Atwasat

أنت سعيدة

د. مها المطردي الثلاثاء 20 مارس 2018, 11:10 صباحا
د. مها المطردي

إطار وهمي صُنع للمرأة غير المتزوجة في مجتمعنا شل قدراتها وجعلها تدور على حدوده.. فتشكلت أبعادها بأبعاده.. وتوهمت أنه القدرالمخيف.. وعاشت تُهيء نفسها وتركز كل اهتمامها وتفكيرها فيه وفي خوفها من أن تُوشم به.. فأصبح هو همها وشغلها الشاغل.. وكأن هذا الإطار هو الحد لبداية حياة أونهايتها بالنسبة لها. وهذا الإطار الذي ارتضته هي وتقمصت خوفها منه اُعطى لها اسم قبيح هو لقب "عانس".
يُزرع في عقل الفتاة منذ الصغر أن حياتها لن تكون مكتملة وسعيدة إلا عندما يأتي الرجل الذي يحمل مصباح علاء الدين لتحقيق أحلامها والذي سيمنحها السعادة الأبدية المطلوبة.. ويبدأ هذا الشئ في الارتباط بعقلها من أول دعوات العجائز والأهل في الصغر "يارب نشوفك عروسة" أو بعد أي نجاح لها "عقبال فرحك" وكأنهم يرمون بنجاحاتها عرض الحائط.. فلا فرحة لها ولانجاح مهما تفوقت إلا بعد أن تتزوج ذاك الرجل.
صحيح أنه من المبهج أن يحدث الزواج في حياتنا وهذا من ضمن قوانين استمرار الحياة.. ولكن لماذا قرنتِ سعادتك بالزواج فقط.. حتى ولو كان الزوج غير مناسب؟ لماذا منحتِ لغيرك الحق في أن يكون هو من يمنحك الحياة.. والله منحها لك كما منحها له؟
أنت إنسانة مكتملة.. بعملك بأصدقائك ونجاحاتك وهواياتك وحياتك المستمرة.. وأي شئ آخر هو إضافة لك فإن غاب عن حياتك فإن حياتك لا تنقص.
ولو حان موعد اتخاذ قرار الزواج ضعي خطا تحت اختيار الزوج المناسب لطباعك ولتفكيرك.. وتوخي الدقة حتى تصلي لمرحلة الراحة النفسية والسكينة التي هي الغرض من الزواج.. كي لا تندبي حظك بعدها.
حياتك ما هي إلا خانات فإن لم تكتمل إحداها فهذا طبيعي.. ولكن لابد أن يكون الأساس مكتملا.. وهذا الأساس هو أنت.. فأنت السبب في سعادتك.. أنت من تصنعها.. وأنت من تمنح هذه السعادة.
الزواج جميل.. ولكن إن لم يحدث فأنت سعيدة.. بحياتك التي صنعتها.. والتي اخترتِ طريقها.. فالزواج إضافة.. والأبناء أيضا إضافة.. هم حاجة فطرية، ولكن غيابهم لا يعني أن نكتئب ولا أن نوقف حياتنا عليهم .. فلا يوجد إنسان لديه كل شئ.. هناك من تزوج وليس سعيدا لسبب من الأسباب وهناك من لديه أبناء وحُرم منهم وهناك من تزوج ولم يهبه الله الأبناء وهناك من لديه كل شئ ويعيش حزينا لأنه لا يرى إلا مايملكه غيره.. وهذه اختلافات اجتماعية موجوده في كل المجتماعات.. ولكن فقط مجتمعنا من وضع لها إطارا محكما.. وأنت من أعطاهم الحق لسجنك في حدوده.
خلق الله روحك في أجمل صورها.. ولا نقص إلا ما نصنع بأيدينا.. فاستمري في حياتك واخلقي الجمال فيها .. وبدلي إطارك بإطار مبهج. فأنت آنسة سعيدة.