Atwasat

سيناريو إلى الخلف درَ!

أحمد الفيتوري الثلاثاء 17 أبريل 2018, 10:45 صباحا
أحمد الفيتوري

المشهد العام:
أولا: الحرب بالوكالة تتم في الشرق الأوسط فيما عرف سابقا دول الصمود والتصدي أي سوريا والعراق واليمن وليبيا، هي حروب أوروبية تاريخية مستعادة: روسيا القيصرية (بوتن) ضد دول التحالف الثلاثي الإمبريالية الغربية: بريطانيا وفرنسا وأمريكا مع الرديف الاستراتيجي إسرائيل.
لقد شبت هذه الحرب عقب الربيع العربي وتتمظهر بصيغ عدة في نزاع على النفوذ والمصالح في العالم، لكن ساحتها العالم القديم ما يعاد منه صياغة عالم ما بعد الحداثة (الانترنت) وحروب الفضاء القادمة... هذه الحرب هي نفط الحروب الأهلية في المنطقة.
ثانيا: الإرهاب والإرهاب المضاد الصيغة المستعادة من القرن التاسع عشر لتسوغ حرب الألفية الثالثة، ولهذا فإن هذه الحرب تقودها الاستخبارات أولا، وثانيا فإنها حرب تستخدم وسائل قروأوسطية مثل إقامة الحصون والهجرة وحتى استخدام غاز الخردل، ووقودها الميديا والتغريدات الالكترونية وما شابه.
ثالثا: الدين والعصبية هما قناع حرب لا عقلانية من مصطلحاتها: طائرات مجهولة الهوية، أسوار الحدود، خناجر ومداهمة بالعربات، مخاطر نووية تدار تلفزيونيا، إجراءات أمنية متطرفة وقيود على السفر وغير ذلك كثير.
رابعا: قيادات سياسية إمبراطورية الطابع مترددة وغير حاسمة وباهتة ومتشددة، وزعماء مطلقو السلطة يتكاثرون وفي نفس الوقت قادة ورؤساء سابقون يدانون بالفساد ويدخلوا السجون، أما الأحزاب فهي أحزاب وسط لا لون لها وغير قادرة وتقود تحالفات هشة.
خامسا: مشاركة نسائية واسعة في السلطة تعيد إنتاج ما هو معتاد، ولا تضيف أي جديد.
سادسا: سلطة رابعة هي الميديا التي باتت السلطة الأولي، معاضدة من سوشل ميديا قلبت الطاولة فغدت السلطات تشتكي من تغولها، والمواطن من قرقعتها دون أن يرى طحينا.
سابعا: عالم الثقافة فيه دين والمثقف أعلن موته، والنخبة تكنوقراط تفصل المراد وتقبض المقابل.

هذا هو مشهد العالم العام في سبع لقطات كبانوراما ملخصة ما يحدث حولنا وبنا وفينا في نفس الوقت، حيث العالم قفز من حال القري ة إلى حالة الشاشة على موبايل. وهو عالم ننتمي إليه غصبا ودون مقدمات ولا مؤخرات لقوته وفاعليته وإحاطته بالكل، ورغم أن تقنيته إليكترون فإنه شمولي يخترق الزمان والمكان وينشيء زمانه في أي مكان فهو اللحظة الراهنة ما تجب ما قبلها. أما المكان فلا خصوصية له وبالتالي لا هوية، المكان هو كل مكان محصور في شاشة موبايل حتى وإن كان حامله يقود جملا أو في كبسولة فضائية، فلسفة ذلك السفسطائية*. هذا هو العالم الذي تحكمه الديمقراطية، يحكم أنفاسه حكام ضد الديمقراطية ومحكومون بلا فعل في غيهم يعمهون وكأنهم (العمى)*...

المشهد الخاص
1- شاشات التلفزيون، الموبايل، الكومبيوتر تعرض الخبر عاجل منذ مطلع عام 2011 م من منطقة واحدة وفي حالة واحدة: ثورة وتقاتل وحروب أهلية دولية!، مع ملاحظة أنه منذ الحرب الإسبانية 1936م والحرب الأهلية حرب دولية!.
2- رغم أن جماهير الربيع العربي رفعت شعار حرية / كرامة فإن من سيطر الأقلية الممثلة في التيار الديني المسلح، وقد دعمت فصائله التي على خلاف إقليميا ودوليا...
3- الإرهاب وإرهاب الإرهاب هو الصيغة التي اعتمدت لدحر الثورة وإعادة صياغة سبل السيطرة على المنطقة والعالم، وبدا وكأن حربا ثالثة تخاض بالوكالة.
4- انقلاب تم ضد الربيع العربي كان واجهته التيار الديني المسلح ما يتمظهر فشله الذريع في المنطقة جملة فلقد احترق بالنار التي أشعلها وانقلبت عليه وبالا.
5- معضلة ما بعد داعش دوليا أن الحل اللا حل وأن التسويف مراد، وهو تكتيك من أجل إعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة، ولهذا يعاد تسويق الإرهاب من جهة ومن أخرى تؤجل معارك بالإمكان حسمها في الساعة.
6- العدوان الثلاثي على دمشق ليس لزعزعة نظام الدب الأسدي بل مهمته إلى الخلف درَ، وفي اليمن وكأن الحوثي قوى عظمى، وفي ليبيا المبعوث السامي للأمم المتحدة يخرج من قبعته الأرانب.
7- المشهد الخاص يستمد لقطاته وتفاصيله من المشهد العام: القوى العظمى في عراك في الشرق الأوسط حتى الآن، وآل الشرق وخاصة قادته يغوصون في رمال صحرائهم المتحركة في مثلث برمودا الإسلامي: طهران/ اسطنبول/الرياض واللقطة الرئيسة في هذا المشهد ثابة لا تتحرك.

ــ هوامش من الويكبيديا.
*السفسطة أو السفسطائية هي مذهب فكري فلسفي نشأ في اليونان إبان نهاية القرن السادس وبداية القرن الخامس ق.م في بلاد الإغريق، بعد انحسار حكم الأقلية الأوليغارشية وظهور طبقة حاكمة جديدة ديمقراطية تمثل الشعب، وقد ظهر السفسطائيون كممثلين للشعب وحاملين لفكره وحرية منطقه ومذهبه العقلي والتوجه المذكور هذا هو الذي كلفهم كل ما تعرضوا له من هجوم حتى ليصدق القول بأن السفسطائيين كانوا من أوائل المذاهب الفكرية التي تعرضت للتنكيل والنفي والقتل لمجرد كونها تخدم مصلحة الضعفاء والمساكين، فقتل أغلب قادتهم وشرد الباقون، كمثل ما حصل مع هيبياسي، الذي كان من أشهر قادة الديمقراطيين، والذي تعرض فيما بعد للإعدام. وكذلك بروتاجوراس الذي أوكلت إليه مهمة وضع دستور للبلاد الإغريقية إبان الحكم الديمقراطي الجديد، حيث أحرقت كتبه ونفي من أثينا. وغير ذلك "بروديقوس" الذي عذب وحوكم بالإعدام بشرب السم بتهمة إفساد عقول الشباب.

*العمى هي رواية كتبها البرتغالي جوزيه ساراماجو، وتعتبر من أبرز أعماله الأدبية هذه الرواية تحكي قصة تفشي وباء غير معلوم الأسباب، العمى يُصيب تقريباً كل السكان في مدينة مجهولة الإسم، وما يترتب على ذلك من تفكك المجتمع بشكل سريع. نتابع مأساة مجموعة من الأشخاص الذين كانوا أوائل المصابين بالوباء وتركز الرواية بشكل خاص على "زوجة الطبيب" وزوجها، حيث أن العديد من مرضى الطبيب وأشخاص آخرين يتم احتجازهم سوياً بمحض الصدفة. بعد قضائهم فترة طويلة وصعبة في الحجر الصحي، يترابط أفراد المجموعة ويصبحون كعائلة واحدة تقاوم وتدافع وتحاول النجاة ويخدمهم الحظ بوجود زوجة الطبيب التي لم يصبها الوباء ومازالت قادرة على الرؤية في مجموعتهم. كون هذا الوباء ظهر فجأةً وعدم معرفة سبب حدوثه وطبيعة العمى كل هذه الأمور تؤدي لانتشار ذعر واسع النطاق، ويُكشف النقاب عن النظام الاجتماعي سريعاً عندما تحاول الجهات الحكومية أن تُسيطر على الأوضاع وتحتوي العدوى عن طريق اتخاذ تدابير قمعية و حمقاء بشكل متزايد.