيف الأرض من السكان الأصليين وإحلال آلاف الفلاحين الإيطاليين بدلهم. كما أن عدة وفود ألمانية نازية زارت ليبيا وروما للاطلاع على تجربة الإبادة هذه.