من المعلوم والمشهور أن غصن الزيتون يرمز للسلام أو حسن النية في الثقافة الغربية، وتلك مسألة مستمدة من عادات وتقاليد اليونان القديمة، والرابط الأصلي بين أغصان الزيتون والسلام له تبريرات عديدة، وبعض التفسيرات ترتكز على أن أشجار الزيتون تستغرق وقتا طويلا جدا لتؤتي ثمارها.. ولذا فإن زراعة الزيتون هو أمر مستحيل عادة في وقت الحرب.
وحدث مع الزمن تطور فى المسألة، فبعد أن كان الغصن منفردا فى دلالاته تطور الأمر وصار العالم يعرف ان (الحمامة التى تحمل غصن زيتون) هى رمز السلام. وأظن أن الكثير من الناس لا يعلمون سبب اختيار هذين الرمزين أو هذا الطائر وهذا الغصن بالذات للسلام .
المشهور والمتكرر فى الكثير من الروايات للتبرير وتفسير تلك العلاقة هو ما يقال من (أنه في عهد سيدنا نوح عليه السلام يقال أنه كان في السفينه هو ومن معه من المؤمنين ومن الحيوانات وكانت الأرض مملوءة بالمياه، فكان عليه السلام يرسل الحمامة لكي تستكشف إن كانت الأرض جفت أم لم تجف. وفي كل مرة ترجع الحمامة للسفينه وهي خالية "وهذا دليل على عدم هبوط مستوى الماء وعلى عدم جفافه" وفي إحدى المرات أرسل عليه السلام الحمامة وعندما عادت كانت تحمل معها غصن زيتون، ففرح النبي عليه السلام ومن معه وانتظروا بضعة أيام وأرسل الحمامة مرة أخرى، وعندما عادت كان الطين يغطي أقدامها، وهذا دليل على أنها نزلت على الأرض. أي أن الماء قد جف).
ومنذ ذلك الحين صارت الحمامة وغصن الزيتون رمزا وشعارا للسلام.. وهو أيضا، الشعار الذي تبنته الأمم المتحدة.
وقد قرأت أن هذه القصة ذكرت في التوراة (سفر التكوين، الإصحاح الثامن- آية 12).
ما لفت انتباهى هو ما علاقتنا نحن بغصن الزيتون أو الحمامة؟. ولنكن منصفين وبكل صراحة؛ فى مجتمعنا التقدير يذهب إلى فوائد زيت الزيتون والتأكيد على أن شجرته مباركة
"زيتونة لا شرقية ولا غربية…"
وأن الله أقسم بالتين والزيتون. لكن حكاية السلام هذه ليس لها وجود.
فى موروثنا الدينى أو الاجتماعى.. الموجود هو الإشارة إلى فائدة زيت الزيتون بالقول عن محاربته للكولسترول وتعزيز صحة القلب. فالدهون الأحادية غير المشبعة تقلل من مستوى الكولسترول السيء الذي يترسب في الشرايين، وبالتالى يخفض ضغط الدم ويمنع اضطرابات القلب. وفائدته للشعر والبشرة .
أما الحمامة فلا وجود لها إلا في بعض ما ورد فى مناهج الدراسة عن الحمام الزاجل.. أو الحمامة التى بنت عشها عند مدخل الغار الذى اختبأ فيه النبى محمد فى هجرته ..
وتجدر الإشارة إلى أنه فى فلسطين الأمر يختلف. فشجرة الزيتون أمرها يتعلق بثقافة الحياة.. حين استعان الشعراء (محمود درويش، مثلا) بشجرة الزيتون، عند التعبير عن المقاومة والصمود، وذلك لما تتمتع به الزيتونة من قدرة على التكيف مع المتغيرات والعيش طويلاً في ظروف قاسية.. ويقال أن فلسطين تمتلك أشجاراً من أقدم أشجار الزيتون في العالم، حيث تعيش شجرة الزيتون فترات طويلة جداً. ومعدل نموها بطيء.. وأصناف الزيتون كثيرة، وتقسم الأصناف، طبقاً للغرض من استخدامها، منه للمائدة، وآخر لاستخراج الزيت، ومزدوج الغرض.
وأريد الإشارة هنا إلى مثل شعبى ليبى يتعلق ب الجفت (الفيتورة باللهجة المحلية)، وهى عبارة عن بقايا الزيتون بعد عصره واستخراج الزيت منه، فيمكن استخدامه عقب تجفيفه، بدلاً من الفحم أو الحطب في المدفأة، ويرى البعض أنه أفضل من الفحم الأسود بكثير، لأنه مستخلص طبيعي.. والقول الشعبى المشهور هو:
(على عيون الزيت تتاكل الفيتورة)
أي قد تقبل أشياء ليس لذاتها، ولكن مجاملة لغيرها.
تعليقات