Atwasat

وصايةٌ غيرُ نزيهة

نور الدين السيد الثلثي الخميس 03 مايو 2018, 10:39 صباحا
نور الدين السيد الثلثي

قد نحتار في فهم ما يدور في المسألة الليبية. ربما ندرك قدراً وافياً من دوافع وحروب الليبيين في ’تفاعلاتهم‘ بين بعضهم البعض. منهم الوطنيون، ومنهم الانتهازيون والمتطرّفون، لكلٍّ غايته وطريقه، ولكن المفاتيح الحاسمة تُركت بيد القوى الدولية.
مِن زوايا النظر ما يحجب الرؤية، ومنها ما يولّد الأوهام. كذلك هي زاوية النظر إلى أهداف القوى الدولية المديرة للمسألة الليبية. تكمن وراء التصريحات والبيانات والمواقف المعلَنة أهدافٌ حقيقيةٌ ستكون على مسافةٍ ما من تلك المعلَن عنها. نسمع أن الأهداف المعلَنة للقوى الدولية في ليبيا تتمحور حول بسط الأمن والاستقرار وبناء الدولة، ومعها مصالح تلك القوى بطبيعة الحال.

لتحقيق الشِّقّ الأول من تلك الأهداف هناك أولويّةٌ ملحّةٌ لسحب السلاح وحلِّ المليشيات وفرض الأمن، ومِن ثَمّ إقرار دستورٍ وإجراءُ انتخابات. وليس فيما نرى ما يحمل على الاعتقاد بأنّ في ذلك هدفاً حقيقياً مطلَقاً في أي وقت كان، وليس الأمر كذلك حُكماً إذا ما نظرنا إلى إملاءات التقاسم و’التوافق‘، وفرضِ تياراتٍ وأشخاصٍ وإن لم يكن لهم وزنٌ وطنيٌّ يُذكر، وتمكينِ المليشيات من الأرض والمال والقرار (وليس التهاون في مواجهة معضلتها وحسب). المسار الذي فرضته القوى الدولية يقضي بأن ’الحلّ في ليبيا سياسيٌّ‘ يمرّ عبر اتفاق الصخيرات حصراً، وأن تكون السلطة التنفيذية بيد المجلس الرئاسي المعيّن منها؛ وفق ترتيباتِ الصخيرات الأمنية والمالية، وبتجاوزٍ لسلطةٍ تشريعية هي ذاتها متشظية عاجزة؛ ومع غضّ النظر عن خرق أحكام الصخيرات هنا أو هناك حسب الحاجة.

الدول تُسمِّي مسؤولين وتضمّ أطرافاً للعملية السياسية؛ معيارُها في ذلك القبول باتفاق الصخيرات والانضواء تحت سلطة المجلس الرئاسي؛ أدواتُها ذاتُ المجلس والمليشيات والمؤسسات المالية والاقتصادية الوطنية الكبرى وتجار. هي دولُ وصايةٍ تدير شؤون البلاد؛ أصحاب الرأي غير المتفق مع إرادتها معرقلون نصيبُهم الإقصاء أو الاحتواء. وقد أدرك أفرادٌ وجماعات هذا الواقع وقبلوا به في مسعىً نفعيٍّ بحت، غرضهم التواجد في مشهد الأمر المفروض والحصول على حصةٍ على مائدة الغنائم.

لقد فشل الاتفاق السياسي والمجلس الرئاسي في التقدّمٍ لتحقيق الأهداف المتعلقة ببسط الأمن وبناء الدولة. القوى الدولية لا تدّعي لهذا المسار نجاحاً، وترفض في الوقت نفسه التحوّل عنه، ما يفرض الرّيبة في صحة أهدافها.

ليس مقبولاً أن يستمرّ التهاون في إنقاذ الوطن لقاء مصالح حزبية ومغانم شخصية تحت مظلة المخططات الدولية أو غيرها. الأسوأ ممكن، دمار سوريا شاخصٌ أمامنا على يد ذات القوى الدولية وأموال النفط والغاز.

لمُّ شتات الوطن وبناءُ الدولة رهنٌ بالفعل الوطني الخالص.