Atwasat

نحن نعرف وهم يعرفون!

حمدي الحسيني الثلاثاء 24 مارس 2020, 07:16 مساء
حمدي الحسيني

أربع كلمات، رددها، الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكثر من مرة، خلال مؤتمراته الصحفية المكثفة التي دأب عليها أثناء معالجة أزمة «كورونا».. هذه الكلمات، تحمل في طياتها الكثير من الألغاز بشأن الفيروس الذي حير العالم.

الحيرة تضاعفت حين وصف رئيس الولايات المتحدة الوباء بـ «الفيروس الصيني»، ثم كرر وزير خارجيته مايك بومبيو مطالبته السلطات الصينية بالكشف عن كل ما لديها من أسرار حول الفيروس اللعين.

تبادل الاتهامات لم يتوقف بين أكبر قوتين في العالم بشأن نشر فيروس غريب أصاب البشرية بالرعب والهلع، يحصد أرواح الآلاف بشكل مخيف، كما يحدث في إيطاليا وإيران وغيرهما من دول العالم، شرقاً وغرباً.

مع أن كورونا ظهر لأول مرة في مقاطعة ووهان الصينية، نهاية العام الماضي، وسط كثير من اللغط حول الأسباب الحقيقية لظهوره، حيث ساهمت الصين نفسها سواء - صدفة أو عمدا- في الترويج لبعضها، كان من أبرز هذه الأسباب غير العلمية أن الشعب الصيني اعتاد على تناول بعض الحشرات والأفاعي والخفافيش، وغيرها من المأكولات الأخرى الغريبة، ثم دخلت السلطات الصينية في معركة عزل ووهان وغيرها من المدن الأخرى التي ظهر فيها الوباء، وكان نجاحها لافتا في حصار كرونا والانتصار عليه بالحزم والانضباط.

في هذه الأثناء، كان العالم بما فيه الولايات المتحدة يعتقدون أنهم بمنأى عن أن يطولهم هذا الوباء، وجاء ظهور الفيرس وانتشاره في كل من إيران وإيطاليا صدمة للعالم، خاصة أن وتيرته بدأت أكثر شراسة في تلك المناطق التي ظهر فيها أول مرة!

بعيداً عن نظرية المؤامرة، فإن الصين ألمحت عبر مسؤول بخارجيتها إلى أن هناك احتمال انتقال «كورونا» إليها من بعض العسكريين الأميركيين الذين شاركوا في مسابقات عسكرية دولية استضافتها مدينة ووهان الصينية في وقت متزامن مع بداية ظهور الوباء!.

الإعلام الصيني اتهم نظيره الأميركي بالشماتة في الصين وقامت بطرد بعض مراسلي الصحف الأميركية، بسبب تقارير شككت في شفافية السلطات الصينية خلال معالجتها أزمة الفيروس!

بعد انتقال «كورونا» وظهوره في الولايات المتحدة، كان التحول الغريب في طريقة تعامل الرئيس ترامب مع الأزمة، فبعد إنكاره خطورة الوباء، بدأ تدريجياً في الاعتراف بحجم المأساة، ثم عاد هو ووزير خارجيته في التلميح بأن الصين لم تتعاون مع العالم، وأخفت المعلومات الأساسية للفيروس.

ووسط الفوضي والرعب الذي يجتاح الولايات المتحدة والعالم، ظهر الرئيس الصيني في زيارة مثيرة إلى مدينة ووهان مركز ظهور الوباء، محتفلا مع الأطقم الطبية بخلع الكمامات، وإغلاق مستشفيات علاج الوباء، بل المدهش أكثر هو إعلان الصين خالية من كورونا، واستعدادها لنقل خبراتها لمواجهته إلى باقي دول العالم.

هنا انقلبت الموازين، فبعد أن كان السفر من وإلى الصين يشكل تحدياً وخطراً لأي شخص، حدث العكس حيث فرضت الصين قيوداً على استقبال القادمين من الدول الموبوءة!

من غير المنطقي أن نصدق ما تروجه بعض الأصوات بأن الصين هي مصدر هذا الوباء الفتاك مهما كان حجم المنافع الاقتصادية والدوافع السياسية!.

لكن كان لافتا، أن يضرب الفيروس بقوة دولا وأماكن بعينها من العالم، في حين هناك من لا يزال في مأمن من خطره المحدق، ففي الوقت الذي مكث فيه الملايين داخل بيوتهم، امتثالا لحظر تجول إجباري خضعت له أغلب شعوب العالم، تجمع حوالي 50 ألف ياباني احتفالا بإيقاد شعلة أولمبياد في تحد سافر للفيروس المخيف؟

إن عاجلا أو آجلا، سيجد العلم حلولا وعلاجا فعّالا للقضاء على فيروس «كورونا»، كما وجد في السابق حلولا وأدوية لأمراض ومشاكل أكثر خطورة منه، لكن يجب أن نتوقف كثيراً أمام خلو بلد المليار ونصف المليار إنسان فجأة من فيروس بهذه الشراسة، ظهر عندهم أولا، كما أن نجاحهم السريع في التخلص من خطره بهذه السلاسة يثير الكثير من علامات الإعجاب والاستفهام أيضا، في وقت يحصد فيه أرواح آلاف من مواطني دول أكثر تقدما صحيا واقتصاديا من الصين!.

هل تمر مرور الكرام تسمية رئيس أكبر دولة في العالم الوباء الخطير بأنه فيروس صيني، وماذا قصد بعبارته المثيرة (نحن نعرف وهم يعرفون)؟!