Atwasat

تعالوا نتحاور: حول الأحزاب السياسية

أم العز الفارسي الثلاثاء 24 أبريل 2018, 12:37 مساء
أم العز الفارسي

في الأسبوع الماضي، تابعنا باهتمام اجتماعات تمت برعاية مؤسسة فنلندية، بين عدد من الأحزاب السياسية الليبية، وأسفر اللقاء عن توقيع ميثاق شرف يؤكد علي ضرورة احترام نتائج العملية الانتخابية، وتحييد المؤسسة العسكرية، وضمانات إرساء دعائم الدولة المدنية والتداول السلمي للسلطة. أقر بالأخبار التي تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام، وتنصل منها البعض الآخر. المهم في هذا الموضوع هو القبول بفكرة القبول بالآخر واستساغة مبدأ الحوارات السياسية بين الأطراف المعنية بالأزمة الليبية.
لم أطلع على وثيقة موقعة ولكن لدي ما يشبه اليقين أن اللقاء تم في تونس وأن البيان كان متوافقا عليه من حيث المبدأ.

ما أثار اهتمامي هو تجاهل البيان في مجمله، والأحزاب في أنشطتها التي يجب أن تسبق أي حوار، لأساسيات مهمة في العمل الحزبي، الذي بقدر ما يكتسبه من أهمية بالغة في تعزيز الديمقراطية، إلا إنه يحتاج إلى ركائز أولية قبل البدء في الاستعداد للعملية الانتخابية والتي يعمل عليها البعض ويعد العدة لها، ومن أهم هذه الركائز هو العمل الفعلي للأحزاب مع قواعدها من الناخبين في الداخل، والإعلان عن برامجها ورؤيتها للمستقبل وكيف تعمل عليه وتحيله إلى أهداف قصيرة وبعيدة قابلة للتحقق لإرضاء الناخبين، والتواصل معهم والنزول لهم، والتعبير عن تطلعاتهم للمستقبل، فهل عملت الأحزاب التي تحول أغلبها إلى حقائب مهاجرة، وواجهات سياسية لشخصيات جدلية لها مريدون وعوالة، هل عملت على ذلك؟.

لكي نثير هذه القضية علينا أن ننبه القائمين على هذه الأحزاب أن عليهم أن يبذلوا جهودا مضاعفة لتكون وثيقة شرفهم قائمة على مبدأ الشرف ذاته، الذي يحتمه العمل على أولويات جهودهم الواجبة والتي من أهمها:
أولا/ العمل بكل الوسائل على نشر الوعي بالقضايا ذات الأولوية في اهتمامات الحزب وفقا لرؤيته، عبر متابعة دقيقة للأحداث السياسية، المؤثرة في الحالة الليبية والتركيز عليها وإثارة الحوارات والجدال حولها، لمعرفة توجهات الرأي العام تجاه تلك القضايا المؤثرة في تأزم المشهد السياسي، وصولا إلى توافق مجتمعي ينهي حالة الانقسام ويؤدي إلي السلام.
ثانيا/ حث القاعدة على الانخراط في أنشطة الأحزاب، حيث تتولى الأحزاب هنا القيام بحملات توعية وورش ودورات تدريبية للتأطير السياسي، والدعم المجتمعي للراغبين في المشاركة في العملية الانتخابية، في مختلف مستوياتها، وتأهيلهم فعليا لتحمل أعباء المرحلة لتمثيل الأحزاب وبرامجها وليس لتمثيل أشخاصهم.
ثالثا/ ترسيم برنامج العمل المستقبلي يحتوي الأولويات في المطالب ورصد السياسة العامة للحزب التي تعد مؤشرا للوفاء بالتزاماته تجاه الناخبين، كما يحتوي أساليب التواصل مع المسؤلين الحكوميين للوفاء بالتزاماتهم.
رابعا/ دعم الحملات الإعلامية والانتخابية، والإعلان عن جهات ووسائل التمويل للحملات الانتخابية ومساعدة المرشحين، ووضع قواعد للثقة مع منظمات المجتمع المدني التي تتولي الضغط والرقابة وتوجيه العملية السياسية وخاصة في المواسم الانتخابية.

إن هذه الأولويات للأحزاب ستؤثر فعليا في إعادة الثقة من قبل القاعدة الشعبية ذات التجربة المريرة مع ديمقراطية كسيحة جعلتهم يشعرون بالندم على المشاركة فيها، وتحول البعض إلى رافضين ومعارضين بشدة للسياقات التي تعبر عنها الأحزاب على استحياء، في وقت تضاعفت فيه الأغلبية الصامتة، التي ترى أنها استهلكت في اللهاث وراء توفير الاحتياجات اليومية الشحيحة، وبدأت تتضاءل قوتها ولم تعد تؤثر في الأحداث السياسية وتقلص حراكها السياسي بعد أن كانت مؤثرة في انطلاق الثورات.

وهذه الشريحة الغائبة ستؤثر لاحقا حين تغيب عن العملية الانتخابية وستكون الانتخابات القادمة هامشية وهشة، وذات نتائج كسابقاتها، ما لم تتولَّ الأحزاب رصد هذه الأولويات وتعمل عليها في الداخل عبر كل الوسائل. وهنا لابد من التركيز على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التي تلعب دورا رئيسيًا ومؤثرا في إعادة تشكيل الوعي تجاه القضايا الأساسية المتعلقة بأهمية المشاركة السياسية على أسس ديمقراطية.